جنبلاط في موقفه الاسبوعي للـ “الأنباء”: لماذا تدمير تراث بيروت؟

أدلى رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الالكترونيّة جاء فيه:

مع تدمير مبنى قديم في الجميزة يعود تاريخ تشييده إلى العشرينات من القرن الماضي أيّام الانتداب الفرنسي والانقضاض على موقع أثري جديد في محلة الجميّزة وإقتلاعه بهدف إقامة برجٍ شاهق وتحقيق الأرباح التجاريّة الطائلة، يحق للمرء أن يتساءل عن دور وزارة الثقافة في هذه المسألة وعن دور محافظ بيروت الذي سمح بحصول هذه الأمر. لعل أحداً لم يبلغ الوزارة والمحافظة عن الأهميّة التاريخيّة لذاك المبنى أوعن وجود موقع أثري روماني في تلك المنطقة من الممكن أن يتعرّض للسرقة أو التدمير لاقامة مبنى سكني رغم أن قطعة الأرض صغيرة جداً ولا تتلاءم مع المشاريع الضخمة والفخمة.

وبالمناسبة، أين أصبحت تلك اللائحة الشهيرة التي حددت المواقع الأثريّة في العاصمة ومناطق وصنفتها وفق أهميتها التاريخيّة ومُنع هدمها حفاظاً على قيمتها الكبيرة؟ وهل تقلصت هذه اللائحة وتم تجاوز ما فيها من عقارات مصنفة إرضاء للجشع التجاري والعقاري والربح السريع؟ ألا يكفي بيروت ناطحات السحاب التي أنشئت في السنوات الأخيرة الماضية والتي قضت على النسيج المعماري والاجتماعي لبيروت القديمة؟ هل يجوز أن يتم بناء كل قرنة وزاوية في العاصمة وأن يتم تحويلها إلى مكعبات إسمنتيّة متراصة تقطع الهواء عن أهل العاصمة وسكانها؟

وكأن لا شيء تغيّر في بلديّة بيروت التي رغم إمتلاكها أموالاً طائلة في المصارف لا تُخصص جزءاً من إهتماماتها للحفاظ على تراث بيروت القديمة وإستثمار هذا التراث الذي يمثل تاريخ المدينة العريق. وكأن سياسة التدمير المنهجي لهذا التراث مستمرة تحت مرأى ومسمع من محافظ بيروت الذي يبدو وكأنه لا علاقة له بالموضوع كسلفه الصالح.

إن إستمرار هذه السياسة التدميريّة، إذا لم يتم التصدي لها، سيُبشر بعودة مشاريع مرفوضة كالمرآب تحت حديقة اليسوعيّة ومشروع فؤاد بطرس الذي يقضي أيضاً على النسيج الاجتماعي لمنطقة الأشرفيّة التي تعرّضت لتشويه معماري كبير مع بناء ناطحات السحاب الضخمة والقضاء على مبانيها التراثيّة القديمة. مطلوبٌ التحرّك الفوري لردع هذه المشاريع قبل الغرق في المزيد من التشويه المنهجي لبيروت.