الدم الفلسطيني ينتصر في صراع الأرض

جليل الهاشم

كان يمكن لهذه الايام أن تكون فلسطينية بامتياز لولا أن “الربيع العربي” الذي طال انتظاره تأخر عقد زهوره، وما زال يتلمس طريقه في غير بلد عربي، وما زالت الانواء تعصف بسوريا والعراق في ظل صمت مريب، بحيث تجاوزت مأساة الشعب السوري تلك التي عاناها ويعانيها الشعب الفلسطيني، واحتلت صدارة الإعلام العربي والعالمي، حتى أن خبر إستشهاد الوزير الفلسطيني زياد ابو عين، على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، مر عابرا، وسط أخبار القتل والتدمير والذبح.

كان يمكن لهذه الأيام أن تكون فلسطينية بامتياز تزامنا مع الدعوة المرتقبة لمجلس الامن، للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإن تحت الاحتلال، بحدود ما يعرف ب “العام 1967″، على أن يتم وضع نهاية لهذا الإحتلال في مجلس الامن، ويلزم إسرائيل بتنفيذ تعهداتها والتزامتها، بحل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن.

ففي حين تحتدم الصراعات على طبيعة الانظمة وهويتها، جارفة سيول دماء في سوريا والعراق واليمن وليبيا، يبقى الصراع في فلسطين قبلة الامة العربية، حيث هو صراع على الارض، وجيوسياسيتها، وهوية ساكنيها، وهو الصراع المزمن والذي طال أكثر من قرن وعقدين من الزمن حين أطلق مؤسس الكيان الصهيوني، تيودور هرتزل مقولته الشهيرة، عن أن فلسطين “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، تلك المقولة التي دحضتها دماء الوزير زياد أبو عين، الذي كان يزرع الزيتون، ليؤكد هوية الارض، مسجلا من جديد إنتصار الدم الفلسطيني على التعصب الصهيوني وتطويع الارض، وإغتصاب ما تبقى من فتاتها.

كان لهذه الايام أن تكون فلسطينية بامتياز، لولا الانقسام الفلسطيني، الذي تمارس فيه حركة حماس دور الذراع الطولى، فتمنع الفلسطينيين في قطاع غزة من إحياء ذكرى استشهاد الزعيم الفلسطيني “أبو عمار”، وتغمر قطاع غزة بموجة تفجيرات، تطال مقار حركة فتح، والسلطة الفلسطينية وكل ما عمل لاجله الزعيم الراحل، وتدمر في الوقت عينه رمزية  “أبو عمار” ونضالاته، من أجل الدولة الفلسطينية، وكل محاولاته لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وإيجاد السبل الكفيلة بتعويضه بعضا مما اصابه خلال النكبات والهزائم المتتالية.

كان يمكن لهذه الأيام أن تكون فلسطينية بامتياز، لولا أن حركة حماس، لم تحتفل مع الإيرانيين بالذكرى ال 27 لانطلاقتها، حيث أشاد القيادي الحمساوي أبو عبيده، بإيران، التي قال إنها تمد حماس بالأموال وتزودها بالسلاح، فكيف تحتفل غزة بإيران ويمنع عليها الاحتفال بذكرى المناضل الفلسطيني الاول “ابو عمار”؟

إنه قدر الشعب الفلسطيني أن يبقى موزعا بين القوى الاقليمية التي تناتشت قضيته، قبل أن يلملم “أبو عمار” ما إستطاع من شتاتها من براثن الأنظمة العربية، إلا أن القدر يتدخل من جديد ليضع بعضا من القضية الفلسطينية في يد النظام الايراني، وإن على يد فلسطينيي حركة حماس.

فهل تثمر مساعي السلطة الفلسطينية في الحصول على إعتراف مجلس الامن بالدولة الفلسطينية، بعد إعتراف عدد من الدول الاوروبية، في لم الشمل الفلسطيني، بعد الاعتراف الدولي؟