ازمة العقل العربي المعاصر

صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون  كتاب عن “أزمة العقل العربي المعاصر”  للدكتور قاسم حسين صالح مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية يرتكز فيه على تحليل “سيكوبولتك” للوضع العربي الراهن، يعتمد أسلوب الشرح والتفسير والتفكيك والتأويل لآليات اشتغال العقل العربي في معالجته لأزمات هي من نوع المنقطع – المتصل في قضايانا المصيرية عبر (مقالات) تنفتح على غير حقل ومجال وتواكب الأحداث والتطورات وقراءة الاتجاهات.

في الكتاب مساجلات وحوارات ونقاشات تفتح أمام القارئ إمكان النظر والعمل في قراءة ما يستجد وما يحدث أو يفاجئ ويصدم. يقول الكاتب تحت عنوان “التناقض بين الفكر والسلوك في الإسلام السياسي”: الملاحظ على العقل العربي أنه يعيش أزمة تفكير.. وأنه بشكل عام يقع في المستوى الأدنى من التفكير، فيما الذين يرتقون إلى المستوى الإبداعي يغادرون الوطن إلى الدول الراعية للمبدعين. والتفكير في العقل العربي هو من النوع المتقبل الذي يؤدي بالضرورة إلى مقاومة التغيير، فيما العقل العالمي المعاصر يمارس مستوى متقدماً من التفكير يطلق عليه التفكير الناقد.. من خصائصه: الدقة، الاستدلال، تقويم الحجج، التفريق بين الرأي و الحقيقة، رؤية الوجه الآخر للأحداث، الاتجاه نحو الجديد من الأفكار، التحليل الدقيق والموضوعي لأي ادعاء أو اعتقاد للحكم على مدى صحته وصدقه وقيمته.. واستخدام قواعد الاستلال المنطقي في التعامل مع المتغيرات والأحداث…”.

ولا يقتصر الكاتب في النظر حول التناقض بين الفكر والسلوك في الإسلام السياسي، بل يدخل في عمق الأزمات الراهنة ويلقي الضوء على التحديات الجسيمة والمشكلات المزمنة، ويطرح أسئلته حول الهوية والحقيقة والحرية والعقيدة والثقافة السائدة؛ ثم يحاول إعادة النظر في كل تلك المفاهيم ويدعونا للعمل معاً يداً بيد حتى لا نغرق جميعاً؛ مستحضراً عمليات الإبادة الجماعية على مرّ التاريخ الإنساني وجرائم القتل من قبل السلطة في معظم الدول العربية التي تحاول الإطاحة بأنظمتها الديكتاتورية، والعلاقة الشائكة بين الأنظمة العربية والمثقفين، والعلاقة بين العقل العربي والسلطة، والإرهاب والشخصية الداعشية، متتبعاً الأحداث في العراق والبلدان والعربية بما يعنيه التنافس والصراع السياسي بين الأطراف المتنازعة وكل ذلك من موقع الباحث والمهتم بعلم النفس السياسي الهادف إلى معرفة سيكولوجيا الحاكم والمحكوم وتبيان دور اللاوعي الجمعي في العقل العربي عموماً والشخصية العراقية بشكل خاص بما فيها نماذج القداسة والبطولة والعظمة والنجومية، التي تحاول أن تصنع إنسانيتنا بعقلية التملك والقبض والتحكم، ولكن.. هل من سبيل لكسر ما تكدس وتراكم وتجذر؟. هذا رهان الكاتب على الأفراد أولاً قبل أي شيء وفي التاريخ الإنساني أكثر من مثال.