هل مراكز التجميل في لبنان مطابقة للمواصفات؟!

علا كرامة – الأنباء

…وتبقى صحة الإنسان اللبناني من أولويات وأهداف وزارة الصحة العامة، وتحديداً في هذه المرحلة التي يتم فيها فتح ملفات دقيقة وشائكة تشكل عائقاً أمام صحة المواطن وتحتاج إلى جرأة إستثنائية في مواجهة السلبيات التي يواجهها قطاع الصحة في لبنان والتي تتمثل في نواح عديدة، ومشكلات جمة طرأت عليها كانت موضوعاً تناولته وسائل الإعلام وأقيمت مؤتمرات لمعالجة سلبيات فوضى إنتشار بعض المراكز الطبية والتي كان للقضاء دوراً في متابعة ضحاياها.

وبما أن ظاهرة إنتشار مراكز التجميل بهذا الكم غير المرتكز على أسس ومبادىء علمية وطبية صحيحة، لذا كان التوجه في وزارة الصحة لفتح هذا الملف وإجراء تعديلات من حيث المراقبة والملاحقة لتنظيم هذه المراكز التجميلية وتحديداً الطبية لتصبح فعلاً ملتزمة المعايير العلمية العالمية في عملها وتنظيمها ومطابقة للمواصفات الطبية والصحية وملتزمة!

من هنا، كان لـ “الأنباء” الحوار التالي مع رئيس قسم المهن الطبية في وزارة الصحة العامة أنطوان رومانوس الذي شرح ظاهرة إنتشار المراكز التجميلية في لبنان، سلبياتها وإيجابياتها فقال:

“يجب التمييز بين مراكز التجميل العادي Esthetique والتجميل الطبي Chirurgie /Medecine Esthetique والفارق بين الإثنين مهم للتمييز بين الأعمال التجميلية التي يشملها كل قطاع. فالتجميل العادي يتم مع أو دون إستعمال بعض الآلات الكهربائية في تقنيات التجميل وهو التجميل العادي المتعارف عليه (العناية بالبشرة -الماكياج -تقليم الاظافر…) ويقوم به الاختصاصي على مستوى مهني (بريفيه مهنية / او بكالوريا فنية في اعمال التجميل). أما التجميل الطبي فهو يعتمد على تقنيات طبية متعددة ومتطورة ولا يقوم به إلا الأطباء الإختصاصيين في هذا المجال.”

أضاف: “وبالفعل إن إنتشار المراكز التجميلة في لبنان له إيجابيات وسلبيات، فمن الناحية الإيجابية، إن إنتشار المراكز المرخصة والتي تتقيد بشروط إنشائها يعتبر عاملاً منشطاً للقطاع الإقتصادي وللسياحة الصحية في لبنان وتطوير قطاع التجميل. أما المراكز التجميلية غير المرخصة أو المراكز التجميلية المرخصة والتي تقوم بنشاطات تتعدى إختصاصها فله سلبيات من الممكن أن تشكل أذى للمواطنين الذين لا يستطيعون التمييز بين نشاطات هذه المراكز”.

وأشار رومانوس أن “عدد المراكز التي تقوم بالتجميل العادي لا يتعدى 35 مركزاً على كل الأراضي اللبنانية، أما الواقع الفعلي فقد تبين من خلال المسح الذي أجرته وزارة الصحة العامة (المرحلة الأولى) إن عدد المراكز التي تقوم بالتجميل الطبي (على مختلف مستوياته) بحدود 93 مركزاً، والمسح يستمر حالياً للتوصل إلى العدد الفعلي لأن إنتشار هذه المراكز أصبح ضمن الاحياء كما في عدد كبير من صالونات التزيين (التي لا يتم الترخيص لها من وزارة الصحة العامة)”.

وعن سؤال حول ما إذا كانت المراكز تمارس أعمالها الطبية والتجميلية ضمن الأطر القانونية أجاب رومانوس “بالنسبة للنوع الأول من مراكز التجميل العادية فيوجد قانون ينظمها هو قانون مزاولة المهنة المنفذ بالمرسوم رقم 9827 تاريخ 22 حزيران 1962 (تنظيم مهنة التجميل) أي بالمهام التي يدرسها الإختصاصي في برنامج التعليم المهني والتقني (أعمال التجميل العادية) وفق ما ذكر أعلاه، أما المراكز التي تتعاطى التجميل الطبي فتقسم إلى نوعين: مراكز ضمن عيادات أطباء اختصاصيين (مع العلم بأن وزارة الصحة العامة لا تقوم بالترخيص لعيادات الأطباء)، ومراكز تجميل عادي تتعاطى التجميل الطبي وهو ما يعتبر مخالفاً لأحكام التعميم رقم 41 تاريخ 29/4/2013 المتعلق بتنظيم ممارسة العلاجات الجلدية وحصرها بالأطباء وقد حدّد هذا التعميم الأمور التالية:

1467

أولاً: تقتصر بالأطباء الإختصاصيين بالأمراض الجلدية وجراحة التجميل والترميم العلاجات التالية: التقشير الكيميائي غير السطحي، حقن الحشو وتوكسين البوتولينوم وميزو ثيرابي وغيرها من حقن الجلد بمواد التجميل، إستخدام أشعة الليزر والنبض الضوئي المكثف، تحليل الدهون، علاجات شد الجلد، زراعة الشعر.

وتعتبر ممارسة هذه العلاجات من قبل غير الأطباء عمل غير قانوني يعرض مرتكبيه إلى الإجراءات القضائية مع إتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الممارسات غير القانونية.

ثانياً: يمنع على غير الأطباء القيام بعمليات الحقن والجراحة والليزر على الجلد، وتقتصر مزاولة مهنة التجميل (Estheticien) على الأعمال والتقنيات المحددة في برنامجهم التعليمي، ويتوجب عليهم أن يلصقوا وصفاً للتقنيات التي يسمح لهم القيام بها، كما ويمنع عليهم إجراء دعايات لعلاجات طبية.

ثالثاً: لا يسمح للأطباء القيام بالأعمال الجراحية التي تستلزم تخدير عام إلا في المستشفيات المرخصة وفق الأصول.

رابعاً: يخضع المرضى إلى تقييم طبي من قبل الطبيب، الذي عليه أن ينظم ملفاً ويكون مسؤولاً عن المريض طوال فترة رعايته. كما ينبغي الحصول على موافقة المريض المستنيرة وتوثيقها لجميع المرضى”.

أما بالنسبة لموضوع الأخطاء الطبية التي تقع فيها المراكز التجميلية عدد رومانوس الأخطاء التالية:

“عدم إعتماد الشروط الصحية العامة لأن الإختصاصي في التجميل يتعاطى بشكل مباشر مع المواطن وبشرته من هنا ضرورة تقديم تقرير طبي للإختصاصي في التجميل عند الترخيص بفتح المركز للتأكد من عدم وجود أمراض معدية، إستخدام الآلات الطبية (لايزر) أو تقنيات طبية (Filler-Botox) أو التنحيف الطبي من غير الأطباء الاختصاصيين أو دون إشرافهم المباشر، أخطاء طبية يمكن أن تقع عند إجراء أعمال طبية أو جراحية من قبل أطباء، إستخدام مواد أو أدوية غير مناسبة أو غير صالحة وغير مرخصة من قبل وزارة الصحة العامة و يمكن أن تشكل ضرراً للمواطن”.

وعن توجهات وقرارات وزارة الصحة لمواجهة وتنظيم عمل هذه المراكز أجاب رومانوس أن “تطبيق القانون المنفذ بالمرسوم رقم 9827 تاريخ 22 حزيران 1962(تنظيم مهنة التجميل) والترخيص بمزاولة المهنة للإختصاصيين في التجميل (المستوى المهني) وترخيص فتح وإستثمار مراكز التجميل العادي، تطبيق التعميم رقم التعميم رقم 41 تاريخ 29/4/2013 المتعلق بتنظيم ممارسة العلاجات الجلدية وحصرها بالأطباء الإختصاصيين في هذا المجال والذين تم تحديدهم في التعميم المذكور، الطلب من مراكز التجميل العادي التي تتعاطى التجميل الطبي إيداع وزارة الصحة العامة عقد موقع مع طبيب إختصاصي وفق التعميم المذكور بدوام كامل واعتماد موافقة المريض المستنيرة وسجلات طبية للاعمال الطبية في المركز، إحالة المراكز المخالفة للإقفال لحين تسوية وضعها، إستكمال المسح للمراكز التجميلية، إستكمال الإشراف على تطور واقع هذه المراكز لإيجاد إطار إداري وقانوني مناسب للحفاظ على صحة المواطنين، معالجة الشكاوى بفعالية من قبل أجهزة الوزارة المختصة”.

11

وحول معالجة هذا الملف وتنظيمه وفق معايير صحية سليمة أكد رومانوس أن فتح ملف هذه المراكز هو قرار جريء إتخذه الوزير وائل أبو فاعور ويهدف إلى: الحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم، تطبيق القوانين الصحية والتدابير التنظيمية المتخذة في وزارة الصحة العامة، تنظيم هذا القطاع الطبي لما له من تأثير على تطويره وإعادة ثقة المواطنين به، قمع المخالفات والتحقيق في الشكاوى التي ترد إلى الوزارة بفعالية وسرعة. أما المعالجة على المستوى الأبعد فهو متابعة إصدار إقتراح القانون الذي تمت الموافقة عليه مؤخراً في لجنة الإدارة والعدل لتنظيم قطاع التجميل الطبي في لبنان” .

وعن عدد المراكز التي تم إقفالها والأسباب الكامنة وراءها شرح رومانوس “احالت وزارة الصحة العامة كتباً إلى المحافظين بتاريخ 27/10/2014 مرفقة بلائحة بالمراكز الواقعة ضمن نطاق المحافظة والمخالفة لأحكام التعميم رقم 41، لاتخاذ الإجراءات المناسبة، وتكليف من يلزم لإقفال هذه المراكز المخالفة. إن المراكز التي أحيلت إلى المحافظين لإقفالها هي بحدود 92 مركز تجميل، تتم عمليات الإقفال بالتتابع، إن السبب الأساسي هو عدم وجود ترخيص قانوني كمركز تجميل عادي، أو هي تتعاطى التجميل الطبي (استخدام اللايزر أو البوتوكس…) من غير الإختصاصيين بذلك، كما لناحية ورود شكاوى من مواطنين أحيلت إلى التحقيق الإداري”.

أما عن الشروط القانونية التي يجب الإستنادة عليها لإقامة مركز تجميل، ومراقبة المواد المستخدمة أشار رومانوس إلى أن “الشروط المطلوبة لإقامة مركز تجميل عادي محددة في القانون المنفذ بالمرسوم رقم 9827 تاريخ 22 حزيران 1962 (تنظيم مهنة التجميل) ومنشورة على الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة العامة، كما أصدر معالي الوزير بياناً في الإعلام حدد بموجبه المستندات المطلوبة وهي: إجازة مزاولة مهنة في التجميل (مرفقة بالشهادات)، تقرير طبي للإختصاصي، لائحة بالتجهيزات الموجودة، لائحة بالعناصر العاملة في المركز، إفادة عقارية أو عقد إيجار، خريطة بالمركز موقعة من مهنس أو مساح، إن المراقبة تتم في المحافظات والأقضية من قبل أطباء الأقضية ورؤساء المصالح الصحة العامة والمراقبين الصحيين”.

وتابع رومانوس عن سؤال حول ما إذا كانت هذه الحملة ظرفية أم لها طابع الإستمرار قال “أن الحملة التي تقوم بها وزارة الصحة العامة ليست ظرفية، بل لها طابع الإستمرارية وذلك لارتباط هذا الأمر بصحة المواطنين كما مختلف برامج وزارة الصحة العامة وهو أمر من صلب صلاحيات الوزارة وأعطيت هذه الحملة دفعاً قوياً من معالي الوزير ابو فاعور للمتابعة، وتتم المتابعة الدائمة لتنظيم هذا القطاع عبر متابعة إصدار قانون تنظيم ترخيص مراكز التجميل الطبية، واستمرار أطباء الأقضية بإجراء الكشف على المراكز في المناطق” .

وختم رومانوس حول خطة الوزارة مستقبلاً في توعية المواطن حول هذا الموضوع وتنظيم عمل مراكز التجميل قائلاً بأن “الوزارة سبق وأن قامت وبالتعاون مع جمعية أطباء الجلد والجراحة التجميلية لإطلاق حملة لتوعية المواطن ” بين التجميل والتشويه 12 سنة دراسة واختصاص”، إن اطلاق الحملة له دور توعية للمواطنين، وإن دور الإعلام في الإنارة على مخاطر التوجه إلى مراكز غير مرخصة أو لا يشرف عليها أطباء، وتنظيم دورات بالتعاون مع الجامعة اللبنانية في إستخدام تقنيات طبية”.

ونذكر بأن صحة المواطن وسلامة جسده هي من الحقوق الجسدية له والسلطة هي المسؤولة دائماً عنها بالتنظيم والتوعية والإشراف. لذا، فإن مراقبة وتنظيم هذا القطاع خصوصاً في مجال المراكز التجميلية الطبية يجب أن تشكل هاجساً دائما وعملية مستدامة في التنظيم والمتابعة والملاحقة، ليبقى لبنان ويستمر مستشفى الشرق ويساعد في تعزيز الدورة الإقتصادية من خلال السياحة الطبية. هذا هو الأمل في كل هذا السعي لتنظيم قطاع الصحة، وتحديداً مراكز التجميل التي تجذب الكثير نحوها، والمطلوب في هذا السعي هو النجاح والنجاح!!…