دمى متحركة في لعبة أمم

وسام القاضي

شهد العالم تغيرات عديدة ومتنوعة على مدى حقبات تاريخية متنوعة، لكن ما تشهده اليوم المنطقة العربية والإسلامية تختلف كليا عن ما كان يدور من أحداث وتغيرات في الماضي، فهذا الصراع المفتوح على جبهات عدة وعلى إمتداد جغرافي واسع لم يكن وليد صدفة، بل هو من ضمن مشروع أعد له بإتقان ودراسة معمقة.

 كيف يمكن لتنظيم داعش والذي ولد بشكل سريع أن يمتد وينتشر بهذا الشكل الواسع والشاسع، ويكون لديه تقنيات لإدارة المعارك العسكرية على مستوى حربي متقدم، إن لم يكن هنالك من دربه على كل الوسائل التقنية والعسكرية.

كيف يمكن لتنظيم القاعدة أن يستمر إذا كان التحالف الدولي في أفغانستان حاربه بشكل متواصل وألحق فيه الخسائر الكبيرة وعلى رأسه أسامه بن لادن، إضافة لما تقوم به باكستان من محاربة هذا التنظيم على أراضيها.

كيف يمكن للإسلاميين المتطرفين أن ينشطوا في الدول الغربية دون إدراك مسبق من أجهزة المخابرات الغربية والتي لا تترك شاردة وواردة إلا وتعلم بها، وهل من المعقول أن تلتحق أعداد غفيرة من المسلمين المتطرفين من شتى دول العالم بتنظيم داعش وتقاتل في سوريا والعراق دون تحضير لوجستي وبعدم معرفة مخابرات الدول التي إنطلقت منها.

إن ما يحدث في سوريا والعراق واليمن هو مسلسل أحداث ضمن سيناريو أعد له مسبقا من قبل الكاتب الأميركي وبتنسيق مع التحالف الغربي والذي بطبيعة الحال يدور في الفلك الأميركي.

 لقد ثبت عبر مجمل الأحداث العالمية منذ الحرب العالمية الثانية أن السياسة الأميركية والتي هي سياسة المخابرات المركزية الأميركية أنها تعمل وفق نفس طويل وضمن مخططات مدروسة ومحكمة الإتقان لتصل إلى أهدافها، وهي تستعمل كل ما هو متاح من وسائل لهذه الغاية، حتى ولو كان على حساب شعوب أو دول أو حتى جماعات بشرية من دون كيان، فهؤلاء جميعا هم وقود ولا يدركون ذلك.

وقد تظهر بعض القوى الدولية والتي تريد تحسين شروطها فتقارع من هنا أو هناك محدثة ضجيجا قد يزعج الغرب لكنه لم ولن يوقفه في مشروعه أقله في المدى المنظور، لأن وضع المنطقة العربية والإسلامية هي في أسوأ أوضاعها ومن غير الوارد رؤية نهوض قريب في ظل الصراعات الدموية التي تحدث في دول المنطقة.

لم تكن الحرب العراقية الإيرانية والتي إستمرت ثماني سنوات في ثمانينات القرن الماضي وليدة صدفة، لكنها لم تأخذ طابعا مذهبيا، وجرت الولايات المتحدة الأميركية صدام حسين إلى حرب الخليج بإجتياح الكويت دون أن يدري عواقبها، وتركت العراق في مستنقع من الدم لتنطلق فيه شرارة الخلاف السني الشيعي والتي إمتدت من اليمن إلى لبنان. أما سوريا فتحولت فيها الثورة إلى بركان دم ودمار، وبدل أن تدعم الثورة منذ إنطلاقتها لأنها شكلت صرخة شعب ثائر، تم إحباطها بإدخال التنظيمات المتشددة والتي أساءت إلى الثورة وأعطت النظام السوري زخما جديدا للإستمرار في الحكم وجعل سوريا مفتتة ومشرذمة.

 لم يعد هنالك معنى وقيم للنضال الوطني، وإنتهى مفهوم حركات التحرر العالمية، وأصبح الصراع في أدنى مستوياته العقائدية والفكرية وحتى العسكرية، وأصبح الجميع دمى متحركة تدار من قبل المايسترو الأميركي مباشرة أو بواسطة دول تحاول تحسين وضعها مع الأميركي الذي شئنا أم أبينا يحكم العالم أقله في المدى المنظور.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار