جابر في حديث للـ “الأنباء”: الرئيس القوي من يؤمن 86 نائباً

رأى النائب ياسين جابر ان القبول بالتحاور، وترحيب “حزب الله” و”تيار المستقبل” الجلوس على نفس الطاولة خطوة جدية وضرورية ومطلوبة للتخفيف من الاحتقان. واذ تفادى في حديثه المطول لجريدة “الأنبـاء” الالكترونية التحدث عن بنود الحوار، تاركاً للفريقين تحديدها، ومشيداً بجهود الرئيس نبيه بري ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط بدورهما الكبير لإتمام هذا الحوار، أكد ان سلاح المقاومة ووجود “حزب الله” في سوريا هما خارج الحوار لارتباط حلهما بالحل الإقليمي. اما على صعيد الانتخابات الرئاسية، فاعتبر ان الرئيس القوي هو من يؤمن 86 نائباً لانتخابه، مشدداً على ان العماد عون هو الرئيس الملك، وإذا لم ينتخب هو الناخب الملك.

وإذ تساءل: أليس هناك شخصيات كفوءة لدى الطائفة المارونية؟ أشاد جابر بمشروع القانون المطروح راهناً، واصفاً إياه بالجيد الذي تلاقى فيه الجميع تقريباً بمنتصب الطريق، مؤكداً انه يؤمن التمثيل الصحيح للجميع، وفي مقدمهم المسيحيين. فغلى وقائع الحوار.

– على أي أساس أبدى الرئيس بري تفاؤله بحوار “حزب الله” – “المستقبل” الذي لم ينطلق بعد خلال لقاء الأربعاء النيابي؟

هذا التفاؤل مبني بالدرجة الأولى على القبول بالحوار، وترحيب الطرفان بالجلوس على نفس الطاولة، والتوافق على التحدث، وهذا اساس، فيما عدا ذلك، لا يجوز المبالغة بتوقعاتنا من الحوار ولا حتى نعيه. فالحوار خطوة جدية، وضرورية ومطلوبة، لما يساعد في التخفيف من الاحتقان، ومعالجة جرح ملتهب بين طرفين أساسيين، ومريح للبلد. انه يضعنا امام اول خطوة من مشوار الألف ميل، لجهة الجلوس والتحاور بالنقاط، الواحدة تلو الأخرى، لا سيما وإن الطرفان اتفقا على إبقاء الأمور الصعبة، وغير الممكن الاتفاق عليها اليوم لما لها من أبعاد إقليمية، خارج نطاق طاولة الحوار، وهي المقاومة ضد إسرائيل ووجود “حزب الله” في سوريا، ويحتاجان حلولا اقليمية.

– وما النقاط التي ستبحثها طاولة الحوار إذن؟

هناك أمور كثيرة، ومتشعبة وأساسية عديدة، تمس حياة اللبنانيين، منها مثلاً الوضع الداخلي الذي يدخلنا إلى موضوع رئاسة الجمهورية. هناك من يقول ان الرئيس بري يدعو لجلسات انتخاب رئيس لا حل بها، لكن ومن موقعه كرئيس للمجلس من واجبه الدعوة لهذه الجلسة، علماً انه يعمل على خط مواز للحل الذي يساعد لانتخاب رئيس، والحوار جزء من هذا الحل، وهو من ضمن الأمور التي ستطرح على طاولة الحوار لجهة التوافق على الرئاسة.

– تيار المستقبل يشدد لحواره على انتخاب رئيس للجمهورية، ووضع قانون انتخابي جديد، وإجراء انتخابات، مقابل ضبط السلاح الفردي للتخفيف من الاحتقان الشارعي. فما هي البنود الأخرى من جهة “حزب الله” وتالياً 8 آذار؟

من أساسيات الحوار ان لا نتدخل بما سيتحاور به الطرفان، لأنهما هما من يضع جدول الأعمال، واعتقد ان كل هذه الأمور ستكون مطروحة للحوار، ولا تنرف درجات الأولوية وتراتبية المواضيع. لا يحق لنا التحدث باسم “حزب الله” ولا باسم “تيار المستقبل”، ونترك لهما معالجة الأمور. لكني مسرور جداً لهذه البداية الإيجابية، لاسيما وأن هناك إرهاب كبير يهدد البلد، و”تيار المستقبل” أخذ قرارات جريئة ومتقدمة في إدانته. انه موقف شجاع، لما يحتاجه لجرأة وثقة بالنفس، لأنه قرار ضد غريزة قاعدته. وهذا الأمر يفرض علينا ملاقاته بمنتصف الطريق، ووضع يدنا بيده. وهذا ما فعله الرئيس بري، وما دفع بأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله للإشادة به، والتقدم خطوة للأمام قابله خطوة الرئيس سعد الحريري. لذا، امل ان تكون كل المواضيع قيد البحث. أما موضوع السلاح الفردي، فلا أعتقد ان حزب عقائدي كحزب الله، ولديه التزام ديني، وبالمقاومة والنضال يريد تغطية سلاح ضد القانون، ومتمرد على القوانين، كما ان الطرف الآخر بأخلاقياته لا يقبل ذلك. وضع حد لهذا السلاح الفردي مطلب وطني.

-متى ستنطلق عجلة الحوار الرسمية؟ ما العراقيل الموجودة للآن؟

لا أعرف ما هي وما إذا كانت موجودة. لا أستطيع الدخول بالتفاصيل. امل بانعقاد جلسة تمهيدية، أقله قبل أواخر هذا العام، لكسر الجليد، على ان تتطور الأمور لاحقاً. اني على يقين بأن الحوار الذي سينطلق ثنائياً، سيتطور مع الوقت ويصبح حواراً وطنياً، فيشمل الجميع.

– هناك تخوف من ان يأتي الحوار على حساب قانون انتخابي لا يؤمن التمثيل الصحيح؟

بات واضحاً من الجلسة الأخيرة للجنة النيابية المكلفة بدراسة مشروع القانون تكوّن أكثرية نيابية قادرة على إيصال قانون مختلط. إن أهمية ما حصل أن  مشروع القانون زرع فكرة النسبية بقانون الانتخاب. إننا ككتلة التنمية والتحرير مقدمو الاقتراح نحبذ لبنان دائرة انتخابية واحدة مع نسبية كاملة، لأنه من دونها ما من تغيير مهم، مهما وضعنا قوانين انتخابية كدائرة فردية أو غيرها، فهذه جميعها طائفي ومذهبي. هناك من رفض القانون الأكثري، وهناك من توجه إلى القانون الأرثوذكسي. إلا ان الرئيس بري كلف خبراء وضعوا معاييراً أوصلتنا إلى القانون المختلط والمناصفة. قابلنا فريق تحالف المستقبل القوات بمشروع قانون مختلط أيضاً، فالتقت الأكثرية النيابية على المختلط. وبما اننا التقينا على المبدأ، مقابل ما أعلنه قبل فترة رئيس جبهة اللقاء الديمقراطي وليد بك “أصبحت مقتنعاً بموضوع المناصفة الأكثري والنسبي”، ولأنه كتلة ترجح كفة الأكثرية، أصبح القانون المختلط قيد التداول، فاقتربنا منه أكثر.

yassin-jaber

لاقى المشروع إقبالاً، واصبح بمرحلة تدوير الزوايا. يتم البحث راهناً في المعايير التي اعتمدت في تقسيم الدوائر. يمكننا في هذا النقاش الوصول إلى منتصف الطريق، لأن نقاط اللقاء لم تعد بعيدة طالما اتفقنا على وجود النسبية التي من الجيد إدخالها إلى الحياة النيابية والانتخابية، برغم ما يعتبرها البعض انها تشرذم المجلس النيابي، وحيث يمكن ان يكون ذلك صحيحاً لو أن ديمقراطيتنا شبيهة بديمقراطية بريطانيا أو اميركا أو فرنسا. اننا مشرذمون اليوم لوجود 20 كتلة بالمجلس. تؤمن النسبية وجوهاً جديدة، وتحمس المواطن للمشاركة بالانتخابات، عكس ما نشهده اليوم من تراجع في التصويت بوجود أحزاب تصب أصوات قاعدتهم لصالحهم.  تعطي النسبية أملاً للمرشح النجاح بحسب نسبة الأصوات، كما ويعطي جدوى للتمثيل المسيحي في المناطق التي لا أكثرية مسيحية فيها. المشروع المطروح يحافظ على خصوصية كل طائفة وفريق سياسي.

– طالب نائب القوات جورج عدوان بجلسة عامة لمناقشة المشروع قبل نهاية العام.

صحيح، لكن هناك ما يحول دون عقدها اليوم، هناك تعهداً بعقدها، عندما يستوي القانون، كما وهناك قراراً لدى هيئة المجلس العامة خلال جلسة التمديد للمجلس النيابي ان لا تعقد هذه الجلسة قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

– بعد ترحيل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إلى 7 كانون الثاني، وما يتردد من ان لا رئيس قبل نيسان المقبل، إلى أي مدى سيساعد الحوار في تقريب موعد انتخابه ؟

الحوار يساعد كثيراً لتسهيل انتخاب رئيس. إننا مقتنعون بضرورة الإسراع بانتخابه ، إذ لا يجوز ترك البلد في مهب الريح، تفادياً لأي فراغ حكومي – لا سمح الله – لأسباب خارجة عن إرادتنا. رئاسة الجمهورية حجر الأساس بالحياة الدستورية. فالرئيس يجري الاستشارات النيابية، ويوقع على مراسيم تشكيل الحكومة. انه الحكم. لذا، نحن على قناعة بضرورة انتخابه. الدستور يحبذ التوافق، وينص على انتخاب الرئيس. تعديل الدستور يحتاج إلى الثلثين، كما القرارات المهمة بمجلس الوزراء. كنت في زيارة لإيرلندا الشمالية بدعوة من مؤسسة بريطانية تابعة لمجلس العموم، للوقوف على كيفية حل الصراعات. وبعد اجتمعنا بالكتل النيابية، وجدت ان وضعنا أفضل بكثير منهم. إذ ان مطلق أي قرار أو مرسوم يجب ان يتم بالإجماع، ويحمل توقيع رئيس الحكومة ونائبه، وكلاهما من طائفة مختلفة. وبسؤالي عن صعوبة تحقيق الإجماع، أكدوا ذلك، واعتبروا الاجماع يضمن تنفيذه. ان دستورنا لم ينادي بالإجماع بل بأكثرية الثلثين لإشراك أكبر قدر من مكونات البلد، وتفادياً لتفرد أي طرف واحد بقرار اساسي داخل مجلس النواب، أو بتعديل الدستور، أو انتخاب رئيس. اننا اذ اعتمدا النصف زائد واحد، يعني ان النصف الثاني سيجعلنا امام جنهم مفتوحة فترة ستة أعوام، والدليل خروجنا من تجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المرّة، لمجيئها بصوتين. تجربة وضعت البلد امام تجاذبات، وعدم قدرة على الانتاجية. الرئيس القوي هو من يستطيع ان يأتي بـ86 نائباً إلى المجلس لانتخابه.

– ومن هو الرئيس الذي سيؤمن 86 نائباً لانتخابه؟ هل من أسماء مطروحة في الكواليس غير الثنائي عون – جعجع؟

لا معلومات لدي. الرئيس القوي هو الذي يؤمن أكثرية لانتخابه، ويحصل على الثلثين، وإذا لم يستطع، كيف سيكون رئيساً. الأمر يستدعي توافقاً.

– فيما نتحضر للجولة الـ17، وللآن ما من المرشحين الأساسيين استطاعا تأمين الثلثين، من تجدون مؤهلاً من خارجهما؟

مثل هذه الأمور لا تحكى بالإعلام. لليوم، نحبذ ترشيح العماد ميشال عون. نحن معه كحليف، وحلفنا معه استراتيجي، ولديه القدرة والكفاءة. وإذا لم يستطع تأمين 86 نائباً، عندها نرى ما الذي قد يحصل.

– هل من أسماء أخرى غير المطروحة يمكن القول انها مستقلة وحيادية؟

ألم يعد للطائفة المارونية في لبنان شخصيات؟ بالطبع نعم، هناك شخصيات وكفاءات. لو أننا موجودون بعالم مثالي وقادرة الطائفة على الاجتماع برئاسة البطريرك الراعي لصياغة موقف موحد، وطرح مرشح أو اثنان أو ثلاث، ليفاضل المجلس النيابي بينهم، لكان ارتاح البلد أكثر.

– لنسلم جدلاً ان التوافق تم على رئيس من خارج الأسماء المطروحة، كيف  سيتم تجاوز عقدة حليفكم العماد عون ؟

من المبكر والسابق لأوانه الحديث بالأمر. إذا لم يكن  العماد عون الرئيس، فهو الناخب الأكبر، لكونه رئيس أكبر كتلة نيابية مسيحية، ولديه حلفاء أقوياء. وإذا لم يكن الملك، فسيكون صانع الملك، ولا نقاش بهذا الأمر.

– وماذا عن الملك الأكبر الرئيس بري في سعيه لنزع الألغام؟

يكفي انه أزال لغمي الرئاسة وطاولة الحوار. يستعين الرئيس بري على “قضاء حاجتكم بالكتمان”. هناك من ظن ان انضاج الحوار تم منذ أسبوعين، فيما ما حققه هو عمل أشهر وراء الأبواب المغلقة، والاتصالات السرية لتقريب وجهات النظر، حافراً بالجبل بإبرة، بمساعدة يد أخرى ناشطة ومهمة هي يد وليد بك، الذي لعب دوراً أساسياً في تقريب وجهات النظر عبر التواصل والزيارات، قابله استعداد السيد حسن نصرالله للحوار بقوله حلفاؤنا (بري) وأصدقائنا (وليد).

– إلى أي مدى بنود الحوار المرتقب طرحها تشبه حوار الدوحة ؟

ندور ونعود إلى المشكلة نفسها، على أمل الخروج من المآزق. صحيح ان البنود نفسها مطروحة، أي انتخاب رئيس، وضع قانون انتخابي فانتخابات، لكننا بحاجة ماسة للخروج من حالة الجمود والاصطدام السياسي، لأن البلد بحاجة لكل ذرة، لمواجهة الإرهاب، والنزوح السوري، والأزمة الاقتصادية – المالية. اننا بحاجة لسوبر وحدة وطنية، وسوبر تعاون. يكفينا نق كي لا نصل إلى وقت نضطر فيه البكاء على لبنان. هناك دول عديدة شهدت أزمات مالية كاليونان، واستطاعت تجاوز محنتها لوجود اتحاد أوروبي وألمانيا وراءها، بينما نحن ليس هناك من يدعمنا. لذا، كلما استعجلنا بمعالجة مشاكلنا، كلما استطعنا انقاذ ما يمكن انقاذه من لبنان.

-في الحديث عن الأزمة الاقتصادية، ما السبيل لمعالجة مشاكلها بالحد الأدنى راهناً؟

ما يريح الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي الأمان والاستقرار. لذا، أنا متفائل ببداية الحوار الذي من شأنه ان يخلق مناخاً إيجابياً، لا سيما إذا تقدم الحوار خطوات. ثمة ما هو غير مرئي بالاقتصاد، واسمه “شعور بالتفاؤل” الذي يلعب دوراً كبيراً، تماماً كما حصل بعد 7 أيار 2008 الذي اغلق الشوارع وأقام الدنيا،  فأعطى مؤتمر الدوحة البلد جرعة تفاؤل وحقق فورة اقتصادية استمرت أربع سنوات. البلد “مكربج” اليوم بالتشاؤم، ويحتاج لجرعة تفاؤل. أموال اللبنانيين موجودة ولم ترحّل، وودائع المصارف تزيد، وكل ما ينقص قراراً لصرفه والاستثمار به، وإذا أرحناهم نفسياً تصرف هذه الأموال. نواجه اليوم تحديات كبيرة، بمقدمها التحدي الأمني الكبير، والإرهاب والمعركة معه غير سهلة، لأننا لا نقاتل منظمة واحدة، إنما إيديولوجيا منتشرة بالعالم. وإذا الاسترالي خائف منه ويقصفه بالعراق، كيف لا أخاف وهم على حدودنا. نواجه جرحاً مفتوحاً بسوريا قد يحتاج سنوات لمعالجته، والقضاء على الالتهاب والإرهاب، ونواجه عبء النزوح السوري وننوء تحته، لكونه أكبر من أن تتحمله دولة. إلا ان الشدة التي نمر بها لقيت إعجاب وإيمان أكبر بأن الشعب اللبناني متمسك ببلده ومؤسساته، ويقف إلى جانب جيشه ومؤسساته الامنية، ويؤكد عدم وجود بيئة حاضنة للإرهاب، والدليل فشل كل المراهنات على طرابلس، وصمود الجيش والقوى الامنية التي تنال إعجاب المراقبين، ما يجعلنا نشعر بوجود قرار دولي حازم وحاسم بإبقاء لبنان مستقر، وبذلك، بقدر ما نساعد أنفسنا يساعدوننا.

– ما نحتاجه اقتصادياً لمواجهة كل هذه الأزمات؟

 نحتاج للوعي. إذا أردنا النهوض من حفرة الدين العام والعجز بالخزينة علينا وقف الحفر، وإيقاف الهدر، وأكبر هدر هو في قطاع الكهرباء الذي هو من مأسي التاريخ، ملياري دولار سنوياً، ولا كهرباء. هناك قانون موجود منذ 12 عاماً متعلق باعادة هيكلة القطاع، لكن تنفيذه مجمد، وما من بدائل عملية، وإذا فتحنا هذا الموضوع نتهم بالخصخصة، والقطاع مخصخص لقطّاع الطرق أصحاب المولدات الذين يبتزون المواطن. مطلوب خطوات أولى لمعالجة النقاط الساخنة جداً بالهدر والعجز المالي، وتحرير قطاعات عديدة، توفر فرص عمل للبنانيين. أليست مأساة ان نقرأ ما ورد في جريدة السفير عن ان 83 بالماية من خريجي الجامعات يهاجرون، بعدما وظفت مئات ملايين الدولارات في لبنان لتعليمهم. نعلم اولادنا لنصدرهم للخارج ، وتستفيد منهم دول أخرى. علينا تحرير قطاع الاتصالات لخلق فرص عمل، وإزالة العوائق والفساد المنتشر أينما كان، وما يتعرض له المواطن من ابتزاز. زرت مؤخراً دبي ،واصطحبني قريب لي، وهو من أنجح أطباء التلقيح الاصطناعي لمختبر جيني متطور إفتتحه  في الإمارات، وقدمني لمدير المختبر طبيب من البقاع خريج فرنسا، حيث أخبرني هذا الأخير انه بعدما افتتح مختبراً له بلبنان، أغلقه بعد ثلاثة أشهر لتعرضه لابتزاز الجمارك في كل مرة عليه تسلم عينات من الخارج لفحصها، وبالوقت المحدد لها. هذا جزء من المأساة التي يعيشها البلد. عندما تتحول مؤسسات الدولة إلى “قطّاع طرق” أمام الشباب والمؤسسات لن يكون هناك استثمارات.

– وما المطلوب كمعالجة؟

كي يستعيد البلد عافيتنه الاقتصادية، يحتاج إلى إعادة هيكلة. ذات يوم طالبنا مندوب البنك الدولي باختيار مشروع من المشاريع الـ 14 لإصلاح قطاع الكهرباء، نعيش مأساة في 2015 والقرن 21، ولبنان من الدول النادرة جداً بالعالم الغارق بعجز الكهرباء ولا يُعالج المشكلة، مع تسجيل خسارة سنوية ملياري دولار. علينا ان نخاف الله.

– كيف تنظر إلى حملة سلامة الغذاء التي انتقلت عدوى مكافحة الفساد إلى وزارة المالية؟

جيدة جداً، علماً انها ليست جديدة إذ سبق واطلقتها حين كنت وزيراً للاقتصاد. المهم هو ديمومة العمل. لاقينا هذه الحملة بحملة بالمجلس ضمن ما يعرف بـ”لجنة متابعة تنفيذ القوانين” من أجل تنفيذ القوانين. لا يكفي ان نزور المؤسسات كل ست سنوات، بل 6 مرات بالسنة وبعد تعميم ما تتضمنه هذه القوانين من بنود حول السلامة العامة، وإجراء حملات توعية، ومحاضرات، والأهم إصدار مراسيم تطبيقية. لدينا لائحة بعشرات القوانين التي لم تصدر مراسيمها التطبيقية، منها قانون سلامة المياه الصادر عام 2012. فكيف نحاسب إذا لم نحدد للشركات الشروط.

– ما الذي يحول دون إصدار هذه المراسيم؟

 هناك ممانعة من وزراء، وحملات شعواء حول الصلاحيات وسلب الصلاحيات نواجهها في لجنة سلامة الغذاء. علينا بخلق ديمومة وان يدرك الجميع ان ما من وزير باق للأبد بوزارته. لسنا بحاجة إلى الابتكار طالما هناك نماذج متوفرة لسلامة الغذاء مثلاً. اننا نعمل بين الألغام، ونأمل النجاح، علماً ان التجارب السابقة غير مشجعة لجهة تطبيق القوانين. علينا بإيجاد آلية تلزم الوزير بتطبيق القانون بدلاً من وضعه في الأدراج.

 ———————————————–

(*) حوار: نضال داوود