إيران بين سليماني وسحباني

اسعد حيدر (المستقبل)

بعد نوفمبر كان لا بد أن يراجع الجميع، خصوصاً الأميركيين والايرانيين حساباتهم، وأن تتبلور ترددات عدم الاتفاق النهائي في الداخل الأميركي والايراني وإن بصور مختلفة تبعاً لخصوصية كل نظام على حدة. وإذا كان من الاسهل قراءة الترددات أميركياً، مع الاحتفاظ بالمراقبة الدقيقة لحركة الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون، فإن متابعة إيران تبدو أصعب بكثير.

المرشد آية الله علي خامنئي، حسم موقفه وأعلن تأييده للمفاوضات النووية مع الولايات المتحدة الاميركية وباقي الدول الخمس زائداً واحداً وضرورة متابعتها، كما أعطى بركته للوفد الايراني وعلى رأسه وزير الخارجية جواد ظريف. لكن ذلك لم يحل دون تشديد المرشد من الهجوم على الادارة الأوبامية والسياسة الاميركية، مُظهراً في ذلك نوعاً من الإحباط من عدم التوقيع على الاتفاق النهائي. ربما المناسبة التي تحدّث خلالها قد دفعته الى هذا الموقف. المناسبة، كانت استقباله لقادة الباسيج الذين هدد قائدهم العميد نقدي بأنهم مليون متطوع ينتظرون الامر للتوجه الى فلسطين وسوريا، لتحرير الاولى وتحقيق الانتصار التام على التكفيريين. قال المرشد:

[ طهران لا تحتاج إلى ثقة الاميركيين. إنهم مستكبرون. ماؤنا وماؤهم لا يصبّان في نهر واحد.

[ إذا لم تحسم المفاوضات سيتضرر الأميركيون أكثر، فنحن لدينا الاقتصاد المقاوم.

[ إن سيطرة الجمهوريين على الكونغرس وأحداث فيرغسون أكدت وجود شرخ عميق بين الشعب والادارة.

بعد أن وضع المرشد خطوطه الحمر، فحصّن التفاوض ومنع مسألة الوفد المفاوض، ترك للحرس المجال للهجوم خصوصاً وأن الجزء الأساسي من المفاوضات هو «حجم المفتاح وصلاحيته في فتح ميادين المنطقة أمام النفوذ الايراني» . رأس هذا التوجه ورمز القوة الايرانية كما يتبلور يوماً بعد يوم هو قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني. وقد وصل الامر الى درجة تحويله الى أسطورة. لأول مرة يتم وصف قيادته للجبهة العراقية بالتفصيل. من ذلك «كيف هبط بطائرته في العراق فور سقوط الموصل وتوجّه الى الجبهة مع الخبراء العسكريين الايرانيين واللبنانيين من «حزب الله» وبقي في الجبهة حتى حقق أوّل انتصاراته التي دفعت العراقيين الى كتابة الأناشيد له».

الأهم في «الأناشيد» تلك التي أنشدها قادة الحرس والباسيج، الجنرال جعفري قائد الحرس قال: «إن الحاج قاسم سليماني أصبح شوكة في عيون الاعداء»، مضيفاً: «انتهت قصة داعش لمصلحة ايران». الجنرال جعفري الذي يستعد لترك القيادة لغيره لم يقل كيف حققت ايران هذا النصر ولا كيف نجح سليماني في قيادة العراقيين بالتعاون مع خبراء «حزب الله» بوجود الاميركيين في العراق، وماذا قدم لهم من خدمات وضمانات حتى جرى ذلك كله وهم الذين «ماؤهم ليس في نهر واحد مع مائنا» كما قال المرشد. بدوره قال العميد نقدي: «إن الجنرال سليماني هو في الخط الأمامي من ساحة الجهاد لتحرير القدس».

هذا التشدد ليس إلا جزءاً من ترددات ما بعد التمديد، إذ يبدو ان تيار المعتدلين لم يعد يتحمل انفراد المتشددين بالتشدد في وقت لا يتجاسرون فيه على رفض التفاوض لأن المرشد بارك المفاوضات والوفد المفاوض. لذلك ليس أمراً عادياً أن يذهب مستشار برتبة سفير الى أصل الخلافات ويقول موقفاً معارضاً حتى لموقف المرشد الذي أعلن قبل ذلك دعمه للمالكي، والذي يشدد دائماً على أهمية المواجهة دعماً للاسد. قد لا يُحدث ما قاله المستشار سحباني الذي كان سفيراً طوال فترة رئاسة محمد خاتمي في الأردن ولبنان انقلاباً، ولكن من الواضح انه يشكل « كرة الثلج» التي تحظى بالرعاية والدعم، وتتحول الى موقف اكبر وأكثر انتشاراً. السفير سحباني قال:

[ لقد استفاد تنظيم داعش من سياسات المالكي الاستقصائية تجاه السّنة الذين شعروا بالاضطهاد.

[ في سوريا اعتقلت السلطات الشبان الذين خرجوا في الاحتجاجات حتى تحولت الى حرب بالواسطة.. لم يعد هناك سوريا. سوريا مقسمة إلى أجزاء.

يجب عدم الاستعجال في التوقعات، لكن ليس أصعب من محاربة الوقت بالوقت خصوصاً في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية وتعمّقها. المقاطعة مستمرة. انهيار سعر النفط مستمر الى درجة احتمال وصوله إلى ستين دولاراً للبرميل.

اقرأ أيضاً بقلم اسعد حيدر (المستقبل)

صناعة التاريخ بين جمال و«الأسدَين»!

ماكرون «يعرج» في الشرق الأوسط

«ڤتنمة» لبنان؟

خامنئي: الاعتدال أو «السورنة»!

غياب رفسنجاني.. والفراغ الكبير

الإرهاب الجديد.. قادم

إيران بين القلق والتصعيد والمصالحات!

بوتين «قيصر» العالم!

الخطة «ب» الأسدية إنشاء «دولة علوية»

ماذا بعد قمّة كامب دايفيد؟

«الإمبراطورية» تتقلّب على النار الكردية!

ذاب الثلج.. وبانت معركة القلمون!

إيران «مهمومة» باليمن و«مأزومة» في سوريا

العبور على.. «جسر الشغور»

فرنسا.. الفراغ والعجز

اليمن وسوريا وإيران بينهما !

«البوسطة» والاستقرار.. و«الطائف»

الحرب السعودية ـ الإيرانية الواسعة والشرسة

ماذا بعد الاتفاق؟

المنطقة ولبنان بين «نسيم» لوزان و«عاصفة الحزم»