هل تكفي عبارات التنديد بمجازر النظام السوري في مدينة الرقة؟

لم يتغير شيء في السياسة الدولية التي أوصلت  سوريا إلى هذه الحالة المأساوية التي تهدد ليس فقط بسقوط سوريا في براثن الفوض والحروب العبثية الطائفية والمذهبية التي لا تنتهي وحسب بل تهدد كل المنطقة والعالم على حد سواء باشد العوقب الوخيمة فيما لو بقى الوضع في سوريا على حاله حيث يمعن النظام بإرتكاب أشد  المجازر فظاعة بحق الناس في سوريا دون أي رادع أخلاقي أو انساني أو سياسي أو عسكري من قبل ما يسمى المجتمع الدولي الذي يكتفي بالتنظير والتنديد إيزاء المأساة السورية التي يشكل استمرارها وصمة عار على جبن هذا المجتمع الدولي وجبين الإنسانية.

وما يجري اليوم من حملة دولية تحت عنوان مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق ليست سوى نتيجة للسياسات الدولية الخاطئة التي منذ بداية الثورة السورية السلمية  التي غضت الطرف أن لم نكن نريد أن نقول بأنها كانت متواطئة مع النظام السوري على شعب سوريا الأبي المناضل في سبيل حقه الإنساني المشروع بالحرية والعيش بكرامة.وهاهي السياسات الخاطئة تجاه سوريا وشعبها  مستمرة حتى اشعار آخر، حيث يستمر النظام السوري بإستخدام أعتى وأحدث  الأسلحة الحربية المحرم استخدامها دولياً  ضد المدنيين من طياران ودبابات وبراميل متفجرة وصواريخ سكود وراجمات الصواريخ  وأشد المدافع تدميرا وقتلا وفتكا بالبشر والحجر والشجر. ومع كل هذا الكم من الجرائم الموصوفة بأنها جرائم حرب وضد الإنسانية يكتفي هذا المجتمع الدولي ببعض عبارات التنديد بالمجازر التي يرتكبها النظام بحق المدنيين في سوريا وكأن الشعب السوري الذي يقتل ويشرد ويعذب في أقبية السجون لا يستحق تحركا فاعلا لوقف هذه المآساة على غرار ما جرى في العديد من القضايا الدولية والإقليمية التي تحركت فيها القوى الكبرى لحماية المدنيين على الرغم من ان ما يجري في سوريا من انتهاكات وفظاعات وارتكابات بربرية ووحشية يومية من قبل النظام بحق المدنيين لم يشهد مثله تاريخ العالم والبشرية، ومع ذلك يسأل الغرب من خلال كبار السياسيين و الباحثين الغربيين من أين يأتي الإرهاب في حين أنت بديهية الإستنتاجات السياسية بشأن ما يجري في المنطقة تقد إلى نتيجة واحدة وهي أن النظام السوري هو سبب كل هذا الإرهاب في سوريا بعد أن دفع من خلال اجرامه غير المتناهي نحر الكفر والتطرف، لذلك أن تجفيف منابع الإرهاب يجب أن يبدأ بإستئصال اصل المشكلة المتمثلة باستمرار بقاء بشار الأسد على رأس النظام في سوريا، أما عبارات التنديد التي تصدر من هنا وهناك فإنه لن تغير شيء في الواقع القائم حيث أن النظام سوف يستمر في اجرامه وهذا الأمر بطبيعة الحال سوف يؤدي دون هوادة إلى استمرار حالة الإرهاب المتفشية في كافة ارجاء المنطقة.

إلى ذلك،ارتفع عدد ضحايا مجزرة الرقة التي ارتكبها نظام الأسد إلى 170 قتيلاً معظمهم من المدنيين، بالإضافة إلأى أكثر من مئة جريح،  بحسب ما أفاد ناشطون سوريون. وكان طيران الأسد استهدف المدينة الثلاثاء بعدد من الغارات أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين.وذكر ناشطون في وقت سابق أن مقاتلات النظام شنت 10 غارات بالصواريخ الفراغية على وسط المدينة وأطرافها، ما أسفر عن مصرع العديد من المدنيين، وإصابة العشرات، بعضهم إصابته حرجة ما قد يرفع حصيلة الضحايا، وذلك وسط حالة من الذعر في المدينة، واكتظاظ المشافي بالقتلى والجرحى.

واستهدفت الغارات المستودع الأصفر شمال المدينة، والمنطقة الصناعية (حارة الصواحين) في الجهة الشمالية الشرقية، ومنطقة جامع الحني وسط المدينة المكتظ بالمدنيين، ما أدى إلى سقوط مأذنة الجامع، وحي اﻟﻤﺸلب، ومنطقة نزلة المتحف وسط المدينة، وغيرها. وقال ناشطون إن أكثر من 15 منزلاً دمر جراء الغارات القاتلة.

في المقابل، اتهم هادي البحرة رئيس الإئتلاف السوري طائرات النظام باستهداف المدنيين عمدا،  وقال في تصريح صحافي : “فيما تشن طائرات التحالف غاراتها على مواقع تنظيم داعش، تحلق طائرات النظام إلى نفس المناطق لكنها تتجنب مراكز التنظيم وتستهدف مناطق وتجمعات مدنية”.وأضاف البحرة: “أكد شهود عيان في المكان سقوط 65 شهيداً حتى اللحظة، لكن الساعات القادمة وحدها كفيلة بإظهار حجم الجريمة”.وتابع: “ندين في الإئتلاف الوطني هذه الجريمة، ونحذر من أن النظام سيعمل على تكرارها مستغلاً الحضور الجوي لطائرات التحالف. كما لابد من الإشارة إلى أن أصواتا كثيرة بدأت تتعالى منادية بأن نظام الأسد بات المستفيد الأول من ضربات التحالف، وأن الاستراتيجية الحالية بحاجة إلى تعديل”.

وفي هذا السياق،نددت الولايات المتحدة، ليل الأربعاء، بالغارات الجوية “المروعة” التي شنها طيران النظام السوري على مدينة الرقة وأسفرت عن مقتل نحو 100 شخص متهمة دمشق بارتكاب “مجزرة متواصلة”.وقتل ما لا يقل عن 95 شخصاً في أعنف غارات تشنها طائرات النظام السوري على مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش”.ونددت وزارة الخارجية الأميركية بالغارات متهمة نظام الرئيس بشار الأسد بأنه لا يقيم أي اعتبار للحياة البشرية.وقالت المتحدثة باسم الخارجية، جنيفر ساكي، في بيان: “نشعر بالهول حيال التقارير التي تفيد بأن الغارات الجوية التي شنها نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد أمس (الأربعاء) في الرقة أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين ودمرت مناطق سكنية”.وأضافت أن “المجزرة المتواصلة التي يرتكبها نظام الأسد بحق مدنيين سوريين تفضح بشكل أكبر قلة اعتباره المشينة للحياة البشرية”.وأكدت أن الأسد فقد شرعيته ويتوجب محاسبته على أفعاله.وصرحت: “قلنا بوضوح إن الأسد فقد منذ فترة طويلة أي شرعية لممارسة الحكم وأنه ينبغي محاسبة النظام السوري على وحشيته وفظاعاته بحق الشعب السوري”.كما نددت ساكي بالتجاوزات المتواصلة التي يرتكبها النظام السوري على صعيد حقوق الإنسان وانتهاكاته للقانون الدولي متهمة دمشق بارتكاب “جرائم قتل واحتجاز رهائن واختفاءات قسرية وتعذيب واغتصاب وعنف جنسي واستخدام براميل متفجرة بشكل عشوائي”.

بدوره، قال المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض إن سلسلة غارات جوية شنها الطيران السوري على مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الاسلامية” أسفرت عن سقوط نحو 100 قتيل.وقال المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له إن 52 من القتلى كانوا من المدنيين وان الغارات اسفرت ايضا عن اصابة العشرات بجروح.وقال ناشط من الرقة لبي بي سي إن المستشفى الوحيد الذي لا يزال مفتوحا في الرقة يجد صعوبة في علاج عشرات المصابين.وقال ناشط آخر لبي بي سي إن المستشفيات الموجودة في الرقة تعاني “وضعا بالغ السوء”.وأضاف الناشط قائلا “مستشفى واحد لا يزال يعمل بشكل طبيعي في حين لا تستطيع المستشفيات الأخرى أداء وظائفها بشكل طبيعي”.ومضى الناشط للقول “هناك قتلى وجرحى. هناك أطباء قليلون ولهذا السبب يموت الكثير من الناس بسبب الجروح التي أصيبوا بها”.وأوضح الناشط أن حالة من الإحباط تخيم على سكان المدينة كما يخيم عليها مناخ من الرعب.أضاف الناشط قائلا “جميع الأسواق أغلقت أبوابها في أعقاب الغارات الجوية. لا يوجد مواطنون يمشون في الشوارع. أصبحت المدينة أشبه بمدينة أشباح يسكنها موتى”.وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد “تسببت غارتان متتاليتان استهدفتا المنطقة الصناعية في المدينة في سقوط العدد الاكبر من الضحايا.”واضاف “عندما وقعت الغارة الاولى، خرج الاهالي لاسعاف الجرحى فباغتتهم الغارة الثانية.”

________

(*) – إعداد: هشام يحيى