هل تنجح الإتصالات بمعاودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء؟

لا حلول جذرية قريبة للإستحقاقات العالقة طالما أن إنجاز الإستحقاق الرئاسي مؤجل حتى إشعار آخر، ما يعني أن عودة الإنتظام الكامل إلى عمل المؤسسات الدستورية سيبقى غائبا وسوف يتطلب دائما إجتراح الحلول المؤقتة التي تسمح بالحفاظ ولو بالحد الأدنى على بقاء الحكومة وإستمرار الحوار كمظلة أمان محلية تحمي لبنان قدر الإمكان من العواصف الهوجاء في المحيط والجوار اللبناني.

إلى ذلك، تبقى الأنظار متجهة إلى الوضع الحكومي المترنح عند “عقدة” آلية العمل في إنتظار ما ستحمله أجواء الرئيس تمام سلام في الساعات القليلة المقبلة، لتلمس الاتجاهات الحكومية خصوصا أن أي دعوة لجلسة الخميس المقبل لم توجه بعد إلى الوزراء، غير أن ذلك لا يعني في رأي مصادر حكومية أن الجلسة لن تنعقد، خصوصا إذا أثمرت حركة الإتصالات توافقا على الآلية أن بصيغة جديدة أو بعودة القديم إلى قدمه، بحيث يعمد المجلس عندئذ إلى إستكمال البحث في بنود جدول أعمال الجلسة الاخيرة.

وأشارت إلى إصرار لمسه سلام لدى جميع أطراف الحكومة لاستمرار عملها وعدم إدخال المؤسسة الدستورية الوحيدة العاملة في ضوء الشغور الرئاسي والتعطيل البرلماني، في مدار تعليق الجلسات أو وقفها نسبة للتداعيات الخطيرة الناتجة عن قرار من هذا النوع، كان حذراً منه أكثر من مسؤول خارجي، مؤكداً ضرورة تفعيل الحكومة في هذا الظرف ومشيدا بالدور الفاعل الذي يضطلع به الرئيس سلام في إدارته الحكيمة للجلسات في مرحلة الشغور الرئاسي وضرورة إستكماله.

وفي هذا السياق، رجحت مصادر وزارية واسعة الإطلاع لـ “الأنباء” بأن يشهد الأسبوع القادم معاودة مجلس الوزراء لعقد جلساته، مضيفة بأن ما شهدته كواليس الإجتماعات من مشاورات بين كبار الزعماء حول الملف الحكومي لا سيما الإجتماع الذي عقد في عين التينة بين الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، بالإضافة إلى الإتصالات الرفيعة التي تمت على خط معظم المرجعيات السياسية قد أفضت إلى نتيجة حاسمة وهي بأنه لا يجوز أن تستمر جلسات الحكومة السلامية معلقة إلى أجل غير غير مسمى، وضمن هذا التوجه تم الإتفاق مع رئيس الحكومة تمام سلام بأن يدعو مجلس الوزراء إلى عقد جلسة للحكومة يوم الخميس المقبل.

وليس بعيدا، توقفت أوساط سياسية مراقبة عند أبعاد اللقاء التشاوري الذي عقد في دارة الرئيس ميشال سليمان وتمخض عنه ولادة كتلة وزارية مستقلة وازنة قوامها 8 وزراء (ثلاثة للرئيس سليمان، ثلاثة لحزب الكتائب والوزيران المستقلان بطرس حرب وميشال فرعون) بما يعني عمليا انها تشكل ثلث الحكومة السلامية، تصوب بوصلة عملها في إتجاه وضع حد للشغور الرئاسي. وقال الوزير فرعون  أن الازمة ليست حكومية كما يصورها البعض بل أساسها غياب الرئيس والحل يكون بالانتخاب. واضاف: “نحن مستعدون للنقاش في الآلية ومع روحية الدستور التي تنص على التوافق أولا قبل التصويت. واستنادا إلى ذلك تصبح الصورة البانورامية للمواقف السياسية من الآلية على النحو الآتي: الرئيس تمام سلام لاتخاذ القرارات العادية بالثلثين بدلا من النصف زائدا واحدا، على أن تتخذ القرارات المصيرية بالاجماع بدل الثلثين والرئيس بري يتمسك بنص المادة 65 من الدستور المعمول بها في الحالات العادية، في حين تنحو القوى الوزارية المسيحية في إتجاه الإبقاء على آلية العمل السابقة.

على خط آخر، تستكمل الإجتماعات بين الرابية ومعراب بوتيرة متسارعة من أجل وضع اللمسات الأخيرة على مسودة “إعلان النوايا” التي شارفت على نهايتها، بعدما تم تقويمها في جلسة معراب بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والنائب إبراهيم كنعان. وقالت أوساط المجتمعين لـ”المركزية” أن الجلسة إستكملت البحث في بعض النقاط العالقة ويمكن الإعتبار أن الامور إنتهت في المضمون إذ تم التوافق على مجمل المواضيع المطروحة لكن العمل ما زال جاريا على معالجة بعض الملاحظات في الشكل، مؤكدة أن المواضيع الخلافية لن تدرج في بيان “إعلان النوايا” وتوقعت الأوساط أن يعقد اللقاء المنتظر بين العماد عون وجعجع قبل عيد الفصح في 5 نيسان المقبل.

أما الحوار الإسلامي الذي يترقب المعنيون موعد جلسته السابعة في بحر الأسبوع المقبل، فأشارت مصادر متابعة إلى أنه سيستكمل مقاربة الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب انطلاقا من رؤية تيار “المستقبل” بوجوب وجود سلطة سياسية كاملة وانتخاب رئيس جمهورية لوضع إطار لها، كما سيبحث المجتمعون في سبل توسيع الخطة الأمنية في إتجاه بيروت والضاحية الجنوبية بعدما نفذت بقاعا.

من جهة ثانية، وعلى عتبة “شهر الاستحقاقات” الذي يطبع آذار المقبل نسبة للمحطات المهمة التي ستتخلله من توقيع إطار الإتفاق النووي إلى الإنتخابات في إسرائيل والمخاوف من إمكان حصول إهتزازات أمنية قبل إجرائها، توقعت مصادر ديبلوماسية أن يشهد لبنان زيارات لعدد من المسؤولين الأوروبيين في سياق مسلسل الزيارات الذي بدأ مع الوفد الأوروبي خلال الاسبوع الجاري. اشارت إلى إحتمال وصول مسؤول فرنسي إلى بيروت لمتابعة مواضيع عدة من بينها تسليح الجيش من ضمن هبة الثلاث مليارات دولار السعودية والتشاور في الأوضاع الإقليمية ومفاعيل الاستحقاقات الاذارية والآلية الكفيلة بتحصين الساحة اللبنانية من تداعياتها.

على صعيد آخر، وبعد أزمة شحّ المازوت في بعض المناطق اللبنانية وتحديداً البقاع، برزت إلى الواجهة أزمة من نوع آخر تُرجمت في شحّ كميات “طحين الفرخة” و”السميد” في الأسواق الإستهلاكية. مصادر في القطاع التجاري أفادت أن عدداً من التجار “شكا من نقص في مادتي “طحين الفرخة” و”السميد” اللتين تستعملان في صناعة حلويات عيد الفصح (المعمول والكعك وغيرهما…)”.

وعزت سبب هذا النقص إلى “عدم توفر القمح القاسي المحلي لدى المطاحن لصناعة “طحين الفرخة”، علماً أن هذه المطاحن تطالب بتأمين هذا النوع من القمح المتوفر لدى “مديرية الحبوب والشمندر السكري” في وزارة الإقتصاد والتجارة”. وأوضحت المصادر ذاتها، أن “الوزارة لم تبعْ هذا القمح لموسم 2014 كما تجري العادة سنوياً، ما حال دون توفر الطحين المخصّص لحلويات العيد هذا العام”.

أما على صعيد تسويق المازوت الأحمر بقاعاً، فطمأنت مصادر متابعة في قطاع النفط إلى أن “الحركة عادت طبيعية وأصبح المازوت متوفراً بكميات كبيرة في المحطات، وهي بالتالي تلبي حاجات المواطنين في موسم الثلج والصقيع”. لكن هذه المصادر لم تغفل الإشارة إلى “عملية التخزين التي يلجأ إليها السماسرة وبعض التجار، لبيع هذه المادة بأسعار مضاعفة”، لافتة إلى أن “مع كل أزمة محروقات في موسم الشتاء يبرز ما يسمى بـ”السوق السوداء” التي يديرها التجار والسماسرة، لا أصحاب شركات إستيراد النفط ولا أصحاب المحطات وصهاريج النقل”.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الإقتصاد والتجارة الآن حكيم سبق وحذر في الأيام الأخيرة “كل مَن يحتكر المازوت ولا يسلمه وفق حاجة السوق اللبنانية، من سحب رخصة عمله وفق القوانين المرعية الإجراء وعبر الصلاحيات المعنية، وإنزال العقوبات المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك وقانون منع الإحتكار”.
_________________

(*) – إعداد: هشام يحيى