صراع الأمم…والإشتراكية ذات الخصائص الصينية!

هشام يحيى

أن الناظر للممارسات التطبيقية الناجحة والإنجازات العظيمة التي حققتها الصين من خلال الإشتراكية ذات الخصائص الصينية لا يمكنه إلا أن يتوقف عند تلك الإشتراكية واصلاحها العميق وانفتاحها الشامل خصوصا على صعيد خطها التجديدي المشروع والضروري للفكر الماركسي الذي كان ولايزال يشكل المصدر الأساس للإشتراكية ذات الخصائص الصينية التي خلعت عنها وتحت وطأت التحديات العالمية الراهنة تلك المفاهيم القديمة المنغلقة التي لطالما شكلت حجر عثرة أمام تطوير وتقدم الإشتراكية لكي تكون قادرة على مواكبة متطلبات النهضة الإنسانية وذلك بعيداً عن الأخطاء والإخفاقات المتراكمة التي تشكل مصدر غنى وتنوير للإشتراكية ذات الخصائص الصينية  التي استفادت من مسألة استقاء العبر و دروس من تجارب الماضي القريب والبعيد من أجل العبور نحو حاضر ومستقبل أكثر ريادة .

وإذا كان من الصعوبة بمكان استنساخ الإشتراكية الصينية كنموذج ناجح للتطبيق على بقية شعوب العالم إلأ أن هذه الإشتراكية ذات الخصائص الصينية تستحق بجدارة كبيرة أن تكون مصدرا ملهما لتطور وتقدم فكرة الإشتراكية في بلدان أخرى، لتصبح الإشتراكية أكثر دينامية وفعالية في التأقلم  مع خصوصيات شعوب البلدان الآخرى التي لا تزال تؤمن بأن الإشتراكية لا تزال تمثل برجائها وتطلعاتها ذلك الحلم الإنساني النبيل بالعدالة والمساواة بين البشر من  خلال تحقيق العدالة الإجتماعية التي تقلل الفوارق وتؤمن تكافؤ الفرص في كل أشكال الحياه من حق الإنتخاب والتمثيل وفرص التعلين والصحة والقدرة على التوظيف في ظل ما يشهده العالم البشري الإنساني من اهتزاز وغرق مفرط بالحروب الدولية والإقليمية والأهلية على أطلاقها في ظل هيمنة النظام الرأسمالي على مقدرات وثروات هذا العالم الذي تتناتشه الأطماع المفرطة للطبقة البرجوازية الرأسمالية التي لا تكل ولا تمل في سعيها الدؤوب الدائم من أجل فرض نهجها الإستغلالي المتعالي العنصري لفقراء هذا العالم الذين لا يزال قسما كبيرا منهم خاضعا قابعا تحت سطوة العبودية المتنوعة الإوجه والأساليب.

فالإشتراكية بجوهرها ومقاصدها الإنسانية الملهمة والمحركة والدافعة للثورات عبر التاريخ،لا تزال صالحة للتطبيق ضمن سياق ارتباطها بجدلية التقدم العلمي الطبيعي والإجتماعي خصوصا أن هذا السياق بما يمثل من ثورة في تاريخ الفكر الإنساني هو سياق متحرك متطور بجديلة مستمرة لا تتوقف عن استنباط الحلول من أجل تحقيق العدالة الإجتماعية الإشتراكية الرافضة للظلم والتفاوت الإجتماعي والتائقة لتحقيق الحق والعدل والمساواة…وضمن منظور توسيع أفاق المدارك البشرية والوعي الإجتماعي مع ما يمكن أن أن يوفر من قدرات وإمكانات لإحداث التغيير الإقتصادي والإجتماعي نحو الأفضل،  فأن الإشتراكية ذات الخصائص الصينية تأتي ضمن سقف ارهاصات هذا السياق التطويري للإشتراكية القادرة على تقديم النموذج المناسب لتطور حياة الإنسان نحو مساحات أفضل تتحقق فيها العدالة والمساواة بين البشر .

وضمن هذا الإطار، فأن الإشتراكية ذات الخصائص الصينية هي في حقيقة الأمر مسار حديث لمنظومة منفتحة متمسكة بالتطور استطاع أن يقدم  إنجاز ناجح على صعيد التطبيق الواقعي للماركسية تنسجم وتتلاءم مع  تكيفات أحوال المجتمع الصيني مع ما يعتريها من خصوصيات تاريخية و  ثقافية واجتماعية وسياسية، بحيث ان أسقاط هذه الماركسية على الصين من دون الأخذ بعين الإعتبار بخصوصية هذه التكيفات للمجتمع الصيني فأن هذا الامر سيؤدي إلى تقديم فشل جديد لتطبيقات الفكرة الماركسية وإظهارها وكأنها فكرة طوباوية لا مجال لتطبيقها على أرض الواقع…بحيث أن الإشتراكية ذات الخصائص الصينية جاءت لتؤكد للجميع بان الإشتراكية هي فكرة قابلة للتطبيق والحياة في كل مجتمع إذا ما أحسن المطبقون لهذه الإشتراكية استخدام السياسات والتوجهات القادرة  على توليف تلك الإشتراكية مع تكيفات خصائص أي مجتمع من المجتمعات البشرية التي تختلف خصائصها  بإختلاف تراث تاريخها الفلسفي والحضاري والإنساني.

قالإشتراكية ذات الخصائص الصينية هي جزء لا يتجزء النظرية العلمية العميقة المرتبطة بتطور الفكر الفلسفي المرتبط ارتباطا وثيقا بتطور العلوم والمعارف على اطلاقها، وهي أيضا ضمن هذا الإطار استمرار طبيعي  المسار التاريخي الديالكتيكي الجدلي التطويري لفكرة الإشتراكية المتفاعلة دائما وأبدا من كافة العناصر التقدمية التي يحصلها الفكر الإنساني من أجل الوصول إلى مجتمع سعيد تتحقق في ظله الرفاهية والمساواة والعدالة الإنسانية.

ففي ظل الإشتراكية ذات الخصائص الصينية هناك مبدأ أساسي يحكم العلاقة الإجتماعية وهو مبدأ المساواة  ووحدة الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع، بحيث أن الصين نجحت في إيجاد الإطار السياسي والقانوني الذي يحقق  مساواة حقيقية بين الناس في الحقوق والواجبات  بصرف النظر عن أصولهم أو  انتسابهم القومي… وضمن بوتقة هذه الإشتراكية الصينية هناك رفض لكل أشكال استغلال الانسان للانسان وجميع التناقضات الاجتماعية القائمة على فوارق الجنس و القومية و الاقليمية و العرق و الدين و الطائفة الخ…بحيث أنه في الصين التي تضم 56 قومية والتي يبلغ عدد سكانها  مليار و300 مليون نسمة  نجحت الإشتراكية ذات الخصائص الصينية في تحقيق مسألة جوهرية وهي تصفية اللامساواة الأساسية بين المكونات الإجتماعية التي يتكون منها الشعب الصيني الذي يعيش بمختلف شرائحه  ضمن بيئة اجتماعية غير تناحرية يترسخ فيها التجانس والتكامل بدل التصارع والتقاسم الذي كان سببا رئيسيا في تسلل الصراعات التي ترهق الشعوب وتدمر تماسكها وتعاضدها في مواجهة تحديات التنمية والتقدم.

وفي ظل الإشتراكية ذات الخصائص الصينية هناك توجه دائم نحو الإصلاح والتقدم والتطور، من خلال المواظبة على تحرير العقول واستخلاص الحقيقة من الواقع ومواكبة العصر والسعي الدائم وراء الحقيقة والعمل الواقعي،واسخلاص الدروس و العبر من الممارسات المحلية الناجحة ومن التجارب الخارجية، ودعم الابتكارات النظرية والتطبيقية بشجاعة،  والتمسمك الدائم بوضع الانسان في المقام الأول، واحترام سيادة الشعب، وابراز روح المبادرة لدى الجماهير، والإعتماد الوثيق على الشعب في دعم الاصلاح، ودعم النمو الشامل للإنسان.

اقرأ أيضاً بقلم هشام يحيى

لهذه الأسباب لن ينالوا من وليد جنبلاط وحزبه وجبله!

الوفاء لقضية الشهداء…

قاتل الأطفال هو نفسه في غزة وحلب!

قناة التشبيح والأشباح!

ظاهرة التعنيف من أسباب تخلف مجتمعاتنا!

لبنان والمحاسبة السياسية

هل هو نبش للقبور أم تزوير للتاريخ؟

ميشال سماحة والمصير البائد

لبنان وقدر لعبة الأمم

ليس دفاعا بل انصافا للحقيقة ولوليد جنبلاط

6 كانون ثورة متجددة في عالم الإنسان

#الحراك_والاستقلال

ميثاقية أم غوغائية انتحارية؟!

#طفلة_الصحافة_المدللة

التدخل الروسي: آخر أيام الطاغية

#بدو_كرسي_لو_عمكب

ماذا يعني أن تكون “معروفيا” عربيا؟

معركة القلمون و”شيعة السفارة”

النخبة الممانعة وخطايا النظريات القاتلة..!

” توترات السيد”..!