المنطقة وملفاتها على طاولة القمة السعودية- الاميركية

دخل حوار عين التينة مرحلة من الرتابة السياسية، على الرغم من التسريبات الايجابية التي يبثها المتحاورون والتي قد تنعكس مبادرات ميدانية بإزالة الشعارات والصور المستفزة في بعض المناطق المختلطة، كضمانة لبقاء خطوات التواصل قائمة، فيما أظهرت التصريحات المتبادلة التي اطلقها نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم حول (ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة)، ووصفه للاعتداء الاسرائيلي على موكب مسؤولين ايرانيين وقادة من حزب الله الاسبوع الفائت بـ “أنه جزء من معركة رسم مناطق النفوذ وانه من حق المقاومة التواجد في المكان الذي تراه مناسبا”، ورد الوزير أشرف ريفي عليه بالإسم معيدا اعتبار ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة بـ (اللغة الخشبية)، وبأن حزب الله يجز الجيش في معارك بالنيابة عنه بفعل تدخله في سوريا.

وإذا كان المتحاورين قد اعلنوا سابقاً أن الملفات الخلافية المتعلقة بتدخل حزب الله في سوريا، والمحكمة الدولية خارج إطار الحوار وأن الهدف هو تخفيف حدة التوتر، فإن عملية القنيطرة وما شكلته من تضامن اجتماعي واخلاقي مع شهداء حزب الله وعائلاتهم، فإنها أعادت طرح قضايا خلافية داخلية وذات ارتباط خارجي من بوابة أخرى غير تلك التي اتفق الجانبان على تجاوزها.

وفي الرتابة عينها يسلك حوار القوات – عون طريقه نحو الهاوية بفعل التسريبات التي اطلقتها مصادر مقربة من المتحاورين أن عون يشترط موافقة جعجع على انتخابه رئيسا للجمهورية بدلا من دعوته للتوافق على رئيس توافقي. ما يؤشر الى ان الحوار لا يزال يراوح في نقطة البداية ايضاً.

ولعل ما يؤشر دخول الحوار بين مختلف الاطياف اللبنانية الرتابة تلك، الاوضاع الخطيرة التي تمر بها المنطقة بعد انقلاب الحوثيين في اليمن والتقارب الاميركي الايراني حول الملف النووي الايراني وترتيب اوضاع المنطقة وفق ما كشفته مصادر دبلوماسية لـ “الأنباء”.

المصادر رأت ان المنطقة تتجه نحو صراع محتوم بين محورين، إيراني تمتد نفوذه، في أجزاء من اليمن وسوريا ولبنان والعراق وفلسطين والبحرين، وآخر عربي بقيادة سعودية يواجه التمدد الايراني، وله امتداداته في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين والبحرين أيضاً، يتقاطع مع مصالح تركيا ومصر في مواجهتهما للنفوذ الايراني.

وكشفت المصادر ان الرياض التي شكلت في السنوات السابقة محور الاعتدال، فإنها مقبلة على أن تكون في مقدمة محور مواجهة النفوذ الايراني، فيما لو فشل الكونغرس الجديد فرض عقوبات جديدة على ايران وتعديل اتجاهات البيت الابيض وسياسة الرئيس باراك اوباما التي تعطي ايرانن على حساب حلفائها التاريخيين.

ورأت المصادر أن زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المقررة إلى الرياض تتجاوز تقديم واجب العزاء للعاهل السعودي بسبب اختلاف وجهات النظر تجاه ملفات أساسية في الشرق الأوسط كالصراع في سوريا، والتعاطي مع التغيير الحاصل في مصر، فضلا عن الانفتاح الأميركي المفاجئ والمبالغ فيه تجاه إيران.

وأشار محللون إلى أن واشنطن تحتاج إلى تعاون السعودية أكثر من أي وقت مضى جراء الوضع المتوتر في المنطقة، وخاصة في ظل الحرب التي يخوضها التحالف “أعتقد أنهما (أوباما والملك سلمان) سيتطرقان إلى هذه المواضيع وستكون (الزيارة) فرصة لنتأكد من أننا في موقع جيد للمضي قدما إلى حيث لدينا مصالح متداخلة”.

واهتمام الولايات المتحدة الأميركية بسماع أفكار المسؤولين السعوديين يعكس مخاوف لديها من اتساع الخلاف مع الرياض بعد البرود الذي شهدته العلاقات الثنائية بعد التقارب مع إيران، دون مراعاة المآخذ السعودية على ذلك في ظل الصراع الخفي بين طهران والرياض على النفوذ الإقليمي.

وأشارت المصادر الى أن السعوديون قلقون من مواقف أوباما الأخيرة ومن نكثه لعهوده تجاه سوريا استرضاءً لإيران ودفعها إلى القبول بتقديم تنازلات في ملفها النووي، لكن تحذيرات السعوديين من أسلوب المناورة لربح الوقت الذي يعتمده الإيرانيون لم يلق صدى لدى البيت الأبيض.

وكما وتقلق المملكة السعودية من تزايد التلميحات الأميركية بإمكانية التعاطي مع الواقع الجديدالذي فرضه الحوثيين في اليمن، وبالتوازي، يطلق مسؤولون أميركيون في بعض الأحيان تصريحات تصب في صالح المعارضة البحرينية المرتبطة بالأجندة الإيرانية، وهو أحد عناصر الجفاء خاصة أن السعودية تعتبر المس بالبحرين مسا بفضائها الحيوي.

ويعبر السعوديون عن استيائهم في جل لقاءاتهم مع المسؤولين الأميركيين من تركيز الإدارة الأميركية دائما على الملف النووي فقط دون التطرق إلى التحركات المسلحة لمجموعات تحظى بالدعم الإيراني.

ويقول مراقبون إن المسؤولين في الرياض حذروا نظراءهم في واشنطن من قبل من التوصل إلى أي اتفاق لا يتضمن وضع أطر للتحركات الإيرانية وإجبارها على عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة.

إلا أن السعوديين شعروا في نهاية المطاف أن طلباتهم ليست على قائمة أولويات إدارة أوباما، وهو ما ساهم في تعميق الريبة لديهم وبدأوا يشعرون بالحصار بعد تفاقم الأزمة اليمنية وتوغل داعش في سوريا والعراق إلى جانب التربص الإيراني بالبحرين.

وترى المصادر “أن الفرصة مواتية أمام أوباما لتبديد المخاوف السعودية خاصة أن القيادة الجديدة للمملكة معروفة بتشددها تجاه الدور الإيراني”.

الفرصة متاحة اذا تقاربت وجهتي النظر المتعارضة، فـ “واشنطن تركز في اولوية حوارها مع ايران على مسألة السلاح النووي، فيما تريد منها الرياض أن تواجه سياسة زعزعة الاستقرار في المنطقة”.

———————————

(*) فوزي ابوذياب