حبذا لو أهدى “بابا نويل” اللبنانيين دولة!

وسام القاضي

لم تقتصر التمنيات ولو كانت من واقع الأحلام على الأطفال فقط في لبنان، بل شملت الكبار أيضا الذين مضوا في عالم الأحلام وإنتظروا أن تنفرج الأوضاع في لبنان مع إنقضاء هذا العام وحلول عام جديد ويدخل القصر الرئاسي في بعبدا شخصية مرموقة تجمع ولا تفرق، تَحكُم ولا تُحكَم، تنشط عمل المؤسسات ولا تشلها، توحد كافة القطاعات الأمنية والعسكرية ولا تشرذمها وفق الإنتماءات المذهبية.

مع إنقضاء كل عام ومنذ إندلاع الحرب اللبنانية عام 1975 عبارة تتكرر دائما على لسان المواطنين في تبادل التهاني بين بعضهم البعض “إن شاء الله السنة الجاية أفضل من سابقاتها”.

وللأسف الشديد فإن الأمور إلى إنحدار مستمر منذ ذلك الوقت ولم تتحسن الظروف والأوضاع حتى وصلت الأمور إلى حد يترحم فيها البعض على حرب السنتين وقت إندلاع الحرب، فالظروف المعيشية والإقتصادية كانت أفضل بكثير مما هي عليه اليوم، حتى أن الحرب التي قسمت البلاد إلى شطرين إستمرت فيه عمل المؤسسات الرسمية بالرغم من إنقسام الإنتماء داخل تلك المؤسسات، أما اليوم فالبلاد تعيش وكأنها مزرعة مشرذمة مع فوضى عارمة، كل واحد يفتح على حسابه الخاص، وكافة المواقف والقرارات تتخذ وفق مصالح الإنتماء وليس مصلحة البلاد العامة.

Lebanon-flag

لم يعد هنالك من مفهوم للدولة، أو بصريح العبارة لم يعد هنالك من دولة، فالمواطن لا يشعر بأن هناك دولة عادلة يعيش تحت كنفها، بل هناك أقطاب عليه الحصول على غطاء منهم ولهذا فهو يعمل وفق الإنتماء لهم وليس للدولة، فكيف يعقل أن تكون الأجهزة الأمنية مصنفة وفق الإنتماء المذهبي للمسؤول عنها، فكل جهاز أصبح له صبغة سياسية، وهذا ليس خافيا على أحد، بالرغم من كلام بعض المغالين لنكران هذا الواقع الأليم.

كيف يعقل أن يكون الضابط والقاضي على سبيل المثال تحت السقف السياسي، فهذا يشل عملهم بالكامل، وهم مضطرون كون القرار السياسي هو الذي يشكل نطاق عملهم وهو الذي يعطي قرارات الترقية أن يتأقلموا مع هذا الواقع، فكيف بالتالي سيتعاطون بالشأن العام دون خضوعهم للتدخلات السياسية؟

هذا هو جزء من الفساد الإداري فلا رهبة للقانون في لبنان لأنه مطاط، فالدركي على سبيل المثال يتعاطى مع المخالف بعد إطلاعه على أوراقه الثبوتية وفق إنتمائه المذهبي والمناطقي، إما يسهل أموره أو يصعبها، فكيف سيحترم المواطن قانونا بلا دولة، رتبط بالمزاجية والأهواء؟

صحيح أن ما يكشف اليوم من فساد غذائي وفساد زراعي وفساد صحي يثلج صدر المواطن لكنه لن يشفي غليله، فالفساد ضرب العامود الفقري لوجود لبنان، لأنه فساد سياسي وإجتماعي وإقتصادي إلى ما هنالك من فساد، فهل هنالك من رجال دولة قادرون على مواكبة هذه الخطوات أم سيقتصر الأمر على بعض الوزراء وستطوى الملفات بعد تغيير الحكومة؟

لا يمكن أن تتم إستمرارية الإصلاح والنهوض بالبلاد في غياب مفهوم الدولة الحقيقي والتي يتحمل مسألة غيابها القوى السياسية والشعب على حد سواء، هذا الشعب الذي أصبح يسير وفق الغريزة الطائفية بدل الخط الوطني الكبير.

حلم كان حتى “بابا نويل” لم يستطع تحقيقه بإهداء الشعب اللبناني دولة بكل ما للكلمة من معنى، وطبيعي أن الأمل سيبقى حتى ولو لم يكن من وميض أمل في الأجواء الراهنة، وكما يقول الشاعر “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار