الجنة ليست للفقراء

احمد حسان

عند كل مناسبة أو حديث عن الفساد والتغيير يشعر العامل أنه المستهدف الأول في رزقه وعمله، وأنه الحلقة الأضعف الذي يتحمل نتائج كل خلل في الدورة الإقتصادية للبلاد، فهو المتهم الأول بأنه سبب الهدر والفساد، وهو سبب فشل السياسات الإقتصادية والإجتماعية والإنمائية المتعاقبة، وهو سبب سياسة المحسوبيات والتوظيف العشوائي والتنفيعي، وهو يتحمل فشل هيئات الرقابة في ممارسة عملها، وهو سبب سوء الخدمة وتدهور الإدارة العامة، وهو سبب إرتفاع نسبة الدين العام والعجز في الموازنة…

بينما العامل في الحقيقة ليس سوى مواطن مغلوب على أمره، لا يملك سوى قوة عمله وفكره وعلمه وخبرته، وهو الذي يجهد في الليل والنهار لتأمين حاجات أطفاله من علم وطبابة وعيش كريم، وهو الذي ينوء تحت أعباء المعيشة وهمّ المستقبل لعائلته، وهو الضحية الأبدية للسياسات المليشيوية والطائفية والفئوية ونظام المحسوبيات وغياب القيم وسيادة الفساد والإستغلال في بلد يعيش تحت ظروف أمنية وسياسية وإقتصادية أقل ما يقال فيها أنها غير طبيعية…

لهذا كانت رسالتنا في جبهة التحرر العمالي ألا ننخرط في الطوائف والمذاهب، وألا نستزلم لكبير أو صغير، وألا نتموضع إلا في المكان الذي يحمي وحدتنا كمنظمة نقابية وكعمال ومستخدمين، وألا نقبل لنا مظلة تحمي حقوقنا ومكتسباتنا وديمومة عملنا سوى مظلة النقابة، على أن تكون هذه النقابة حرة وديمقراطية وفاعلة وقادرة على تحقيق غاياتنا وتحسين ظروفنا المهنية والإقتصادية والإجتماعية، ولهذا ستبقى رسالتنا للعمال في مطلع سنة جديدة بأن نبني معاً حركة نقابية وطنية محررة من المترددين والمتقاعسين واللامبالين، وألا تكون مرتهنة أو أن يكون القيمون عليها من خارج نسيجها النقابي.

نحن كعمال بحاجة لنتكاتف معاً في وجه كافة الظروف والمصاعب التي تحيط بنا، وبحاجة لأن نرفع صوتنا عالياً من أجل حماية حقنا في العمل وحماية حقوقنا ومكتسباتنا وديمومة عملنا.

وكما أننا مقتنعون بأن الجنة ليست للفقراء، بل هي للصادقين بعملهم وإيمانهم، كذلك نحن مقتنعون بأن الحركة النقابية لن تنهض من كبوتها إلا بعد أن تطرد المنتفعين والازلام والفاسدين من هيكلها، وأن تكون فعلاً بأمانة الكادحين بجهدهم وعلمهم وعملهم والتزامهم قضايا العمال، وهؤلاء هم وحدهم من يعول عليهم في قيامة الحركة النقابية، والذين يستحقون أن يترجموا قول عظيم مضى “عامل حر في شعب سعيد”.

كل سنة وجميع عمال لبنان ولبنان بألف خير.

——————————

(*) أمين الإعلام في جبهة التحرر العمالي

اقرأ أيضاً بقلم احمد حسان

حزب جلسة الشاي… والتحدي الحقيقي

الإرادة المسبقة بتعطيل مفهوم الدولة

التحدي الخطير والمراقب الحذق

واقع الحركة النقابية وضرورة التغيير

اليوم العالمي للحرية وبصمة العار اللبنانية

حذار الوقوع في فخ إتفاقية جنيف للاجئين

الحزب والجبهة وتحدي التغيير

المرأة وثقافة العيب

العدالة الإجتماعية كحافظة للسلم الأهلي

الرئاسات ليست ملكاً للطوائف!

كم نحن بحاجة إليك اليوم وليد جنبلاط

سلاح الجيش الأمضى الذي لا يمتلكه غيره

قدر لبنان ورسالته التاريخية

الطاحونة السورية والغلّة اللبنانية

المجموعات الطوائفية والمعارك الوجودية

البديل النقابي الديمقراطي وتحدي التغيير

مفهوم السيادة والدولة الفاشلة النموذج اللبناني

قواعد السياسة الإقتصادية وهاجس الإمساك السلطة