رداً على الصحافة الصفراء

محمود الاحمدية

“الأبطال الذين خلقوا من الرماد والحطام أمّة، إنّما خُلقوا من طينة البشر، ولكن كانت فيهم كرامة”

(سبيروس ميلاس)

الموضوع عن إمكانية فوز الجنرال ميشال عون بالرئاسة فيما لو انحسرت المنافسة بينه وبين الدكتور سمير جعجع… تفاجأت بمقالة في جريدة الأخبار تقول حرفياً: (ثالثاً: لا يمكن للمختارة تحمّل وزر عدم مسايرة حزب الله ودعم رئيس معادٍ للجنرال عون، مع كل ما يعنيه ذلك من رفع الغطاء عن أمن المختارة وجبلها) انتهى كلام الصحافية صاحبة المقال… وبروية وبعقل بارد وبعيداً عن الإنفعال أقول: هذا الكلام يُعَدُّ بكل المقاييس إبتزازاً صريحاً وطريقة غير لائقة وبعيدة كل البعد عن كل أصول الديمقراطية…

هذا الكلام بلغته المبطنة تهديد واضح وجملة “لا يمكن للمختارة تحمل وزر عدم المسايرة” تعني أن هناك سكوت وتحميل مسؤوليات وعدم تحمل عن أمن المختارة وجبلها ورفع الغطاء عنهما، فالحقيقة أنها ليست المرة الأولى التي تسمح فيها هذه الجريدة لقلم بعيد عن مناقبية المهنة ولفكر لا يملك أدنى رؤية عن المعنيين بالكلام وثقافة لم تسبر غور التاريخ والحاضر ولم تأخذ العِبَر من ماضٍ مجيد مشى عليه بنو معروف.

 ومجرد ذكر المختارة والجبل، نتذكر مباشرة الدور الرائد على كل صعيد للمختارة ولوليد جنبلاط في تثبيت عروبة لبنان وفي إرساء سياسة الحوار لإنقاذ وحدة لبنان والدفاع عن القضية الفلسطينية وعن المقاومة اللبنانية على درج الإليزيه والعالم كله يشهد بتلك المرحلة التاريخية حيث فتح مقاتلو الحزب التقدمي الإشتراكي بقيادة وليد جنبلاط طريق دمشق بيروت… فالمختارة أكبر من أن يطالها قلم غير مسؤول.

جردة بسيطة وبعيدة عن الإستعراض لما قاله كبار قياديّي العالم.. الجنرال ديغول قال حرفياً في مؤتمره الصحافي في ريو دي جينيرو رداً على سؤال لصحافي عن بني معروف: “إن العشيرة المعروفية من أشرف العرب وأكرمهم، بيوتها ومضافاتها فنادق مجانية، تحب الحقّ وتموت في سبيله، لا تتعدى على أحد ولا تنام على ضيم، تحمي الضيف بالدم وتبذل الغالي والرخيص فداء كرامته، وحمايتُهُ واجبٌ مقدّسٌ عندها، عاداتها وتقاليدها من أشرف العادات حاربناها لكنها هزمتنا في ثورة 1925، ولم يُذلّ الجيش الفرنسي إلاّ أمام العشيرة المعروفية فقط رغم كل الإنتصارات التي حققها في أكبر المعارك المصيرية على مستوى العالم كلّه.

والقائد الأسطوري نابليون بونابرت قال: (عندما كنت محاصِراً عكا، قَدِمَتْ عليّ فرقة من الفرسان الموحّدين بقيادة الشيخ عمر ظاهر، فاندهشت لرجولتهم وعزيمتهم وإيمانهم بقضيتهم وأحسست في نفسي ميلاً شديداً إليهم ودافعاً قوياً يقرّبني من كلّ فردٍ منهم، متمنيهم لو كانوا فرنسيين لأقاتل بهم العالم بأسره).. والمؤرخ الإنكليزي نومري يقول: “الموحدون بحق أفتك وأشرس أقلية على وجه الأرض”، والكاتب البلجيكي كريستو فيكون يقول: “الموحدون جبليون نشيطون، قاماتهم قُدّت من صخر، حافظوا على استقلالهم وأبوا أن يخضعوا لإملاءات أي أجنبي”…

بعد كل هذه المنظومة والآراء يأتي مَن يتحدث عن رفع الغطاء عن المختارة وجبلها، نحن وباختصار شديد نتمثل بذلك المثل الرائع: “عند هبوب العاصفة والأنواء يتعرف البحارة المهرة القادرون أصحاب القلوب الكبيرة على بعضهم البعض” وانطلاقاً من هذا المثل نقول وبإيمان وبدون أي رتوش أن من حطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر هو صديقنا، وأن من ركّع إسرائيل في الجنوب هو صديقنا، ومع تحفظنا على توجه بندقيته الحالي وعلى نفس المستوى وعلى نفس القمّة نقف لنقول: من أجل هذه المكرمات وهذا التاريخ بالذات هناك احترام متبادل بيننا وبين الأخوة في حزب الله.

سلطان باشا الأطرش وثورته، كمال جنبلاط ووليد جنبلاط وشكيب أرسلان وعادل أرسلان وفكرهم حفروا في ذاكرة التاريخ معنى العروبة والتقدميّة والإسلام، عدونا الوحيد هو عدونا المشترك العدو الإسرائيلي… وأخيراً نقول بكل المودة وبكل الهدوء لصاحبة المقالة: “إقرأي التاريخ جيداً ودعّمي ثقافتك وراجعي ماضي وحاضر بني معروف، عندها وعندها فقط ستنقلب حروفك وكلماتك وتتحول إلى ورود ورياحين تنثر عطر حماة الثغور عنيت بهم بني معروف”.

 

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة