عشية الأعياد…ما هي النصائح الدولية للبنان؟

لا يزال مشهد الحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله الذي ساهم بشكل واضح في تراجع وتيرة السجالات الحادة واستئناف حركة خطوط التواصل والإتصالات السياسية بين عدة أطراف، يرخي بأجوائه التفاؤلية على الوضع الداخلي على الرغم من المناخ السوداوي الذي يسود المنطقة المرشحة ملفاتها وقضاياها الساخنة بحسب الأوساط المتابعة نحو المزيد من التأزم التي قد تحمل في ثناياها تداعيات وارتدادات سلبية على لبنان الذي يحتاج مزيدا من المبادرات الحوارية التي من شأنها أن تحصن الساحة المحلية لتكون أكثر تماسكا ووحدة في مواجهة أهوال العواصف القادمة على المنطقة  في العام الجديد الذي من المتوقع أن يشهد في مطلعه مزيدا من التطورات العسكرية المتسارعة في سوريا قبل انضاج معالم التسوية السياسية التي على ما يبدو لا تزال بعيدة حتى اشعار آخر.

الأوساط عينها أكدت بأنه على رغم من بطئ الحركة المتعددة الأطراف الدولية والإقليمية التي يراد منها إخراج أزمة الرئاسة من قمقم الفراع المتمادي في قصر بعبدا،  إلا أن هذه الحركة تسير بالإتجاه الصحيح الرامي إلى إنهاء حالة الشغور في رئاسة الجمهورية في اسرع وقت ممكن.ما يعني بأن المطلوب داخليا هو الحفاظ على الأمن والإستقرار ومنع انزلاق الوضع اللبنانى نحو أي مغامرات أو مواجهات من شأنها أن تدخل لبنان في نفق مجهول. وفي هذا السياق أشارت الأوساط بأن المعلومات التي رشحت عن حركة الموفدين الدوليين والإقليميين إلى بيروت عشية الأعياد أي في الأيام الاخيرة من العام الحالي أكدت أن رسائل وصلت الى القيادات السياسية  اللبنانية عبر قنوات عدة من بعض الدول الفاعلة والمؤثرة في الملف اللبناني تضمنت نصائح بضرورة الحفاظ على الستاتيكو الحالي سياسيا وأمنيا في البلاد بإنتظار اللحظة الدولية والإقليمية المناسبة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. مضيفة بان  النصائح الدولية تضمنت أيضا حث للأطراف جميعا على اسقاط الرهانات على التطورات الخارجية خصوصا أن وضع لبنان وحساسية تركيبته لا تحتمل وزر وأعباء هذه الرهانات الخاسرة خصوصا أن التجارب المريرة السابقة قد أثبتت أن حماية لبنان وأمنه واستقراره وحلحلة قضاياه العالقة تتطلب تعزيز مناخات الحوار والتهدئة التي تمنع انزلاق لبنان نحو الفوضى والفتنة سيما أن كل التجارب الماضية قد برهنت بأن كافة القوى السياسية اللبنانية مهما علا سقف مواقفها وتعنتها مرغمة وملزمة  في نهاية الأمر بالجلوس على طاولة الحوار من أجل تدوير الزوايا وتقديم التنازلات الضرورية لإبرام التسويات التي تنتج التوافق اللبناني لحلحة كافة القضايا والملفات على إطلاقها.

الأوساط أشارت بأن الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله هو دليل إضافي على أن اللبنانيين جميعا مهما بلغت خلافتهم واستعرت سجالاتهم ووصلت اتهاماتهم لبعضهم البعض حدود التجريح والتخوين فإنهم مجبرين في نهاية المطاف على الجلوس على طاولة الحوار لحلحلة خلافاتهم، لذلك هناك حاجة لتشجيع هذا الحوار من قبل الجميع لإنجاحه وتوسيعه في مرحلة لاحقة لأنه بقدر ما يتم التعجيل بإنعقاد الحوار وتعزيز فرص نجاحاته بقدر ما نوفر على البلد وأهله خضات وأزمات سياسية وأمنية واقتصادية ومعيشية واجتماعية الجميع بغني عن أهوال مخاطرها.

ومع انطلاق الجلسة التمهيدية لحوار المستقبل – حزب الله، الذي أسبغ عليه معظم الافرقاء السياسيين اهمية من حيث امكانات خروجه بحل طال انتظاره لملفين اساسيين، تنفيس الاحتقان في الشارع الاسلامي وانتخاب رئيس جمهورية في مرحلة لاحقة، بدا المشهد السياسي في حال من الاسترخاء نسبة للمناخ التقاربي اسلاميا ودخول البلاد مدار عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، تخرقه تحركات اهالي العسكريين المخطوفين في اتجاه القيادات طلبا لدعم قد يسهم في رفع حظوظ الافراج عنهم على رغم تشتت المتابعات وكثرة المفاوضين والعارضين انفسهم “وسطاء” في بازار الاخذ والرد بين الجهات الخاطفة والدولة اللبنانية.

وعلى رغم ان الحوار تيار المستقبل – حزب الله برعاية الرئيس نبيه بري ومباركة ودعم من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بعد اربع سنوات من الانقطاع، لا يرتقب ان يخرج بنتائج فورية، اذ ان التفاهمات على ملفات البحث تتطلب الكثير من النقاش والبحث المعمق، الا ان مجرد انعقاده سيوقف على الاقل الاحتقان في الشارع، قبل ان يبدأ بتنفيسه تدريجا مع الجلسات المتتالية اعتبارا من مطلع العام، وهو هدف حرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على تحقيقه باصراره على تقديم موعد الجلسة الاولى، علما انه لا يشارك في الحوار الا من زاوية الرعاية عبر حضور وزير المال علي حسن خليل كمنسق، متجاوزا انتماءه السياسي الى فريق 8 اذار.

ي المقابل، قالت اوساط سياسية مطلعة ان هدف زيارة لاريجاني اقليمي محض، يتصل تحديدا بالملف السوري واقتراحات الحلول التي كان حملها الى بيروت نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف معتبرة ان ايران حاولت وتحاول تثبيت موقعها ودورها في اي حل للملف السوري او لسائر الازمات في المنطقة، خشية قفزة روسية فوقها، مذكرة بموقف مستشار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي اكبر ولايتي من ان “ايران لديها اليوم نفوذ اساسي في المنطقة يمتد من اليمن الى لبنان”. واعتبرت ان هذه المواقف تعكس في مضمونها رسائل لمن يعنيهم الامر بأهمية الدور الايراني في اي حلول ترسم لازمات المنطقة. وختمت بالاشارة الى ان لاريجاني تعمد تعويم حزب الله بقوله انه اكثر فاعلية من بعض الدول في المنطقة، ليذكر بأن بلاده ما زالت تمتلك ورقة الحزب الممكن ان تفجرها في حال ارتأى بعض القوى الدولية تجاوزها او تخطي دورها وعزلها.

و من جهة ثانية، رصد حراك للسفير الاميركي ديفيد هيل بين عدد من المقار السياسية، اذ وبعد زيارة معراب امس زار اليوم الرئيس ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، ثم توجه الى عين التينة حيث اعلن ان الموفد الاميركي المكلف بملف النفط والغاز والحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة سيعود قريبا الى المنطقة. وشدد على ان اللبنانيين وحدهم يستطيعون وعليهم ويجب ان ينتخبوا رئيسا في شكل عاجل بما يمكن البلاد من مواجهة التحديات وفقا للدستور وللميثاق الوطني الذي يبدو لنا ضرورة.

في هذه الأثناء، يشعر أهالي العسكريين المحتجزين لدى “داعش” و”جبهة النصرة” بفرحة الاعياد هذا العام، بل أتى عيدا الميلاد ورأس السنة، ليزيدا من لوعتهم ووجعهم على غياب من يحبّون منذ أكثر من 5 أشهر. الا ان الامل بعودتهم يبقى ماثلا، وهذا ما يؤكده الناطق باسم الاهالي حسين يوسف، الذي قال لـ”المركزية”، نأمل ان يكون أبناؤنا معنا قبل رأس السنة أو في مطلع السنة المقبلة، فيتحول العيد عيدا وطنيا كبيرا.

يوسف أكد ان “لقاءات الاهالي ستستكمل في كل الاتجاهات وقد نزور الفريق نفسه أكثر من مرة لنرى اين أصبحت قضية أبنائنا، وكل المكونات السياسية في حساباتنا، واذا تخطينا أحدها فلأننا نعرف موقفها ورأيها”. ولفت الى ان جولتنا على المسؤولين الذين التقيناهم كانت ايجابية، وتمكنا من توحيد الصف وانتزاع كلمة واضحة من الجميع حول المقايضة والتفاوض”. وعن الوسيطين العاملين حاليا علي خط الملف، اعتبر يوسف انهما “يمكن ان يتعاونا في القضية، لكن “داعش” أبلغتنا انها تريد أحمد الفليطي فقط، وقد تكون هناك أمور سرية في الموضوع نحن لا نعرفها”، مشيرا الى ان “النصرة” غير بعيدة عن المفاوضات. ويتم العمل على الملفين حاليا، لكن هناك أمرا في العلن وآخر سريا”.

ما الرسالة التي نقلها الفليطي من “داعش”؟ لا تعنينا هذه الرسائل ولا نريد التدخل فيها. هذه الامور برسم الدولة. نحن تهمنا النتيجة واطلاق العسكريين فقط، لكننا نناشد تحقيق مطالب الخاطفين ضمن اطار المنطق والعقل طبعا، ليعود أبناؤنا.
وأعلن يوسف ان “ما شعرناه من الفليطي ومن الزيارات التي قمنا بها أرخى جوا تفاؤليا علينا، ويبدو ان ثمة توجها نحو حلحلة في الملف، نأمل ان تكون قريبة”. واذ أكد ان لا تواصل مع الشيخ وسام المصري، لفت الى اننا “نأمل ايجابيات من أي طرف أتت، ونبارك أي خطوة تساعد في حل الملف، ولن نصم أذنا لاي يد بيضاء”.

____________

(*) – إعداد: هشام يحيى