كوميديانتي تراجيديانتي

الياس الديري (النهار)

السؤال الكبير الذي يعني في الدرجة الأولى أميركا، اتحاد الدول الأوروبيّة، إيران، السعوديّة، ولبنان أيضاً، هنا موجزه:

إلى أيّ مدى يمكن أن يصل المجتمع الدولي والشرعيّة الدوليّة مع إيران، فيما إذا حاولت القفز فوق الموقف الدولي وفرصة أشهر، ومعها خرجيّة الخمسة مليارات؟
ثم، ماذا عن الفراغ الرئاسي في لبنان، والذي تصل خيوطه بكثافة إلى أيدٍ إيرانيّة لها دورها الفعّال في المنطقة العربيّة؟

يرى بعضهم أنه من المبكر اللجوء إلى طرح مثل هذه الأسئلة، وإن يكن صدى مفاوضات فيينا قد حرّك حماسة الجمهوريّين في أميركا، وأتاح لهم فرصة الانقضاض على سياسات الرئيس باراك أوباما التي كان من أبرز ضحاياها حتى الآن وزير الدفاع تشاك هيغل.

“فورين بوليسي” مستعدّة للجزم بأن نتائج المفاوضات تعني “فشل إدارة أوباما في التوصّل إلى اتفاق يكبح جماح برنامج إيران النووي”.

وقد يشكّل فرصة للمتشدّدين لتوجيه الانتقادات إلى المفاوضات وعرقلة الاتفاق النهائي بين إيران والدول الكبرى.

في هذا المجال، مجال الفشل، نجد أيضاً مَن يرى أن فشل “فيينا” و”التمديد” سيؤدّيان إلى تقويض مساعي منع انتشار السلاح النووي في المنطقة.

بل إن ثمة قناعات راسخة على نطاق عربي ودولي، وعلى أعلى المستويات، أن الدولة الطموحة جداً نوويّاً وإقليميّاً لن تتراجع عن تحقيق حلمها وإنجاز ما بدأته في مصانعها المكشوفة والخفيّة، إلا متى أصبحت القنبلة الذريّة جالسة في صدر صالون الاستقبالات الرسميّة.

عندئذ سيكون الأمر قد انتهى إلى حيث خطّطت طهران، وحيث يقول المثل إن مَنْ ضَرَب قد ضَرَب ومَنْ هرَب قد هرَب. وإذا ما طُرح على “الإمبراطوريّة النوويّة” سؤال مفاده ماذا ستفعلين بالقنبلة الذريّة بعدما أصبحت في صندوقك الحديد، الجواب حتماً: سأفعل ما تفعله إسرائيل بمئات القنابل والرؤوس المكدّسة في ديمونا وسواها…

على أن ذلك كلّه لا يمنع اللبنانيّين من الاستفسار عن موقع لبنان ودوره وحصّته في هذه المعمعة التي يُقال إن الفراغ الرئاسي إحدى ثمارها، وما إذا كان المسؤولون المعنيّون قد حصلوا على ما يُشبه الموافقة، بعد سبعة أشهر من القلق والهزّات الأمنيّة والانتظار، للنأي بالاستحقاق الرئاسي عن تداعيات الكْباش الدولي الإيراني، وما قد يستجرّ لاحقاً من ذيول وتأزيمات بالنسبة إلى المنطقة بأسرها.

إنما، أياً تكن التطوّرات، لا شيء يمنع الفريقين اللبنانيّين “الآذاريّين” من الاستدراك والتوافق على وضع حدّ لهذه الكوميديا التراجيديّة.