بعد عام على تشكيل الحكومة…هل ينجح الرئيس سلام في انتاج آلية جديدة للعمل الحكومي؟

لا يزال الوضع الحكومي على حاله من المراوحة وفقدان الانتاجية بعد مرور سنة على تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام الذي أكدت أوساطه بأنه ”لن يدعو إلى جلسة جديدة لمجلس الوزراء إلا بعد إستكمال إتصالاته بشأن الآلية وتحديداً مع الرئيس نبيه بري”، مؤكدة “بأن الرئيس سلام لن يوقف أعمال الحكومة وعدم الدعوة لن يطول في ظل معرفته بأوضاع البلد رغم امتعاضه من عمل الحكومة ومحاولات تعطيلها”.

واللافت، حسب مصادر وزارية، أن موضوع “آلية عمل الحكومة تحول إلى قضية طائفية في ظل رفض الوزراء المسيحيين تغييرها بمختلف توجهاتهم حتى الوزراء المختلفين داخل مجلس الوزراء”، حيث أكد وزير الاتصالات بطرس حرب أنه يرفض إعتماد آلية تخالف الدستور، “فأنا لن أقبل بها ولن أكون شريكا، وأنه لا يمكن تكريس أعراف جديدة لتبرير إستمرار الفراغ الرئاسي”.

إلى ذلك، إستبعدت مصادر وزارية أن يدعو رئيس الحكومة تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء قبل البت في آلية عمل مجلس الوزراء. وقال أن سلام قبل دعوته الحكومة للانعقاد يريد أن يطمئن إلى أن هناك انتظاما في عمل مجلس الوزراء، وأن الجميع يريدون تحمّل المسؤولية في إدارة شؤون البلاد، بحيث لا تبقى جلسات الحكومة من دون إنتاج.

ورأت المصادر أنه ليس هناك أزمة في العمل الحكومي إنما الأمور متأزمة، من حيث التعطيل والتعطيل المضاد، وهو ما ظهر في الجلسة الأخيرة للحكومة.

ولاحظت المصادر أن مسار الأمور بخصوص الآلية غير مقفل، رغم وجود تباين في مواقف الكتل النيابية من طريقة مقاربة هذه الآلية، خصوصا أن بعض الكتل المسيحية قلقة من أن يؤدي ذلك إلى جعل الأمور وكأنها في مسار عادي، وأن لا فراغ في رئاسة الجمهورية.

وأشار المصدر إلى أن سلام سيواصل اتصالاته في الساعات المقبلة بخصوص الآلية، ولذلك سيزور بري في نهاية الأسبوع الحالي. إلا أن مصادر نيابية إستبعدت إقرار بعض الكتل بإعتماد آلية جديدة لعمل الحكومة تنطلق من آليات الدستور التي كانت تعتمد خلال وجود رئيس للجمهورية وأوضحت أن لا مصلحة لهذه الكتل – على ما يبدو – بتعديل الآلية المعمول بها حالياً حتى لا يحصل تجاوز لها في خلال الجلسات، وتحديداً من خلال إقرار المراسيم.

أما وزير الثقافة روني عريجي فرفض بأي شكل تغيير الآلية المعتمدة في الحكومة لانها عرف دستوري، لافتا إلى أن كل مشروع مرسوم ذي بعد وطني بحاجة إلى إجماع، أما الأمور العادية فبحاجة إلى أغلبية مطلقة، كما إتهم الوزير الياس بو صعب تعطيل بعض الوزراء للمراسم العادية وغير العادية ولا يجوز لأي وزير التعطيل، ولو بغياب رئيس الجمهورية، فيما أكد وزراء الكتائب أنهم يرفضون تغيير الآلية المعتمدة، وهذا الموقف يتمسك به وزراء التيار الوطني الحر رغم إمتعاضهم من تصرفات الوزير بطرس حرب.

وفي المقلب الآخر، فإن وزراء أمل والاشتراكي والمستقبل يؤكدون أنه لا يمكن الإستمرار بهذا النهج من التعطيل وفي ظل هذه الآلية، ويطالبون بآلية تقوم على إتخاذ القرارات عبر التصويت بالاكثرية، خصوصا أن الرئيس نبيه بري ممتعض جداً من الرفض المسيحي لفتح دورة إستثنائية بسبب تمسك الوزراء المسيحيين بأن هذا الحق لرئيس الجمهورية فقط.

وأشار وزير الشباب عبد المطلب حناوي إلى «وجود صعوبات في إستكمال الوضع على هذا النحو في ظل حاجة الوزارات إلى إقرار التعيينات، وإذا لم يتم الاتفاق عليها سيقر التمديد. كما أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن الأمور الحكومية «ليست ماشية ولا يمكن الاستمرار في هذه الطريقة رغم تأكيدات الجميع واصرارهم على استمرار عمل الحكومة”.

وفي السياق عينه، وفيما استبق التوتر الذي ساد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء مساعي الرئيس تمام سلام لوضع آلية عمل جديدة للحكومة، فان اللقاء  بين الرئيسين تمام سلام ونبيه بري شكل محطة استراتيجية في مضمار البحث عن الآلية الكفيلة بتسيير الشؤون الحكومية من دون إنفراط العقد الوزاري، علما أن الرئيسين يؤيدان هذا التوجه ويدركان محاذير خوض غماره نسبة لكمّ الخلافات المتوقع ان ينتج منه لا سيما لدى القوى السياسية المشاركة في الحكومة وغير الراغبة في التنازل عن ورقة “الفيتو” التي تمتلكها.

إلا أن ان الموضوع، على صعوبته، يوجب حلا سريعا يبدو بدأ البحث عنه بين المقار السياسية حيث باشر سلام جولة لقاءات واتصالات مع وزراء ومسؤولين سياسيين للتشاور في الآلية الواجب توافرها لاعادة دوران العجلة الحكومية. كما حضر الملف في إجتماعات عدة عقدت بين عدد من المسؤولين لا سيما في الرابية التي زارها وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور معلنا ان لا أحد يريد أن يسقط هيكل الحكومة والمطلوب تسيير عملها والانتقال من التعطيل المتبادل إلى العمل المتبادل والتفاهم من دون الدخول في سوابق دستورية جديدة تنتج صراعات مستقبلا.

غير أن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس قال لـ”المركزية” ليست الصيغة الحالية للحكومة غير صالحة بل الحكومة كلها، والامور “مش ماشية”، لكنه أكد أن لا خطر على مصير الحكومة.

على صعيد آخر، واصلت القوى الامنية في البقاع اجراءاتها المشددة لجهة الاستمرار بتنفيذ المداهمات وتحديداً في بلدات بريتال وحورتعلا والحمودية ودورس على أن تنتقل إلى باقي قرى البقاع، في ظل عدم وجود اي محظور على دخول اي بلدة في ظل غطاء شامل من القوى الحزبية في البقاع للخطة الامنية.

وقد بلغت حصيلة العمليات توقيف 56 شخصا ومخالفا وضبط 18 سيارة مسروقة ومن دون أوراق قانونية وحوالى 2 طن من مادة حشيشة الكيف موضبة داخل مستودع في بلدة الحمودية بالاضافة إلى كمية من الاعتدة العسكرية والذخائر واجهزة الاتصال، وتم تسليم الموقوفين مع المضبوطات الى المراجع المختصة لكن اللافت أنه لم يتم الغاء القبض على اي رئيس عصابة.

وفي هذا الساق، تفقد وزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير عام الامن العام اللواء عباس إبراهيم، ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، سير تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع. وعقد الوزير المشنوق مؤتمراً صحافياً في ثكنة ابلح بعد ترؤسه اجتماعاً امنياً لقادة الاجهزة في البقاع. وأكد المشنوق أن كبار المطلوبين هربوا إلى سوريا وان الخطة الامنية ستمنع عودتهم الى البقاع. وشدّد المشنوق على أن لا احد فوق القانون. وتحدث عن ترحيب الاهالي بالدولة وتحديداً في بريتال، “وهذا ما يجعلني اقول ان هؤلاء هم اولاد دولة لكن المنطقة تعاني من الحرمان”.

وكان المشنوق وإبراهيم وبصبوص قد وصلوا إلى تل عمارة في رياق وتفقدوا حواجز الجيش والامن العام وقوى الامن الداخلي على امتداد الطريق الدولي وصولا الى بريتال، حيث جرى للوفد استقبال شعبي. وشدد المشنوق على أن المنطقة بحاجة الى الانماء ليكون الامن والانماء مترافقين، لان هاتين المنطقتين تحتاجان إلى خطة انسانية استثنائية.

___________________

(*) – إعداد: هشام يحيى