أسعار النفط والانتخابات النصفية تتيح للمفاوضين الأمريكيين فرصة جديدة في المحادثات مع إيران

مع تخطي مهلة زمنية أخرى وحدوث تمديد آخر في المفاوضات النووية الإيرانية، يجد البيت الأبيض نفسه مقيداً من الجانبين. فهو يواجه ضغوطاً من المفاوضين الإيرانيين – الذين يُفترض أنهم عمليين وكانت إدارة أوباما قد علقت آمالها عليهم من أجل تحقيق تحول في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران – لتقديم تنازلات إضافية، من المفترض أنها تهدف إلى استرضاء المتشددين في طهران.

ولكن مع كل تنازل من هذا النوع، تثير الإدارة قلقاً أكبر في صفوف الكونغرس وحلفاء الولايات المتحدة، الذين سيكون دعمهم لأي اتفاقية أساسياً لنجاحها في النهاية. وتتشارك هذه الجهات المناصرة رغبةَ الرئيس باراك أوباما بحل الأزمة عن طريق الدبلوماسية، ولكن لا تتشارك تفاؤله بأن التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى تحقيق تقارب بين الولايات المتحدة وإيران. وبدلاً من ذلك، تقلق هذه الجهات من أن تُترك لإيران قدرة نووية واسعة جداً وأن تصبح أكثر جرأة في إحداث الاضطرابات في المنطقة.

ويبدو من غير المرجح أن تعزز هذه الدينامية من المصالح الأمريكية. فأي تفاوض دبلوماسي مع الفريق الآخر لا يتطلب المساومة فحسب، بل معالجة مخاوف الأصدقاء والجمهور المحلي أيضاً والذين لهم مصلحة في نتيجة الاتفاق. إن رفض القيام بهذه الخطوة، وبدلاًمن ذلك مواجهتهم باقتراح مفاده “إقبل به أو إتركه” يحمل مخاطر تراجع مكانة واشنطن في منطقة الشرق الأوسط بصورة أكثر، الأمر الذي يضعف من مصداقية العقوبات ويعلق آمال الولايات المتحدة بحدوث تحول استراتيجي أوسع في إيران وهو ما قد لا يتحقق.

ومع ذلك، يجب ألا تكون خيارات الولايات المتحدة بائسة إلى هذا الحد. فقد سمحت الظروف لواشنطن بالتمتع بنفوذ جديد إذا كانت أمريكا تتمتع بالدهاء الكافي لاستخدامه. فالانخفاض في أسعار النفط سيؤدي إلى كساد العائدات الإيرانية بسرعة أكبر من تمكّن العقوبات الجديدة الإسفار عنه. بيد أن التهديد بزيادة العقوبات يتمتع مؤخراً بموثوقية، بفضل فوز الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية. ونظراً إلى جميع الجدال الذي يحيط به، فإن هذا الموضوع يحفز الوحدة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في واشنطن، إذ لا يبرز خلاف يُذكر حول الهدف المناسب وحتى الاستراتيجية المناسبة، على الرغم من الخلافات الكبيرة حول الأساليب المتبعة.

والأهم من ذلك هو أن حاجة إيران إلى التوصل إلى اتفاق هي أكثر من حاجة الولايات المتحدة إليه، إذ من المرجح أن تعتمد الإنجازات السياسية للرئيس حسن روحاني والمسؤولين المؤيدين له على اتفاق كهذا. وبالنسبة إلى المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي والمتشددين، ليس هناك مفر من واقع الآفاق الاقتصادية المتلاشية، مما يفسر دعمه لإجراء محادثات على الرغم من عدائه غير المتزعزع تجاه الولايات المتحدة. وحتى لو أرادت إيران إنتاج سلاح نووي، فإنها ستحتاج إلى اجتياز عقبات كبيرة وستواجه خطر التعرض لهجوم عسكري.

ويكمن السؤال الأكثر أهمية بالنسبة إلى صانعي السياسة الأمريكيين في كيفية ترجمة الضغط على إيران إلى صفقة جديرة بالاهتمام. فالأمر لن يعود بجدوى كبيرة على الولايات المتحدة إذا أدى الضغط الجديد على إيران إلى دفعها للقبول باتفاق إن كان هذا الأخير سيئاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة – وبدلاً من ذلك ينبغي أن يُستخدم هذا الضغط لتحسين شروط الصفقة. وبالنسبة إلى البيت الأبيض، لا يكمن الطريق الأوضح لتحقيق هذه النتيجة في وقف تحسين العروض التي يقدمها إلى إيران فحسب، بل في التشديد من موقفه التفاوضي أيضاً والموافقة على فرض عقوبات جديدة بحلول تاريخ مؤكد مقابل موافقة الكونغرس على تمديد المحادثات والعمل مع البيت الأبيض على عرض ذكي لتخفيف العقوبات.

وفي الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة مواجهة أنشطة إيران الإقليمية، وخاصة من خلال ممارسة ضغوط جدية على نظام الأسد في سوريا من أجل تعزيز “الخيار العسكري” الذي هدد به الرئيس أوباما، والإثبات بأن الاتفاق النووي لن يكون بادرة لإعادة توجيه أوسع للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

 ——————————-

(*) مايكل سينغ  / “وول ستريت جورنال”