مستشفى تشرين في دمشق الداخل مفقود والخارج مولود

العربية – تحول مستشفى تشرين العسكري في العاصمة دمشق إلى ثكنة عسكرية بعد أن كان قبل اندلاع الثورة السورية عبارة عن مستشفى حكومي عادي يهتم بقطاع الجيش بشكل خاص.

وقال مكتب دمشق الإعلامي الذي أعد تقريرا مفصلا حول المستشفى إن “عددا من الدبابات باتت تنتشر في داخله اليوم، كما يتمركز على سطحه قناصة قوات النظام، إضافة إلى وجود مدفع من عيار 23 داخله، بحسب تأكيدات ناشطين سوريين”.

ورغم كل التقارير الإعلامية التي عرضت من داخل المستشفى تحت مراقبة عناصر الأمن، إضافة إلى الزيارات المتعددة التي قام بها رأس النظام لبعض الجرحى داخله، إلا أن جانباً مما يحدث في مستشفى تشرين بقي بعيداً عن عيون الكاميرات والصحافة والمنظمات الإنسانية، فبحسب مكتب دمشق الإعلامي فإن الداخل إلى المستشفى من المعتقلين مفقود والخارج منه مولود.

وأضاف مكتب دمشق الإعلامي أن “مستشفى تشرين العسكري يعد أحد المشافي التي يحول إليها المعتقل المصاب بإصابات مزمنة جراء التعذيب داخل الأفرع الأمنية، وذلك قبل تحويله إلى سجن عدرا، إلى جانب المستشفى العسكري 601 الواقع في منطقة المزة”.

وذكر تقرير المكتب أن “المعتقل منذ لحظة دخوله وحتى خروجه من مستشفى تشرين يتعرض لانتهاكات جسيمة، وتعذيب ممنهج، يؤدي إلى الوفاة في معظم الأحيان، فضلا عن الإذلال والإهانة التي يتعرض لها المعتقلون داخل دهاليز هذا المستشفى”.

شهادة أحد الناجين

وأكد أحد الناجين من الاعتقال في مستشفى تشرين لمكتب دمشق الإعلامي أن “الممرضة أجبرتهم على التعري على مرأى الجميع من مدنيين وعسكريين وأطباء بغرض إذلالهم والسخرية منهم”.

ويقتصر علاج معظم المعتقلين داخل المستشفى على بعض المعقمات والشاش الطبي، ويتم ذلك بطريقة وحشية، حيث يعطى المريض المعقم والشاش أحياناً، ومن ثم يؤمر بأن يقوم بتضميد جراحه بنفسه، وغالبا ما يكون الموت هو العلاج الوحيد لغالبية المصابين.

يقول آدم، وهو معتقل سابق قادته إصابته الخطيرة في قدمه إلى مستشفى تشرين: “استيقظت صباحاً لأجد نفسي في زنزانة لا يتعدى طولها 3 إلى 5 أمتار. كانت أجساد كثيرة ملقاة على الأرض وفوق الأسرة، وكان عدد الأشخاص على الأسرة يومها 12 بين مستلق وجالس، و23 آخرين كانوا على الأرض بين حي وميت، عدا عن الجرذان التي كانت تشاركنا الزنزانة، ورائحة الموت حولنا”.

ويضيف آدم: “أنا عايش – أنا عايش.. كانت تلك جملتي الأولى بعد أن استيقظت من الصدمة، فانهال علي السجان بالضرب قائلا بالحرف الواحد: لا تخف رح تموت متلن”.

قتل المعتقلين وتصوير جثثهم

ووفقا لما رواه آدم، تحول الممرضون في مستشفى تشرين إلى عمال “سخرة” لحمل جثامين الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب، ويقول: “دخلنا إلى الزنزانة ذاتها، وطلب منا أن نخرج جميع الجثث المكومة فيها، وأن نضعها على قارعة الطريق الموازي للمستشفى، ومن ثم وضع لصاقة بيضاء على جبين كل جثمان، وتعريتهم بالكامل”، ويضيف: “جثث الموتى الذين كانوا شبابا وكهولا كانت متقرحة ونحيلة، ومنها ما هو منتفخ حتى غابت ملامح الوجه”.

يتابع: “بعد ذلك أتى جندي يحمل بين يديه كميرا رقمية، وراح يمر فوق كل جثمان ويلتقط له صورة شاقولية على مستوى الوجه تباعاً، ثم أخذ صورا من زاوية أبعد تظهر كم الجثث المترامية”.

ويؤكد آدم أنّ الجثث نقلت إلى شاحنة كبيرة، وتكررت العملية فيما بعد عدة مرات، وهو ما يثبته التقرير المصور الذي كانت وكالة الأناضول للأنباء قد بثته بعد حصولها على آلاف الصور المسربة لمعتقلين قضوا داخل سجون قوات الأسد ومشافيه. ويظهر في الصور مشهد كالذي وصف من داخل مستشفى تشرين العسكري، جثث مكومة وضعت عليها أرقام فيما آثار التعذيب تظهر بوضوح عليها، وهي طريقة النظام في توثيق القتلى الذي قضوا في سجونه، حيث يبدو أن أحد المسؤولين عن التصوير قام بتسريب تلك الصور.

وتقول التقارير المسلمة لأهالي المعتقلين من مستشفى تشرين العسكري إن أبناءهم قضوا جراء “أزمة قلبية”.