جعجع: خطف العسكريين أضر كثيرا بالثورة السورية

رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “من يعطل انتخابات رئاسة الجمهورية هو فريق مسيحي، بالاضافة الى حزب الله”. وإذ اعتبر ان “احتجاز وخطف العسكريين اللبنانيين أضر كثيرا بالثورة السورية”، أكد ان “نظام الأسد انتهى، ولكن الايرانيين والروس يبقون عليه على التنفس الاصطناعي، ولأن الأميركيين يرفضون حتى اللحظة دفع الثمن للروس”.

كلام جعجع جاء في مقابلة مع Orient TV حيث لفت إلى ان “البعض في لبنان منذ نعومة أظافرهم، يحلمون بالوصول الى رئاسة الجمهورية لأنهم طالبو ولاية، اما أنا فلا أؤمن بالصراع على الزعامة المارونية، بل بالعمل التراكمي الذي يوصل الشخص الى الزعامة في مجتمعه أم لا”.

وأشار إلى ان “مسيحيي سوريا ليسوا في وضع يمكنهم من التعبير عن آرائهم بحرية، فالمسيحيون الموجودون في مناطق النظام، مضطرون أن يكونوا مع هذا النظام، والمسيحيون الموجودون في مناطق المعارضة هم مع المعارضة، وبالتالي لا أعتقد أن قسما كبيرا منهم يخالفونني الرأي، بما يتعلق بالثورة السورية، أما المسيحيون في لبنان فهناك قسم كبير منهم مع الثورة السورية، باستثناء قسم منهم ملتزم إيديولوجيا”، لافتا إلى أن “بعض المسيحيين يخافون من الظواهر المتطرفة كداعش، فدعاية بشار الأسد وحلفائه في لبنان قوية جدا ومؤثرة، ولكن المسيحيين في لبنان، هم دائما مع أي توجه نحو الحرية والديمقراطية، وقيام دولة تعطي كل مواطن حقه”.

وقال: “لا أرى خلاصا لا للمسيحيين ولا للمسلمين ولا للعلويين في سوريا أو خارج سوريا بدون منطق التاريخ، اذ يجب ان يكون هناك دولة قائمة هي دولة الحق والقانون، وخارجها لا يوجد أي بحث، نحن كقوات قاتلنا في سبيل الحرية وقيام دولة في لبنان، لذا موقعنا الطبيعي هو الى جانب الثورة”.

وتوقف عند مقولة “تحالف الأقليات”، مشيرا إلى أن “النظام في سوريا هو نظام أقلوي علوي، كما ان المسيحيين في هذا الشرق هم أقلية ايضا، ولكن أكثر نظام تسبب بأذى للمسيحيين هو نظام الاسد، فعن أي تحالف أقليات نتكلم؟”.

واذ لفت الى ان “الثورة السورية بطروحاتها المبدئية، لا سيما طروحات الائتلاف الوطني السوري تشبه ما يؤمن به المسيحيون، لكن الواقع على الأرض حاليا لا علاقة له بمنطلقات الثورة السورية ومبادئها، فما نراه على الأرض اليوم هو مجموعات سورية تتقاتل”، أكد أن “أقل أكثر من نصف المسيحيين في لبنان، هم من داعمي الثورة السورية منذ بدايتها وضد نظام الأسد”.

وردا على سؤال، اجاب “ان كتابات على شاكلة “اعرف عدوك، السوري عدوك” التي انتشرت مؤخرا في أحياء الأشرفية مردها الى بعض أجهزة الاستخبارات، فليس السوري عدونا بالمطلق، ان عدونا هو من يعادينا، بعض المسيحيين متخوفون من ظواهر كتنظيم داعش، ولكن هذا لا يعني أنهم أصبحوا مع نظام بشار الأسد او داعمين له”.

واعتبر ان “الناس في لبنان استقبلت اللاجئين السوريين على الرحب والسعة في بداية الأزمة، ولكن بعد أن قفز عددهم الى ما فوق المليون علت الصرخة، فإن البنى التحتية للبنان التي لا تحتمل اللبنانيين بحد ذاتهم، وكلكم ترون ما نعانيه من نقص في الماء والكهرباء والطرقات. ولا ننسى أن لدينا نصف مليون لاجئ فلسطيني، فالمواطن اللبناني تعب وعلى السوريين ان يعلموا ان الوضع القائم أرهق كاهل اللبناني، وما أدى الى تفاقم هذا التعب بشكل كبير جدا هو أحداث عرسال الأخيرة”.

وقال: “نحن ضد قتال حزب الله في سوريا، وهذا أمر لا يجوز، ولكن هذا لا يبرر أن يقوم قسم من اللاجئين في عرسال بالهجوم على الجيش اللبناني، وهذا لا يبرر بأي شكل من الاشكال اخذ حوالي 30 جنديا كرهائن، ثم يضعون شروطا لإطلاق إسلاميين من السجون اللبنانية، فهذا أمر غير مقبول”.

أضاف “كان من الضروري جدا ألا يتدخل أي فصيل من فصائل الثورة السورية مهما كان انتماؤه العقائدي في الشؤون اللبنانية، وألا يهاجم الجيش اللبناني، فالجيش اللبناني له الحق بكل ما يفعل، نحن مع الثورة السورية، ولكن أن تصل الأمور الى حد الاعتداء على جيشنا أو حدودنا، فهذا أمر مرفوض من قبلنا، ان احتجاز العسكريين اللبنانيين أضر كثيرا بالثورة السورية، فمن يحتجزون الجنود الأسرى هم أبعد ما يكون عن الثورة السورية، ولكن لا يمكننا أن نطلب من الناس العاديين التمييز في هذا الأمر”.

ورفض “فكرة طرح تجنيس المسيحيين الهاربين من سوريا كلبنانيين”، معتبرا أن “هذا ليس بالأمر السهل، فاذا طرحنا تجنيس المسيحيين الهاربين من دول الجوار يمكن أن يطرح الآخرون تجنيس العلويين أو السنة. وبالتالي سنفتح أبوابا كثيرة، لا أعرف ان كان من مصلحة لبنان أن تفتح في الوقت الحاضر”.

وعن موقع المسيحيين في الحرب السنية- الشيعية المستعرة في المنطقة، أمل “الا يكون هناك منتصر وخاسر، وأن تحل الأمور بطريقة سلسة، ان المسيحي يجب ألا يتدخل في الصراع السني- الشيعي اذا كان الأمر يتعلق بخلاف في الدين، ولكن يجب على المسيحي أن يكون له موقف في السياسة، اذا كان الأمر متعلقا بأمور سياسية محددة، مثلا البعض يقولون ان القوات اللبنانية في لبنان متحالفة مع السنة ولكن هذا غير صحيح، نحن لدينا نظرة معينة ومشروع سياسي للبنان صدف ان تيار المستقبل، الذي يمثل أكثرية سنية في لبنان لديه النظرة نفسها، ومن الطبيعي ان نتحالف معه، فنحن لم نجلس ونفكر هل نتحالف مع السنة أو الشيعة، فهذا خطأ”، لافتا إلى أنه “لو كان حزب الله لديه نفس النظرة للأمور لكنا تحالفنا معه، وبالتالي على المسيحيين أن يحددوا موقفهم من كافة الأمور المطروحة بدءا من القضية الفلسطينية، وكيفية حلها مرورا بالأزمة السورية وكيفية حلها وصولا الى الوضع في العراق وكيفية معالجته وسلاح حزب الله في الداخل اللبناني”، يجب ان يكون لديهم مواقف سياسية واضحة من هذه الأمور ومن ثم يجرون تحالفات مع من يجارونهم في هذا التفكير”.

وعن استبعاد المسيحيين عن الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، قال: “هذا حوار خاص له علاقة بتخفيف التشنج الشيعي- السني الموجود في لبنان، وليس له علاقة لا باعادة هيكلة لبنان، ولا بالبحث عن رئيس جمهورية جديد. المسيحيون موجودون في كل القضايا الوطنية، ولا أحد يستطيع تغييبهم، أو لديه النية لذلك”.

ورفض مقولة ان “السنة والشيعة في المنطقة، هم من يقررون الرئيس الماروني في لبنان”، مشيرا الى انه “لو قرر العماد ميشال عون النزول غدا الى مجلس النواب وانتخاب رئيس، لكنا انتخبنا الرئيس العتيد. اذا المسألة ليست متعلقة بالسنة والشيعة، ولكن للأسف في الوقت الحاضر، من يعطل انتخابات رئاسة الجمهورية هو فريق مسيحي بالاضافة الى حزب الله”.

وردا على سؤال، أجاب: “ان نظام الأسد انتهى منذ العام 2012، وليس هو الحاكم اليوم في الشام، من يحكم هو القوى العسكرية التي يستعين بها لإبقاء الوضع كما هو، الأسد موجود كصورة، فالروس والايرانيون ليسوا مصرين على بقاء الأسد، بقدر ما هم مصرون على بقاء نفوذهم، الأسد عمليا انتهى، ولكن الايرانيين والروس يبقون هذا النظام على التنفس الاصطناعي، الى حين ايجاد من يؤمن لهم نفوذا ومكاسب توازي تلك التي كانت لهم إبان وجود الأسد، فحين يعطيهم أحد نفس النفوذ، الذي كان يؤمنه لهم الأسد يتخلون عنه في لحظة”.

ولفت الى ان “بشار الأسد باق حتى الآن لأن الأميركيين يرفضون حتى اللحظة دفع الثمن للروس، الأسد مائت سياسيا ويوجد أكثر من بديل مكانه”.

واعتبر ان “أمراء الحرب في سوريا لن يتحولوا الى قادة سياسيين، للأسف، لأن الوضع العسكري في مكان، والثورة السورية في مكان آخر، سيكون هناك نظام جديد في سوريا مختلف عن النظام الحالي، المسيرة قد تطول، ولكن الأكيد ان الوضع لن يكمل كما كان قبل 15 آذار 2011، وأغلب الظن أنه سيكون هناك نوع من اتفاق طائف سوري ما، يجمع السنة والعلويين والمسيحيين، أما الأكراد فسيكون لهم نوع من الحكم الذاتي على طريقة كردستان العراق، ولا أعتقد ان هناك تقسيما وتغييرا في الحدود، اذ لا بديل عن لم الشمل السوري”.

وعما اذا كان يرى فرقا بين داعش والنصرة، أجاب: “في الممارسات طبعا، ولكن في المنطلقات العقائدية، لا اعتقد، إلا في بعض الفروقات البسيطة غير المهمة على المستوى العام”.

وعن رؤية البعض ان داعش تعزز فكرة الديكتاتوريات التي تتحجج بأنها تحارب الارهاب لتحافظ على بقائها، رفض هذه الفكرة، معتبرا ان “هناك وعيا، فبدل نظرية إما داعش إما الديكتاتوريات سارت نظرية أخرى ضد داعش وضد الديكتاتوريات في الوقت عينه، فالباقون هم الأكثرية”.

وعمن سيخلفه سياسيا، قال: “من سينتخب من بعدي رئيسا لحزب القوات اللبنانية، وقد نشهد من الآن حتى سنة، أول عملية انتخاب حزبية، فأنا لا أؤمن بتأسيس أحزاب على اساس عائلي”.

وردا على سؤال، أجاب: “لو كنت رئيسا لجمهورية لبنان، لكان مشروعي هو مشروع قوى 14 آذار، أي قيام دولة فعلية في لبنان وجمهورية قوية، كنت لأهتم بالجيش اللبناني ليكون قويا، وأبعد التدخلات السياسية في الأجهزة الأمنية الأخرى، كما أنني لا أؤمن بحكومات الوحدة الوطنية، التي لا تفعل شيئا، ولا تستطيع فعل شيء، ميلي الأساسي هو نحو إنشاء حكومات تكنوقراط، لأن السياسيين في الحكومة يعملون في السياسة، بينما علينا استقدام وزراء ليعملوا داخل وزاراتهم، ثم أقوم بحرب أساسية على الفساد في لبنان، وترهل الادارة والدولة والنظام والقانون والقضاء، الذي تشوبه ثغرات كبيرة، إضافة الى المشاكل الاستراتيجية الكبرى، مثل ترسيم الحدود مع سوريا، الذي يجب أن يتم فورا، والسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات، وأي سلاح غير شرعي لبناني أو غير لبناني، يجب أن يكون داخل الدولة اللبنانية”.

وفي موضوع اللاجئين السوريين، قال: “لا يستطيع لبنان الاستمرار في تحمل هذا العبء، فعندما يصبح هناك مناطق آمنة في سوريا يجب مساعدة هؤلاء ليعودوا الى بلادهم في هذه المناطق الآمنة، لأنها تبقى أفضل لهم من اللجوء في لبنان بانتظار حل نهائي سياسي في سوريا”.

وتمنى “حصول تفاهم مع العماد ميشال عون، حول موقع رئاسة الجمهورية، شرط ألا نحصر بخيار وحيد دون سواه، فهذا أمر غير منطقي، والأمور يجب أن تكون موضع أخذ ورد”.

وفي الختام، توجه الى مسيحيي سوريا بالقول: “يجب أن تتبنوا سياسة واضحة، ولا ينبغي أن تستمروا وكأن لا علاقة لكم بما يجري في سوريا، باعتبار أن النظام السابق عودكم على هذا الأمر، يجب أن تعتبروا انفسكم سوريين مسؤولين مثلكم مثل السنة والعلويين والاسماعيليين والدروز والأكراد، أي انكم معنيون بالشاردة والواردة في سوريا، وانتظموا في أحزاب على هذا الأساس، كما يجب أن تتشبثوا بأرضكم بالرغم من صعوبة الوضع كما فعلنا نحن في لبنان من جهة، وأن تتمسكوا بحريتكم وكرامتكم من جهة ثانية لمصلحتكم ولمصلحة سوريا حرة، سيدة، مستقلة وتعددية للمستقبل”.