حراك سياسي وحوار إيجابي وحكومة معطلة!!

الخلافات العميقة والمتجذرة بين الكتلتين السياسيتين الكبيرتين في لبنان والتي برزت واضحة في اللغة التصعيدية التي اعتمدها كل من زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قي إطلالتيهما الأخيرة، وفي مناسبتين عزيزتين على جمهوريهما، قدم فيها كل فريق نظريته الاستراتيجية المناقضة لنظرية الفريق الآخر، لكن الخطيبين إجتهدا في تصوير صوابية رؤيتيهما مؤكدين أنها تنقذ لبنان، فيما لبنان بلا رئيس للجمهورية منذ ما يقارب الأشهر التسعة، وحكومته التي احتفلت بسنويتها الاولى معطلة تنتظر رفع يد المتحاورين عن آليات عملها وفك أزرها بعد أن بات كل وزير بمثابة رئيس للبلاد يعطل ما يشاء من قرارات.

وسط هذه الأجواء التصعيدية إنعقدت جلسة الحوار السادسة بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” في مقر الرئاسة الثانية بعين التينة، حضر الاجتماع المعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن “تيار المستقبل”. كما حضر الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة، صدر البيان الآتي: “جرى إستكمال الحوار بروح جدية في المواضيع المطروحة، وحصل تقييم إيجابي للخطة الأمنية في البقاع والخطوات التي حصلت على صعيد نزع الأعلام والصور في المناطق المختلفة والالتزام الجدي لها”.

ودعا المجتمعون القوى السياسية والمرجعيات للمساعدة على وقف ظاهرة اطلاق النار في المناسبات أياً كان طابعها.

وجرت مقاربة للدعوات المتبادلة حول سبل الوصول إلى الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب، وفتح النقاش حول آلياتها”.

وأبلغت مصادر المجتمعين “النهار” أن النقاش في الجولة السادسة تركز على موضوع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، لكن أياً من الفريقين لم يقدم طرحاً كاملاً او تصوراً ناجزاً لهذه الاستراتيجية بل إنطلقا من كلام الحريري ونصرالله عنها وتوافقهما على ضرورة التوصل اليها تحت سقف الدولة كما يطرح الأمر “تيار المستقبل”. وأشارت إلى أن أي بند آخر لم يطرح وأن الجو كان أكثر من إيجابي.

وأكد الوزير المشنوق في حديث إلى محطة “المستقبل” أن “الحوار مستمر وجدي وهناك أرضية مشتركة”، مذكراً بـ”أن الرئيس سعد الحريري تحدث بشكل واضح وصريح، ودعا الى إستراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب، والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله استجاب هذه الدعوة ولذلك الحوار قائم على ايجاد الآلية الطبيعية والدستورية لتنفيذ هذه الاستراتيجية”.

وقال: “هناك ضرورة قصوى وسط كل هذه الحرائق لايجاد أرضية مشتركة واستراتيجية وطنية مشتركة لمكافحة الارهاب يشارك فيها الجميع. بحثنا في هذه النقطة في الجلسة وسنستكمل الحوار حول هذا الموضوع ولم نصل إلى نتيجة لغاية الآن ولكن حددنا موقفنا بشكل واضح استناداً الى كلام الحريري، وفريق حزب الله المشارك في الحوار حدد بعض المواقف واستمهل لاكمال البحث”.

من جهة أخرى وفي ما إستمر تعطيل نصاب الانتخابات الرئاسية للشهر التاسع إتسمت الحركة السياسية الداخلية بحيوية استثنائية متعددة الاتجاه بفعل وجود الرئيس سعد الحريري في بيروت منذ السبت الماضي، حيث تزامنت زيارة رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون لبيت الوسط ولقاءه الرئيس الحريري مع إنعقاد الجولة السادسة من الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” في عين التينة، وفي اليوم الذي بلغ “عداد” الجولات الانتخابية الرئاسية الرقم 19 من الجلسات النيابية الفاقدة للنصاب.

وإذا كان “طيف” الإنتخابات الرئاسية خيم على لقاء الحريري – عون، فإن طيف فراغ أو بالاحرى تعطيل آخر بدأ يتمدد على الحكومة بفعل عدم التوصل إلى تفاهم على آلية اتخاذ القرارات فيه، حيث نقلت أوساط مقربة من رئيس الوزراء تمام سلام أنه أراد من وقف جلسة الحكومة هذا الاسبوع التي صادف موعدها الخميس حث كل الاطراف على إستشعار فداحة ما وصل اليه العمل الحكومي مما اقتضى الدعوة إلى إعادة النظر في الآلية المتبعة التي جعلت البلاد الفاقدة للرئيس الاول بـ 24 رأس، وكي يصبح العمل الحكومي أكثر إنتاجية. ودعت إلى انتظار حصيلة الاتصالات الجارية لمعرفة ما سينتهي إليه الأمر الأسبوع المقبل، وأوضح أن إتصالات الرئيس سلام شملت كل الأطراف دون استثناء.

وفيما رأت مصادر وزارية إمكانية حلحلة عقدة الآليات، برزت مشكلة التمديد للأجهزة الأمنية حيث لا تزال الحملة التي شنها العماد عون على وزير الدفاع الوطني سمير مقبل تتفاعل، والتي تحمل في مضمونها رفض عون التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجة.

أزمات الحكومة المختلفة قد تسلك طريق الحلحلة على قاعدة تسوية إعتاد على نسجها الأطراف تحت سقف “لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم”، لا سيما وأن استمرار تعطيل الحكومة يوقع البلاد في أزمة سياسية وإجتماعية واقتصادية ويقرب أجل البلاد بحيث لا يمكن تشكيل حكومة بديلة في ظل الفراغ الرئاسي، الأزمات التي تحيط بالمنطقة.

المصادر الحكومية توقعت حلحلة العقد الحكومية في الاسابيع القادمة، لا سيما وأن الجميع لا يحتمل دفع البلاد إلى أزمة سياسية غير محسوبة العواقب.

————————————
(*) فوزي ابوذياب