من يسأل عن “قفص” حرق أطفال “دوما” في سوريا؟

وجّه أطفال من مدينة دوما السورية المجاورة للعاصمة دمشق، والتي تتعرض منذ أيام لقصف عنيف من قبل طائرات ومدافع القوات الحكومية السورية الموالية لنظام بشار الأسد، رسالة إحتجاج إلى العالم ضد القصف وضعف المواقف الدولية، وذلك بتصوير أنفسهم داخل قفص على وشك الاشتعال مثل الطيّار الأردني معاذ الكساسبة الذي قتله تنظيم ـ”داعش” بالطريقة نفسها.

وجمع الناشطون الذين عملوا على تصوير الأطفال عددا منهم في موقع تعرّض قبل أيام لقصف عنيف أدى إلى سقوط أكثر من 50 قتيلا في دوما، وجرى وضع الأطفال في قفص مع حمل شعارات تنتقد مواقف مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا وما تصفه بـ”الصمت الإعلامي” حيال ما يحصل في دوما، في مشهد تمثيلي يهدف لإيصال احتجاجهم إلى العالم.

إلى ذلك، سقط عدد من القتلى وعشرات الجرحى جراء إستمرار القصف من قبل قوات النظام السوري على مدينة دوما في الغوطة الشرقية بـريف دمشق، بينما دارت إشتباكات على أطراف المدينة ذاتها مما أدى إلى مقتل عناصر من قوات النظام.

وذكرت التقارير الإعلامية من ريف دمشق إن أربعة مدنيين قتلوا، بينهم إمرأة وطفلها، وجرح عشرات في دوما بقصف عنيف براجمات الصواريخ من قبل قوات النظام، إستهدف أحياء سكنية.من جهتهم، ذكر ناشطون أن عدد القتلى بلغ خمسة، مشيرين إلى أن جثة الطفل تمزقت إلى أشلاء بعد أن تعمدت الغارات الجوية إستهداف عشرات المنازل للمدنيين في المدينة. وقالت شبكة سوريا مباشر إن العشرات أصيبوا بجروح بينهم حالات خطرة، ولفتت إلى أن معظم الجرحى من الأطفال، نظرا لاستهداف مدرستين بالقصف الصاروخي والمدفعي.

في المقابل قالت الوكالة ذاتها، إن ستة عناصر من قوات النظام بينهم ضابط قتلوا نتيجة إشتباكات على جبهة مخيم الوافدين على أطراف مدينة دوما، وأضافت أن قوات المعارضة تمكنت من تدمير دبابتين وناقلة جنود وآلية عسكرية على الجبهة ذاتها. يأتي ذلك بينما ألقى الطيران المروحي ثلاثة براميل متفجرة على مزارع خان الشيح بريف دمشق الغربي.

وجاء هذا القصف عقب تعرض نقاط تابعة للنظام السوري في العاصمة دمشق لهجوم بعشرات الصواريخ من قبل المعارضة المسلحة، أدى إلى مقتل خمسة أشخاص.

وفي السياق عينه، جرى رصد كثر من مائتي برميل وما يزيد عن 450 صاروخا متفجرا وفراغيا أطلقها الطيران المروحي والحربي للنظام على مدن وبلدات سورية خلال خمسة أيام، حسبما أورده مكتب “إحصاء جرائم النظام” في شبكة إعلام الساحل. وأكدت النشرة الإحصائية التي أصدرها المكتب أن الغوطة الشرقية في ريف دمشق نالت العدد الأكبر من القصف، حيث إستهدفها طيران النظام بـ110 براميل و230 صاروخا من طيران الميغ والسوخوي.

ونالت مدن وبلدات في ريف حماة حصة كبيرة من طيران النظام، حيث ألقيت عليها عشرات البراميل والصواريخ التي استهدفت منازل المدنيين في مدينتي اللطامنة وكفرزيتا على وجه التحديد.واستهدف طيران النظام جبهات القتال في سيفات وحندرات وتل المياسات في محيط مدينة حلب بـ140 برميلا وصاروخا.

وتزامن هذا القصف مع التقدم الذي أحرزه الجيش الحر في هذه المنطقة وسيطرته على عدة مواقع جديدة، منهيا بذلك طموح النظام إلى محاصرة مدينة حلب. ولم يغفل النظام مدن ريف إدلب الخاضعة لسيطرة الجيش الحر، فشن عليها عشرات الغارات تركزت على سراقب والقرى المحيطة بها، إضافة إلى إلقائه براميل وصواريخ على محيط مطار أبو الضهور العسكري الذي يتعرض لهجوم من جبهة النصرة بهدف السيطرة عليه.

من جهة أخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الاشتباكات العنيفة المستمرة في جنوب سوريا أسفرت عن مقتل عشرات من القوات الحكومية ومقاتلي حزب الله ومسلحي المعارضة في الأسبوع المنصرم، وتكهن بأعمال عنف أشرس مع تحسن الأحوال الجوية. وبدأ الجيش السوري وحزب الله حملة واسعة النطاق في المنطقة الأسبوع الماضي ضد جماعات المعارضة ومنها جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة وجماعات معارضة معتدلة. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ومقره بريطانيا، إن أكثر من 50 من مقاتلي المعارضة قتلوا في المعارك وأضاف أن 43 من أفراد الجيش السوري والجماعات المتحالفة معه لقوا حتفهم ايضا بينهم 12 ضابطا. وذكر أن الآن وبعد تحسن أحوال الطقس سينفذ الجيش السوري ضربات جوية مما سيؤدي لتقدم القوات.

وقال عبد الرحمن إن نحو خمسة آلاف من أفراد القوات الموالية للحكومة يشاركون في الحملة التي تهدف الى استعادة مثلث من الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة من المناطق الريفية جنوب غربي دمشق الى مدينة درعا الى القنيطرة. وكانت مصادر من طرفي المعركة ذكرت أن الحملة تهدف الى حماية دمشق التي تقع على مسافة قريبة بالسيارة الى الشمال.

وحقق مقاتلو المعارضة مكاسب كبيرة في الأشهر القليلة الماضية فسيطروا على عدة قواعد عسكرية. وقال المتحدث باسم جماعة ألوية سيف الشام ابو غياث، إن الكر والفر بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام لا يزال مستمرا. وألوية سيف الشام جزء من تحالف “الجبهة الجنوبية” الذي يحظى بدعم من دول معارضة للأسد. وأضاف ابو غياث: “إن القتال هدأ في اليومين الماضيين لكن الجيش يسعى لتطويق قرية شمال شرقي القنيطرة وسيطر على بلدات وقرى الى الجنوب من دمشق”.

وأشار عبد الرحمن إلى أن عشرة مقاتلين من الجانب الحكومي أعدموا بعد إتهامهم بتسريب معلومات للعدو، وأضاف أن مقاتلين من جبهة النصرة قتلوا في الاشتباكات لكن عددهم غير معلوم. وعرقل الطقس الشتوي القتال في الأيام القليلة الماضية وحال دون تنفيذ ضربات جوية. وقال عبد الرحمن إن الجيش والجماعات المتحالفة معه يعتزمون إشراك عشرة آلاف مقاتل في الحملة.

في السياق عينه، قالت وكالة سانا السورية للأنباء إن خطوط الغاز المغذية لمحطات توليد الكهربائي في جنوب العاصمة دمشق تعرضت لهجوم أدى لتوقفها عن العمل. وأفاد ناشطون بأن انفجارا وقع في خط الغاز الواصل إلى محطة تشرين الحرارية بالقرب من مطار دمشق الدولي، مما أدى لنشوب حريق هائل.يذكر أن المعارضة المسلحة أعلنت عن استهدافها مطار دمشق الدولي المجاور لمكان الانفجار بصواريخ كاتيوشا، وقالت إنها حققت فيه إصابات محققة.

وفد أفادت المعلومات عن إستعادة المعارضة المسلحة السيطرة على عدة نقاط حيوية على أطراف حي جوبر في العاصمة دمشق بعد هجوم مباغت على قوات النظام الموجودة في مواقع انتزعتها من المعارضة منذ عدة أشهر. وتحاول قوات النظام بشكل مستمر التسلل إلى الحي الدمشقي المدمر جراء حملات القصف الممنهجة التي يشنها النظام. وأكدت شبكة شام أمس سقوط صاروخين على مدينة داريا بريف دمشق، في حين سقط عدد من الجرحى جراء قصف مدفعي على مدينة المعضمية، كما تعرضت مدينة الزبداني لقصف بقذائف الهاون.

(*) – إعداد: هشام يحيى