لقاء موسكو حوار في الوقت الضائع … أي نتائج واي مرجعية؟

حسمت الشخصيات المنضوية في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوريا”، والتي تلقت دعوة وزارة الخارجية الروسية المشاركة في لقاء موسكو بصفة شخصية، أمر عدم مشاركتها في اللقاء الحواري “السوري – السوري” الذي تستضيفه موسكو في 26 و27 الجاري، وابلغت الخارجية الروسية موقفها، فعلى الرغم من حرص الخارجية الروسية تسميته القاء “التشاوري”، وتراجع وزير الخارجية سيرغي لافروف عن لهجته التهديدية للمعارضة المعترضة على اللقاء لافتقاده صفة المرجعية الدولية، وضعت موسكو اللقاء في إطار “تصحيح الاخطاء التي وقع بها مؤتمر جنيف 2” الذي حصر مشاركة المعارضة بالائتلاف الوطني كممثل للشعب السوري، على اعتباره يضم مختلف الاطياف السوريا من جهة والقوى الفاعلة على الارض من جهة أخرى والذي يضم التنسيقيات والمنظمات الثورية والاسلامية ومنها إعلان دمشق والمجلس الوطني واحرار الشام وغيرها من الفصائل العديدة، والذي انعقد قبل عام تقريباً تحت عباءة الامم المتحدة، وجمع ممثلين عن النظام والمعارضة على طاولة الاخضر الابراهيمي ممثل الامين العام للامم المتحدة في تلك الفترة.

موسكو التي تصر على عقد اللقاء بمن حضر وجهت الدعوات لحوالي 28 شخصية تقول انهم من معارضة الداخل والخارج، ولهم حيثية معينة وتأثير فاعل، فيما المعارضة السوريا لا سيما الائتلاف تعترض على الدعوة بالشكل والمضمون.

فهم يتحفظون على طريقة روسيا في إدارة هذه المفاوضات، بداية من موقفها المؤيد لنظام الأسد، كما أنها لم تطرح أي جدول أعمال واضح للمفاوضات أو الحوار كما تسميه، والدعوات التي وجهت لم توجه إلى الائتلاف أو المؤسسات المعارضة بصفة رسمية، بل إلى بعض المعارضين بصفتهم الشخصية فقط.

الائتلاف يريد أن يكون بيان “جنيف-1” هو أرضية التفاوض، فيما روسية أعلنت أن المرحلة الانتقالية ومصير الأسد لن تتم مناقشتها.

“هيئة التنسيق” التي تطالب ببناء الثقة أولاً قبل الجلوس على الطاولة مع النظام، واقترحت الإفراج عن المعارضين المعتقلين في سجونه وفق الرسالة التي وجهتها للخارجية الروسية، والتي ردت عليها موسكو بدبلوماسية تتفهم فيها هواجس المعارضة. لم تقطع شعرة معاوية مع الروس فإنها قررت المشاركة بشكل غير مباشر من خلال إعطاء الضوء الأخضر لأعضائها المدعوين لحضور المؤتمر، تحت سقف مذكرة التفاهم التي اتفقت عليها مع الائتلاف. والتي تم تداولها في الايام الاخيرة بين “الائتلاف” و”هيئة التنسيق” وتتضمن ست نقاط، عبر فيها الطرفين عن اتفاقهما على أن “بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن المعنية بالشأن السوري كأساس للحل السياسي في سوريا، وعلى عملية جنيف كإطار تفاوضي بين المعارضة و السلطة”، وعلى عقد مؤتمر وطني جامع للمعارضة.”
هذه المذكرة تبدو بمثابة إعلان مسبق حددت فيها هيئة التنسيق سقف مواقف الشخصيات المنتمية اليها والمتوقع حضورها لقاء موسكو، كما وفرت الفريقين “الهيئة” و”الائتلاف” رفض اي موقف يخرج به لقاء موسكو لا ينسجم والمقررات الدولية ولا يحقق أهداف الشعب السوري وثورته، سيما وأن المعارضة بأطيافها، تنظر الى لقاء موسكو بنظرة الريبة تجاه أهدافه المبطنة، لناحية “محاولة روسيا ومعها النظام، تشكيل مرجعية جديدة موازية لمرجعية (جنيف 2)”.
الموقف المتقارب بين الائتلاف وهيئة التنسيق، شكل ارضية مسبقة لنجاح اللقاء المنعقد في القاهرة بدعوة من “المجلس المصري للشؤون الخارجية” وهو إحد المراكز البحثية المقربة من الخارجية المصرية، حيث كشفت مصادر مقربة من المشاركين ان القاء ينكب على مناقشة مسودة وثيقة “المبادئ الأساسية للتسوية السياسية في سوريا” التي أعدها الائتلاف وضمت 13 بنداً حدد فيها “خريطة طريق للحل السياسي”. وبدأ نقاشها مع مع فصائل المعارضة السورية وتياراتها وشخصياتها بهدف توحيد رؤية تلك القوى على مبادئ مشتركة.

وتنص الوثيقة على “استئناف المفاوضات برعاية الأمم المتحدة انطلاقاً مما انتهى إليه مؤتمر جنيف في شباط 2014 وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”، وأن الهدف من المفاوضات هو تنفيذ بيان (جنيف1)، بدءاً من تأليف هيئة حكم انتقالية كاملة للسلطات، بما فيها سلطات رئيس الجمهورية، وذلك لتغيير النظام السياسي بشكل جذري وشامل، بما في ذلك رأس النظام ورموزه وأجهزته الأمنية، وقيام نظام مدني تعددي”.

وعلى الرغم من الشكوك التي تحوم حول مدى نجاح مؤتمر موسكو مع اتجاه غالبية المعارضين المدعوين إلى المؤتمر، رفض المشاركة فيه، كشفت مصادر مقربة من تجمع إعلان دمشق “للأنباء” أسباب عدم مشاركة اي من أعضائها في لقاءات القاهرة بقولها : “ما يجري في القاهرة، هي لقاءات للتشاور بين أطراف معارضة، لسنا مشاركين فيها، بسبب إعلان السلطات المصرية رفضها دعوة إعلان دمشق والأخوان المسلمين، بحجة أننا حلفاء الأخوان في المجلس الوطني السوري، وفي الحقيقة، السلطات المصرية أقرب للنظام السوري، وهي تلعب دوراً تمهيدياً للقاء موسكو، وتتفق مع الروس بالتوجه إلى معارضة مرنة، لا تشترط رحيل النظام قبل الحوار، نحن نرفض الحوار مع نظام القتل والإجرام كمبدأ، ونريد التفاوض من أجل التغيير السياسي والهيئة الانتقالية كاملة الصلاحيات، بدون الأسد وفقاً لـ(جنيف1)”.
وعن لقاء موسكو رأت المصادر أن “ما تريده موسكو هو تشتيت المعارضة السوريا وإظهارها للعالم سبباً لعدم الوصول إلى حل، وتريد دفن مرجعية (جنيف 1) واحد وتحويل أهداف اللقاء نحو ما تسميه الحرب على الإرهاب وجمع المعارضة اللينة القابلة بمشاركة النظام وإعادة إنتاجه، عبر لجنة مشكلة في المؤتمر تصبح مرجعية بديلة للمرجعيات القائمة وخاصة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”.
وعن موقف ايران المشكك بجدوى لقاء موسكو قال المعارض السوري الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، “التنسيق الإيراني الروسي في دعم نظام الاسد، لا يمنعهما من التفارق جزئياً، ضمن هاجس الروس واستعجالهم لاستباق أي اتفاق إيراني غربي حول الملف النووي، قد يتبعه تفويض الإيرانيين ببعض ملفات المنطقة، ومنها سوريا ، وهذا ما يدفع الروس للاستعجال في عقد مؤتمرهم”.
بدوره سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية وصف في وقت سابق الوضع الذي يسبق انعقاد مؤتمر موسكو بـالمعقد، عادًّا ما يجري من جانب المعارضة السوريا “مناورات تكتيكية”.
من جهة أخرى رأت مصادر أخرى في المعارضة السوريا، “أن تصريحات رئيس الوزراء العراقي، التي قال فيها أن واشنطن لم تعد مستعجلة على إزالة بشار الأسد من منصبه، وبأنها انجزت اتفاقاً شاملاً مع طهران تتعارض وتصريحات سابقة سمعناها أيضاً، تقول ان واشنطن أوكلت الشأن السوري الى روسية، في الوقت الذي اعلن البيت الابيض انه رصد موازنة مالية لتدريب المعارضة السورية.” ورأت المصادر أن قرار الشعب السوري لازال واضحا بأن “لن يكون هناك حل في سوريا اذا بقي بشار الاسد ونظامه المجرم في السلطة”، المصادر شككت بإمكانية نجاح مؤتمر موسكو، وقالت “أي نجاح لمؤتمر تغيب عنه القوى الاساسية الفاعلة والممسكة بأرض المعركة وبالجغرافيا السوريا”.

——————————

(*) فوزي ابوذياب