بعد جولة الموفدين.. لبنان مجدداً على رصيف الانتظار

بات بحكم المعلوم واقعيا ان الملفات اللبنانية الساخنة مؤجلة الى ما بعد اعياد نهاية العام 2014 واعياد بداية العام 2015، وفاتحت التأجيل جاءت من المجلس النيابي، حين حدد الرئيس نبيه بري السابع من كانون الثاني 2015 موعدا لانتخاب رئيس الجمهورية، ما يعني ان الحراك السياسي الذي احدثته زيارة المندوب الفرنسي وقبله الموفد الروسي، الى لبنان ولقائهما بالمسؤولين اللبنانيين، لم يصل الى اي نتيجة جديدة، فالاولى انتهت الى قناعة فرنسية راسخة بأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يستدعي حراكاً إقليميا، متناسق وحراك داخلي، متعدد الاطراف، تفضي الى تسوية شاملة لا تبدو ممكنة حالياً، بحيث ان تمرير الاستحقاق الرئاسي على قاعدة تقاطع المصالح الاقليمية والداخلية، لم تعد ممكنة بفعل تشابك الملفات وتعقيداتها.

فالمندوب الفرنسي سمع من العماد عون كلاما قاطعا بأن التسوية على إسم رئيس توافقي تستبعد وصول عون الى بعبدا غير ممكنة، وبالتالي فإن إقناع حزب الله المشاركة في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، كمشاركتها في جلسة التمديد للمجلس النيابي، غير ممكنة قبل الاتفاق على عدد من الملفات المدرجة على جدول اعمال الحوار المرتقب بين حزب الله – المستقبل، مصادر سياسية كشفت للانباء، ان سلة المناقشات المطروحة بين الحزب والتيار، تتجاوز جلسة انتخاب الرئيس الى الاتفاق على قانون الانتخاب، وتركيبة الحكومات المقبلة الجديدة، واليات فك الاشتباك بين الطرفين لتخفيف الاحتقان الشارعي (السني – الشيعي).
ورأت المصادر ان الحوار على هذه العناوين على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، لا يمكن الولوج منه الى نتائج محققة دون إشراك القوى السياسية الأخرى فيه، وبالتالي العودة الى طاولة الحوار الاولى التي انجزت العديد من العناوين دون ان تنجح في تنفيذ ما اتفقت عليه.

وأوضحت المصادر ان الحوار المزمع عقده في عين التينة القائمة على تقاطع حارة حريك – بيت الوسط ، قد لا يتجاوز حدود فك الاشتباك وتخفيف الاحتقان، ومنع سقوط لبنان في الفتنة المشتعلة في دول الجوار، سيما وان الاشهر المقبلة قد تحمل الكثير من المفاجئات بانتظار تبيان اليات تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الوفدين الايراني والاميركي غير المكتمل في مسقط.

وكشفت المصادر ان نجاح المملكة العربية السعودية في لملمة البيت الخليجي، ستكون له انعكاسات فعلية على الملفات الاقليمية، المشتعلة في اليمن والعراق وسوريا وبالتالي فإن ذلك سيفاقم او يحدد من نتائج ما وصل اليه الاطراف في مسقط، خاصة وان الحضور السعودي في جنيف كان قويا قبيل اعلان تمديد المفاوضات الايرانية الغربية حول الملف النووي الايراني، وبالتالي فإن التقاطع الايراني السعودي في العراق، والذي انتج حكومة الرئيس العبادي، انتج ايضا حكومة الرئيس سلام في بيروت، لكن هذا التقاطع، متعثر في اليمن والبحرين وسوريا، وبالتالي فإن اي تسوية في لبنان لن تكون خارج إطار أي إتفاق على سوريا.
وعلى خط العسكريين المخطوفين، ترى المصادر أن الملف معقد ويتطلب اتخاذ مواقف جريئة، لا يمكن لخلية الأزمة اتخاذها دون التوافق مع الاطراف كافة. وبالتالي فإن ترشح هيئة علماء المسلمين لتولي صفة المفاوض باسم الحكومة دونه عقبات.

ورجحت المصادر بقاء الملف معلقاً، ليس الى حين عودة الرئيس سلام من جولته الباريسية بل الى ابعد من ذلك، ما يعني ان هذا الملف سيشهد توترات عديدة، وسيخضع لضغوط المسلحين، وظروفهم المناخية واحتياجاتهم الغذائية، إضافة الى حاجاتهم العسكرية.

ورأت المصادر أن ما قاله الوزير ابوفاعور لبرنامج “بموضوعية” مع الزميل وليد عبود، أيكشف عمق الازمة وضيق الخيارات التي تواجه الحكومة في ملف العسكرين، ما يستدعي الشروع في الموافقة على متطلبات المقايضة، فدفع الاثمان المطلوبة اليوم اقل ضررا من الاثمان التي قد تدفع غداً سيما وان تداعيات استشهاد العريف علي البزال لم تنتهي بعد.

على خط آخر وفي سياق حملة سلامة الغذاء. أشار الوزير ابو فاعور الى ان لجوئه الى الاعلام في الكشف عن المخالفات ما حصل في وزارة الاقتصاد عام 2009 التي غرمت العديد من المؤسسات المخالفة لكنها عادت وخفضت جميع هذه الغرامات، وأكد ان الوسيلة الافضل لقمع المخالفات هو الاعلام، متسائلا: لماذا لا يجب اللجوء الى الاعلام واعلام المواطن، فيما حق المواطن بالحصول على المعلومات من الحقوق التي يكفلها الدستور وهي مشرعة في دول العالم. وشدد الوزير على ان قمع المخالفات لم تعد حملة بل اصبحت سياسة متبعة داخل الوزارة.

وأكد “ان الحملة مستمرة وليست ثورة عابرة وتأخذ اليوم بعدا جديدا عبر وزارة الزراعة، والغذاء حلقة متكاملة”. وقال: “المطاحن غير المستوفية للشروط هي الشركة الصناعية للشرق الأوسط، مطاحن الدورة، مطاحن البركة، مطاحن لبنان الحديثة.

من جهته شدد وزير الزراعة اكرم شهيب في مؤتمر صحافي مشترك عقده في مكتبه في الوزارة مع وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، على “منع عملية ضرب قطاع الحليب في لبنان”، مشيرا الى “اتفاق أدبي بين اصحاب المعامل ومنتجي الحليب السائل”، موضحا انه “تم التوافق بعد الاجتماع مع مربي البقر ووزير الصحة على عقد اجتماع يوم الاثنين المقبل لتثبيت السعر بـ1100 ليرة”.

وعن سلامة الغذاء، قال شهيب: “أعطينا مصانع الطحينة والحلاوة المخالفة غذائيا حتى 31 الحالي لتصحيح أوضاعها”، مضيفا: “أخذنا عينات من 100 مزرعة دجاج والفحوصات تنتهي بعد 6 او 7 اسابيع”.

————————————

(*) فوزي ابوذياب