ما هي آخر التطورات الميدانية لمعركة ريفيّ القنيطرة ودرعا في سوريا؟

“ما بين كر وفر” هو واقع حال المعارك الضارية الجارية على مثلث درعا – القنيطرة – ريف دمشق بعد أن تمكن ثوار المعارضة السورية من إمتصاص وإستيعاب الهجوم الواسع الذي شنه جيش النظام وحلفاءه منذ أيام.

وفي هذا الإطار، كانت قد بدأت قوات النظام معركة للسيطرة على المدن والبلدات التي تشكل نقاط التقاء بين محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق، بينما تحاول قوات المعارضة في المقابل إقتحام بلدة قرفا بريف درعا الغربي، حيث شنت عدة هجمات على مواقع النظام في البلدة، وذلك لقطع طرق إمداد قوات النظام، إضافة إلى قربها من بلدة إزرع المهمة لقوات النظام.

بدورها ، ذكرت وكالة سوريا برس (التابعة للمعارضة) أن جيش النظام وحلفاءه فشلوا في اقتحام بلدة حمريت الإستراتيجية التي تتصل بمحافظات درعا والقنيطرة وريف دمشّق. وأضافت الوكالة أن المعارضة المسلحة تصدت لقوات النظام وحلفائه، وتمكن مقاتلوها من تدمير دبابة، وقتل وإصابة عدد من قوات النظام.

في المقابل، ومن جانب رواية النظام، قالت وكالة سانا الرسمية إن الجيش النظامي سيطر على بلدتي دير العدس وتل المْصَيَح في ريف درعا. وأضافت الوكالة أن الجيش سيطر أيضاً على بلدة الدناجي الواقعة ما بين ريفي دمشق والقنيطرة، وقتلَ من وصفتهم بالعناصر الإرهابية.

وأشارت إلى أن الجيش النظامي يخوض معارك أيضاً في منطقتي اللُجاة وتل الحارَّة، وذلك ضمن معركة واسعة أطلقها في أرياف محافظات القنيطرة ودرعا ودمشق.

من جانبه، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن قوات النظام والجماعات المسلحة الحليفة لها، وعلى رأسها حزب الله، تتقدم في مثلث درعا والقنيطرة وريف دمشق، إثر سيطرتها على بلدة دير العدس الإستراتيجية والتلال المحيطة بها.

وأضاف أن السيطرة على دير العدس والتلال المحيطة بها في ريف درعا الشمال الغربي، فتح الطريق أمام القوات النظامية لتتقدم بإتجاه عمق هذه المنطقة.

وأفاد المرصد أن حزب الله هو الذي يقود الهجوم في “الجبهة الجنوبية” مشيرا إلى مقتل عشرين مسلحا من المعارضة الخميس بكمين نفذه الحزب، قرب دير العدس، وفي الاشتباكات مع القوات السورية وحلفائها.

وبحسب المعلومات الميدانية، لقد تمكنت القوات النظامية وحلفائها من السيطرة على قرية دير العدس في ريف درعا الشمالي، بعد صمود أسطوري لحوالي أربعين مقاتلاً فيها من ثوار “دير العدس”، وبعض الكتائب التي آزرتهم واستمرت معهم إلى حين التفاف الجيش الأسدي عليهم من جهة كفر شمس وهي منطقة محررة، حيث استطاعت الدبابات الدخول لتمشط القرية ودخل مشاة قوات النظام بعدها، ولكن سيطرتهم لم تدم لفترة كبيرة –كما يؤكد محدثنا- حيث “إستطاع الثوار وبعد استقدام تعزيزات من القنيطرة استعادة القرية ودحر قوات النظام وحزب الله تدمير ثلاث دبابات وإعطاب رابعة في دير العدس”.

كما أوقع المقاتلون عناصر حزب الله اللبناني في كمين محكم بعد دخولهم “الهبارية”، والتفوا عليهم وقتلوا أكثر من 10 عناصر، وتمكنوا من أسر آخرين، كما تمكّنوا من دحرهم من قرية “دير ماكر” و”تلول فاطمة” بعملية كبيرة تم خلالها أسر عناصر من حزب الله اللبناني، وقتل 40 من شبيحة النظام، حسب ما صرحت به ألوية سيف الشام وجبهة النصرة وألوية الفرقان.

وأشارت المعلومات أن “العمليات العسكرية توقفت بشكل مؤقت بسبب الأجواء الشتوية والأمطار والثلوج، كما توقف النظام عن العمليات البرية بسبب طبيعة المنطقة التي تعيق أي تحرك في مثل هذه الظروف”، مضيفاً أن “عمل قوات نظام الأسد اقتصر في الفترة الأخيرة على قصف متقطع بشكل خفيف بين الفينة والأخرى”.

بدوره، أكد وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، اللواء سليم إدريس، أن النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه تحاول السيطرة على جنوبي دمشق ومناطق درعا بهدف الوصول إلى الشريط الحدودي في جنوب لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله.

وقال في تصريح إن هناك قتلى وجرحى وأسرى في صفوف الميليشيات التي تحارب الجيش الحر في الجنوب، ومعظمهم غير سوريين، وهناك إيرانيون بينهم، “وهذا يدل على تدخل إيراني سافر على الأراضي السوري، ونحن نعتبر هذا التدخل غزوا”. وقال إدريس إن “الأحداث تسير باتجاه خطير للغاية في الجنوب، ونحن نعمل على منع تحقيق أهداف النظام والميليشيات الإيرانية، ندرك أنه لدينا صعوبات واحتياجات، وميزان القوى هو لصالح الميليشيات الإيرانية، لكن مقاتلي الجيش الحر هم من أبناء المنطقة الجنوبية، وهذه ميزة تحسب لنا”.

وشدد اللواء إدريس على أن برنامج تدريب المقاتلين حتى يكون ناجحاً ومفيداً للثورة السورية يجب أن يكون بالتنسيق مع وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، “يجب أن يكون هناك تنسيق كامل معنا، وحتى الآن لا يوجد هكذا تنسيق”.من جهة أخرى، تواجه خطة الأمم المتحدة لما يسمى “تجميد القتال” في مدن ومناطق بسوريا تبدأ من مدينة حلب شمال البلاد طريقا مسدودا في ظل شعور النظام في دمشق بعدم حاجته إلى تقديم تنازلات لفصائل المعارضة المسلحة المختلفة، بحسب ما أفاد به دبلوماسيون مطلعون على المفاوضات الأممية لوقف إطلاق النار. ورغم أن الأمم المتحدة تتحدث عن استمرار المحادثات للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، إلا أن وكالة رويترز نقلت عن أحد الدبلوماسيين أن “التجميد مجمد، ويسير من سيء إلى أسوأ”.

من جانبه أشار دبلوماسي ثاني إلى أن المحادثات بين فريق الأمم المتحدة والحكومة السورية لم تحرز تقدما، وعزا ذلك إلى أن دمشق تريد وضع الخطة استنادا إلى هدنات سابقة وحصار أجبرت مقاتلي المعارضة على الاستسلام، وإن الأمم المتحدة تريد تجنب هذا. وأضاف “ليس هناك ما يدعو النظام إلى دخول التجميد، فهو يعتقد أن أداءه العسكري جيد جدا، وأن لديه إمكانية إغلاق الممر إلى حلب ووضعها تحت الحصار”.

وفي هذا السياق، يقول دبلوماسيون إن المنظمة الدولية تريد تجنب نقل قوات النظام السوري إذا ما حصل اتفاق من حلب إلى أجزاء أخرى من البلاد لمواجهة قوات المعارضة. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعمل وسيط الأمم المتحدة في سوريا ستيفان دي ميستورا على خطة للوساطة في وقف إطلاق النار في مناطق بعينها فيما يسمى “التجميد المحلي”، تبدأ من مدينة حلب في شمال سوريا، لتخفيف حدة القتال الذي أودى بحياة أكثر من 200 ألف شخص منذ اندلاع ثورة شعبية تحولت إلى مسلحة قبل نحو أربعة أعوام، وتشير جماعات حقوقية إلى مقتل نحو 2700 شخص في يناير/كانون الثاني وحده.

_______________
(*) – إعداد: هشام يحيى