ماذا يعني فوز “التقدمي” في انتخابات نقابة المحامين؟

تصدرت مرشحة الحزب التقدمي الاشتراكي المحامية ندى تلحوق الأصوات في المعركة الأخيرة لإنتخابات نقابة المحامين وحلت الأولى بين زملائها من المرشحين. وترشيح الحزب لمحامية الى مجلس النقابة إنما يعكس اقتناعاً بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة عدا عن سجل المحامية تلحوق التي تنشط في العديد من الهيئات الاجتماعية والنسائية.

بعد هدوء المعركة وانطلاق العمل النقابي، قصدت “الأنبـاء” المحامية تلحوق ومفوض العدل في الحزب المحامي نشأت الحسنية للوقوف على حيثيات المعركة والتطلعات المستقبلية وكان الحوار الآتي:

تلحوق: اي تقدم في المجتمع مرتبط بمدى تقدم المرأة

ما هي رؤيتك لهذه التجربة بعد الفوز وما هي تطلعاتك المستقبلية لهذا الموقع؟

ان تجربتي ومشاركتي في انتخابات نقابة المحامين  في دورة تشرين الثاني 2014 كان لها وقع خاص في نفسي إذ أتاحت لي فرصة نسج علاقات انسانية واجتماعية مع عدد كبير من الزملاء، في اطار التشاور الفكري الذي استهدف ترجمة وحدة الرؤية بمسنوياتها المهنية والوطنية، لانه كما يقول الامام علي “كرم الله وجهه ” من شاور الناس شاورهم في عقولهم.

وقد تميزت هذه الانتخابات بمشاركة عالية من الهيئة العامة وجو حماسي في إطار التنافس الراقي والهادىء بين الزملاء المرشحين، انتهت بفوز لائحة التكتل السياسي المتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي اضافة الى مرشح التيار الوطني الحر مع الاشارة الى ان تصدري لائحة المرشحين الفائزين في المرتبة الاولى بنتيجة عدد الاصوات الذي نلته (1830/صوتاً) كان دليلاً على الانفتاح الفكري الذي يتمتع به المحامون وتعبيرا عن ارادة جازمة في التغيير متجاوزين الانقسامات الفئوية والاعتبارات الطائفية السائدة حالياً للأسف.

اما بالنسبة لتطلعاتي المستقبلية وانطلاقاً من حجم الثقة التي منحني اياها الزملاء لأكون صوتهم في مجلس النقابة على اساس الرؤيا المشتركة للدور الطليعي العريق الموكول لنقابتنا الذي كان عنواناً وسنداً لترشحي لعضوية مجلس نقابة المحامين، رأيت الزاماً علي أن أسعى لتحقيق تلك الرؤيا والمبادىء المشتركة التي أمست أكثر حاجة وإلحاحاً سنة بعد سنة والتي تتناول أكثر من صعيد مهني وقانوني ووطني، ولا سيما في المجالات التالية:

nada

في الشأن الوطني والقانون: مواكبة تطور التشريعات والقوانين بالتوازي مع تطور العلاقات العلمية والتجارية والانسانية والقانونية، وتأمين حضور واع ومواكبة دائمة لجهة صيانة وتحقيق مبادىء دولة القانون وصون الحريات العامة والمساهمة في تحقيق العدالة ولا سيما ممارسة الدور الرقابي والاستشاري في الدراسة السابقة لمشاريع القوانين والنصوص التنظمية والتشريعية تلافياً للاخطاء الدستورية والتقنية والتعارضات القانونية التي يجعل تطبيق القوانين الحديثة صعبا وفي بعض الاحيان متعذراً.

في تعزيز دور المحامي: توسيع المجالات المهنية للمحامين في صياغة العقود والاشراف القانوني على النشاطات العلمية، تلافياً للمنازعات الناتجة عن عدم الاحاطة بصورة وافية بالجوائب القانونية والتعاقدية، ما يؤدي الى ارهاق المحاكم والقضاء في دعاوى ينعكس حجمها سلباً على وتيرة البت بالنزاعات، وبالتالي الى عدالة متأخرة والتي هي أقسى انواع الظلم كما يقول المفكر “مونتسكيو” واضع مؤلف روح القوانين.

تنظيم العلاقة مع السلطة القضائية والادارية العامة والضابطة العدلية: التعاون والتنسيق المستمر بين نقابة المحامين من جهة وبين القضاء والمراجع الرسمية والسلطات الامنية من جهة ثانية بالتوازي مع الاحترام المتبادل، ووضع اسس عملية لمنهجية التعاطي مع المحامين وتفعيل التعاميم الرسمية الصادرة عن مجلس الوزراء- المتعلقة بتسهيل مراجعات المحامي في الادارات العامة والبلديات- اعتباراً من التعميم الرقم 15/2004  الصادر في تاريخ 3/7/2004 ولعاية التعميم الاخير الرقم 35/2011 والتي بقيت موضوع تجاهل “كي لا نقول تدنيس” من قبل الادارات والمراجع الرسمية المعنية بهذه التعاميم.

لعلها المرة الاولى التي يرشح فيه احد الاحزاب محامية، ما هو انعكاس ذلك على العمل النسائي في الحزب والنقابة؟

ان تبني ترشيح الحزب التقدمي الاشتراكي محامية لعضوية مجلس النقابة هي خطوة تقدمية بإمتياز وذلك تماشياً مع المبادىء التي عمل من أجلها الزعيم الراحل كمال جنبلاط الذي اعتبر أن التقدمي هو من يتبنى التطور ومستتبعاته العلمية في جميع الحقول ولا سيما في إشراك المرأة في العمل الحزبي وذلك بتأسيسه الاتحاد النسائي التقدمي. وكما هو معلوم ان تقدم اي مجتمع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى تقدم المرأة وقدرتها على المشاركة في التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية. وهي مبادىء إعتمدها المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الذي ضم اكثر من إمرأة في عداده.

كما ان نقابة المحامين كانت السباقة في دعم حقوق المرأة بتفعيل دورها نتيجة اثبات قدرتها على المساهمة في شتى الميادين بدليل تبؤ المحامية أمل حداد موقع نقيب المحامين، اضافة الى الدور الطليعي الفاعل الذي أمست تلعبه المرأة  في مجال القضاء حيث تم مؤخراً تعيين القاضية الرئيسة ميسم النويري مديراً لوزارة العدل.

ماذا بعد طي صفحة الانتخابات والذهاب الى عمل نقابي وطني جامع، كيف تنظرين الى ذلك؟

اما وأن الانتخابات صارت من الماضي القريب، فأنني سوف أسعى مع النقيب الاستاذ جورج جريج وزملائي أعضاء مجلس النقابة الى إيلاء الشأن الوطني أولوية العمل على تكريس مبدأ تداول السلطة والتشدد على تطبيق القانون وتحقيق العدالة دون تمييز وحفظ وحدة الدولة ومؤسساتها وفي هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها الوطن، المطالبة بإنتخاب رئيس للجمهورية حيث كانت لنقابة المحامين بهذا الصدد مسيرة ملفتة الى القصر الجمهوري بالتعاون مع جمعية فرح العطاء.

الحسنية: اوراق الاقتراع عبّرت عن ارتياح شعبي لسياسة الحزب 

اما مفوض العدل المحامي نشأت الحسنية فأجاب على الاسئلة التالية:

ما هي مجريات العملية الانتخابية في نقابة المحامين وكيف يصنف فوز الحزب التقدمي الاشتراكي في هذا الاستحقاق؟
تكتسب أنتخابات نقابة المحامين أهمية خاصة، نظراً لأن نقابة المحامين تعتبر “أم النقابات” نظراً لتاريخها الممتد لما يناهز المئة عام والتي لم تتأخر أو تتوان يوماً عن أجراء الاستحقاق الأنتخابي حتى في أحلك الظروف وخلال فترة الحرب الأهلية المشؤومة حيث أصرّ المحامون على أجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده.

وانتخابات نقابة المحامين تأخذ طابعاً مميزاً نظراً لدور وموقع النقابة الطليعي على المستوى السياسي والوطني العام، كونها على تماس مباشر مع القضايا الوطنية وبخاصة تلك التي تتعلّق بحقوق الأنسان والحريات العامة.

nash2t

إن العملية الأنتخابية الأخيرة والتي شهدت فورا مميزا لمرشحة الحزب ندى تلحوق لها ميّزة خاصة لأن أوراق الاقتراع عبّرت عن ارتياح شعبي لسياسة الحزب ومواقف رئيسه الداعمة لإجراء الاستحقاق الرئاسي والحفاظ على السلم الأهلي ودور المؤسسات بما فيها تعزيز سلطة الدولة والقانون.

كما أن التحالف الانتخابي الذي نسج بين حقوقيي الحزب وحقوقيو 14 آذار ساهم من خلال الألتزام بالتحالف في تحقيق تلك النتيجة.

وقد بيّنت العملية الانتخابية أرتياح عام لدى المرأة في ترشيح الحزب “محامية” إذ أن الحزب كان السبّاق لترشيح أمرأة من بين صفوفه وهذه المرة الثانية التي يختار فيها حزب سياسي أمرأة إذ سجلت سابقة في التسعينات عند ترشيح الكتلة الوطنية لاحدى الزميلات على موقع العضوية في حين أن بعض الاحزاب كانت تدعم محامية إنما لم تكن من بين أعضائه بل أن الظروف الانتخابية كانت تفرض نفسها لدعم تلك المرشحة في حين أن الحزب أختار مرشحته وهذا الأمر لاقى ترحيباً ودعماً من المحاميات اللواتي دعمن مرشحة الحزب.

كما سجلت العملية الانتخابية دعم أحزاب وتيارات محسوبة على قوى 8 آذار لمرشحة الحزب بالأضافة إلى عدد كبير من المحامين المستقلين.

وبذلك يكون الحزب من خلال مرشحته قد حقق ليس فوزاً انتخابياً بل فوز وطني من خلال الاجماع الذي حققه والذي ترجم بتحقيق أعلى نسبة أصوات بين كافة المرشحين إذ حلّت مرشحة الحزب في المرتبة الأولى بين الفائزين وهذه سابقة تسجل للمرة الأولى.

وهنا أود التنويه بالمتابعة الجدّية للإنتخابات التي قامت بها المفوضية ومجموع محامي الحزب.

ما هي الرؤية المستقبلية لمفوضية العدل بعد خوض هذا الاستحقاق ؟
أود الإشارة أولاً إلى أنها المرة الأولى ومنذ سنوات طويلة يستطيع الحزب أن يدخل إلى مجلس النقابة من خلال أحد أعضائه والمرة الأولى كانت عندما استطاع أحد مؤسسي الحزب الرفيق فؤاد رزق تبوأ منصب نقيب المحامين وكان ذلك في الستينات ولاحقاً من خلال الرفيق بسام الحلبي الذي كان عضواً رديفاً ودخل إلى مجلس النقابة لسنة واحدة والآن من خلال الرفيقة ندى تلحوق وهذا يفرض على الحزب من خلال مفوضية العدل مسؤولية أضافية ويستوجب أن لا يكون ممثل الحزب في مجلس النقابة شخصاً تقليدياً بل أن يتقدّم بمشروع وأفكار نقابية تساهم في تعزيز العمل النقابي وتطوير آليات العمل وتقديم ضمانات أضافية للمحامين سواء على مستوى العمل المهني وأنتاجيته أو تعزيز الخدمات التي تقدمها النقابة للمحامي وعائلته ومواكبة التطور العلمي والتقني وتعزيز أستقلالية القضاء وأنتاجية القاضي للبت بالدعاوى والفصل فيها بسرعة.

وطبيعي أن هذه المسؤولية تفترض المبادرة فوراً لعقد ورشة عمل لإستنباط واستحداث أفكار تمكن تلحوق من تبيّنها وبحثها على طاولة مجلس النقابة لاقرارها وتحقيقها وهذا أمر ليس بصعب خاصة في هذه المرحلة من ولاية النقيب الحالي الذي يحمل أفكاراً هامة وبرامج تصب في هذا المجال وتحقق الهدف المنشود آملين أن نتوصل من خلال موقعنا السياسي من إيجاد صيغة توافق بين القوى السياسية لتكريس واقع نقابي يعزز دور النقابة المهني والوطني.