هل أنقذت الأموال السورية الإقتصاد اللبناني؟

ربيع دمج – الأنباء
مع بداية الأزمة السورية في العام 2011 عمد المستثمرون السوريون إلى إخراج أموالهم نحو البلدان المجاورة ومنها لبنان، حينها قدرت الأموال السورية التي تم تهريبها من البلد خوفاً من النكسات الإقتصادية بحوالي 20 بليون دولار، وإصطدم المستثمرون السوريون فيما بعد (بعد سنتين من الأزمة)،  بأمرين أساسيين هما تطبيق “نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية” لمكافحة عمليات تبييض أو غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب. فرفضت المصارف في لبنان فتح حسابات مصرفية جديدة للسوريين بشكل عام، وذلك تنفيذاً لإجراءات المقاطعة الأميركية والأوروبية، مما دفع السوريين نقل أموالهم إلى بلدان أخرى.
بحسب خبراء الإقتصاد والمصرفيين اللبنانيين فهم يعتبرون بأنّ الأزمة السورية أثرت بشكل واضح على الواقع النقدي في لبنان، إذ يلفت الخبير الإقتصادي طوني ليشع في حديث مع “الأنباء” إلى أنّ “الودائع السورية في لبنان قبل الأزمة قدرت  بـ16 مليار دولار هو من أصل 144 مليار حجم الودائع في البنوك اللبنانية، ومع بداية الأزمة السورية إرتفع رقم الودائع ورقم إحتياطي مصرف لبنان بشكل خاص من 29 مليار إلى 37 مليار”.
ويضيف “لم تعلن السلطات النقدية اللبنانية مصدر هذه الزيادة، رغم أن هذه الفترة شهدت إنخفاضاً في واردات السياحة اللبنانية وضعف التحويلات من الخليج وأوروبا، وهذا يدل على أن هذه الزيادات الكبيرة والمفاجئة مصدرها سوري، فهناك 40 فرعاً للمصارف لبنانية في سورية، وهي تستحوذ على 51% من حجم في المقابل فإن معظم الاقتصاديين يؤكدون إن نسبة مرونة تأثير الاقتصاد السوري المباشرة على الإقتصاد اللبناني هي بحدود 20%، وهو يعني إن انخفاض معدل النمو السوري 1% يقابله فوراً 0.2% من الجانب اللبناني”.
من الناحية المصرفية فإن النظام المالي اللبناني لا يستطيع تحمل ودائع كبيرة وسط تباطؤ النمو الاقتصادي لأن ذلك سيساهم في زيادة فوائد مالية عالية، وتعتبر الاستثمارات السورية في لبنان ضعيفة مقارنة مع العدد الكبير للوجود السوري في البلد،  وهذه المشاريع أغلبها ورشات ومطاعم صغيرة. وعن هذا الأمر يشرح ليشع بأن “تهريب رؤوس الأموال السورية  نجو لبنان لم يكن للاستثمار بل من أجل الأمان،  لذا هناك إمكانية كبيرة من عودة هذه الأموال في حال عاد الإستقرار إلى سوريا”.
من جهة أخرى، يرى مصرفي لبناني (يعمل مديراً لأحد المصارف اللبنانية) بأن حجم الاستثمارات السورية في لبنان وصل  فعلياً الى ما بين 1.5 الى 2 مليار دولار، وهو رقم مقبول وليس ممتازاً، ولا يضيف الكثير  من الإيجابيات إلى الإقتصاد اللبناني”، مضيفاً بأنّ “حجم الودائع العربية في المصارف اللبنانية يوازي 13 مليار دولار وبالتالي لا يمكن أن تكون الودائع السورية بقيمة 10 مليارات دولار كما أشيع سابقاً في عدد من الوسائل الإعلامية”.
 ويرى المصرفي اللبناني، الذي فضل عدم الكشف عن إسمه، بأن “لبنان خسر كثيراً من رؤوس الأموال ومن الإستثمارات الصناعية السورية التي لم تأت إلى لبنان بسبب الأكلاف الإنتاجية المرتفعة وفضلت الأسواق العربية الأخرى”.