هل ستحول مدارس لبنان الرسمية دون إرتداد طلاب سوريا للأمية؟

 أحلام حماد – الأنباء

يبدو أن شبح الحرمان من الدراسة الذي لازم تلاميذ سوريا الهاربين من الموت في بلادهم إلى لبنان، قد بدأ ينزاح عنهم ولو بشكل جزئي، وذلك بعد القرار الصادر عن وزير التربية والتعليم العالي إلياس بو صعب والقاضي بفتح أبواب المدارس الرسمية اللبنانية أمام الطلبة السوريين في فترة بعد الظهر.

إلا أن القرار الذي كان من المتوقع أن يكون بمثابة إنطلاقة جديدة من شأنها تعويض الطلاب السوريين عن ما خسروه من وقتهم الذي ضاع خارج المدارس، ترك لدى أهالي الطلاب غصة كبيرة لما إنطوى عليه من تحديد مدة التعليم بأشهر الفصل الدراسي الثاني فقط، وهي فترة قصيرة يشك بأن تكون كافية لتعويضهم عما فاتهم، إضافة لتحديد عدد الطلاب بما لا يزيد عن 750 طالباً ومنع القرار على المدرسة الواحدة إستقبال ما يزيد عن ذلك بينما.

ويشاطر العديد من المدرسين اللبنانيين رأي أهالي التلاميذ، حيث إعتبروا المدة التي سيقضيها الطلبة السوريين والحصص التعليمية المخصصة بأنها ستكون مجرد مرحلة تمنع من إرتدادهم إلى الأمية، خاصة أن الأكثرية العظمى منهم منقطعين عن التعليم طلية السنوات الثلاث الماضية.

وذكرت مديرة مدرسة عاليه الرسمية الأولى علا شهيب لـ “الأنباء” أنهم كهيئة تعليمية يواجهون مشكلة تزايد أعداد الطلاب السوريين المتقدمين للتسجيل، ووصلت أعدادهم إلى 850 طالبا، ومن المتوقع أن تصل حتى 950، وهذا الأمر يبعث السؤال عن مصير من لم تتسع أعداد التسجيل لهم وإن كانت الوزارة ستلجأ إلى تأمين مبانِ جديدة لتكون مدارس للطلبة السوريين، أو سيتم كما هو متوقع، إقفال باب التسجيل عند هذه الحدود من الأعداد المتقدمين وحرمان البقية من حقهم الضائع.

وبينما يحاول القرار تعويض الطلبة السوريين عما فاتهم خلال الفصل الدراسي الأول، من خلال تفعيل الدوام في أيام العطل إلا أنه وبحسب تربويون، “يحتاج الطالب الذي خسر عاماَ دراسياً إلى تلقي تعليما مكثفاً لمدة ثلاث سنوات حتى يتمكن من اللحاق بمستوى أبناء جيله، “وكل ثلاث سنوات يقضيها مجتمع دون تعلم ستؤدي إلى خلق جيل أمّي”.

نقاط أخرى يغفلها القرار تخص المدرسين وإدارات المدرسة، أهمها عدم كفاية المنحة المخصصة المدفوعة للمدرسة عن كل طالب، والبالغة 240 ألف ليرة لبنانية ما يضطر المدرسة تحمل نفقات إضافية كالتامين الصحي وغيرها.

وجاء القرار دون أن يقضي بأي زيادة على ساعات عمل المدرسين، بإعتبار أنها ستكون ضمن ساعات عمل إضافية، وفتح أبواب الدوام في أيام العطل لتعويض الحصص على الطلبة حسب ما نص عليه القرار. إضافة لوجود لغط واسع حول تخفيض أجور ساعة التدريس من 14 ألف للساعة الى 10 آلاف دون أن يصدر أي توضيح من قبل الوزارة بهذا الخصوص علما أن من سيقوم بالدريس هم إما من المتعاقدين أو المثبتين. وهذا الأمر لو كان صحيحاً سينعكس سلباً على أداء المدرسين الذين سيشعرون بالغبن تجاههم.

وأكدت شهيب أن “الطلاب السوريين هم أطفال يستحقون التعليم كونهم حرموا من أبسط حقوقه في بلدهم، إضافة إلى ما يمتلكون من طاقات وإمكانيات كبيرة وإصرار على التعلم. ففي السنة الماضية تجاوزت نسبة النجاح 40 بالمائة بين الطلاب السوريين المسجلين في المدرسة، والذين بلغ عددهم 550 طالباُ وهي نسبة ممتازة مقارنة مع ظروفهم المعيشية المتدنية والتي أجبرت أكثرهم على الانقطاع عن الدراسة لسنوات.

وفي سياق البحث، تبين أن القرار حين حدد فترة ما بعد الظهر لتعليم الطلبة السوريين، لم يكن مدفوعا من الحاجة لذلك فقط، بل جاء ليساير مع بعض الأصوات التي خرجت خلال الأعوام الماضية ورفضت إختلاط الطلبة اللبنانيين بأقرانهم من السوريين، بدلاً من تكريس ثقافة العيش والاندماج، وهذا الأمر يساهم في تأسيس نهج عنصري يصوّر الأطفال السوريين على أنهم أدنى مستوى من الطلاب اللبنانيين، ولم تتوقف تلك الآراء عند أهالي الطلبة اللبنانيين بل امتدت في بعض الأحيان إلى أبنائهم.

يُذكر أنه وبحسب إحصائيات للأمم المتحدة للعام 2014 أن هناك 400 ألف طفل سوري على أرض لبنان بحاجة إلى تعليم أولي، من ضمنهم 90 ألف طالب تم إستيعابهم في المدراس الحكومية خلال العامين السابقين ليبقى قرابة 310 ألف ”طالب مجهولي المصير العلمي، في حين أن “اليونيسف” في إحصائياتها الأخيرة تؤكد على وجود 66% من الطلاب السوريين في لبنان لا يذهبون إلى المدرسة”.