الخطوط الحمر لا الوقت مشكلة التفاوض النووي

رفيق خوري (الانوار)

ليس تمديد التفاوض على الملف النووي بين ايران ومجموعة ٥١ سوى خيار بالاضطرار. فلا التوصل الى اتفاق نهائي كان ممكناً برغم الجهود المكثفة في ماراتون فيينا. ولا التخلي عن الاتفاق الموقت كان في مصلحة أحد من الذين ساهموا في انجازه. وهكذا فرضت الواقعية على المتفاوضين الخيار الأقل خطراً وكلفة والأكثر خدمة. فهو بالطبع أقل خطراً على العلاقات الاقليمية والدولية من اعلان الفشل، وأقل كلفة من اتفاق سيّئ يثير اعتراضات في أكثر من عاصمة. فضلاً عن كونه الأكثر خدمة للعواصم التي تستطيع توظيف الغموض في تسويق سياساتها بالقول انها لم تتراجع عن مواقفها والايحاء انها لم تغلق باب الفرصة على التوصل الى اتفاق في المهلة الاضافية الممتدة حتى نهاية حزيران.

لكن مشكلة المفاوضات ليست الوقت الذي هو العامل الأكثر توافراً لها. فهي بدأت قبل أكثر من عشر سنين، وتوقفت ثم تقطعت ثم جرت معاودتها عبر أشكال وقنوات عدّة حتى وصلت الى الصيغة الحالية التي أنتجت اتفاقاً موقتاًً قبل سنة. وهي، على تعدّد اللاعبين فيها وتكرار الاجتماعات الجامعة واللقاءات الثنائية، تدور عملياً بين أميركا وايران، وتدار بحسابات استراتيجية مهمة وحساسة. ولم يكن غريباً أن يبدو الوزير جون كيري كأنه أم العروس في اجتماعات فيينا، وأن يجول على عدد من العواصم للتشاور.

مشكلة الملف النووي هي التفاوض من ضمن خطوط حمر مرسومة للمفاوض الأميركي والمفاوض الايراني. الخط الأحمر الأميركي هو ما عبّر عنه الرئيس باراك اوباما مؤخراً بالقول إنه إغلاق السبل المختلفة التي قد تمكّن ايران من امتلاك سلاح نووي. والخط الأحمر الايراني الذي رسمه المرشد الأعلى علي خامنئي هو الحفاظ على حق ايران في امتلاك المعرفة والوسائل في كل مراحل العملية النووية. وهذا ما يترجمه اوباما بأنه الاحتفاظ بسبل ليست مغلقة تماماً لصنع قنبلة. ولا طرف يستطيع ان يتخلى عن عن خطه الأحمر. ولا مجال لاتفاق من دون أن يتجاوز أحدهما أو كلاهما الخطوط الحمر.

بعد الاتفاق الموقت قال الوزير محمد جواد ظريف في طهران: نجحنا في الحفاظ على بنية المشروع النووي وتفكيك بنية العقوبات. وفي الوقت نفسه كانت النظرة في واشنطن هي الانتقال من تجميد النشاط النووي الى تفكيك بنية المشروع مع تعليق العقوبات بالتقسيط. حلمان في سرير واحد، كما يقول المثل الفرنسي. لكن كريم سادجابور، وهو خبير في مؤسسة كارنيغي، وضع اصبعه على الجرح عندما قال بصراحة: لا اعرف كيف يمكن الحصول على حل تقني لصراع سياسي. وتلك بالفعل هي المشكلة.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الانوار)

أي مبارزة بالصواريخ بين أميركا وروسيا؟

الصعب والمستحيل في أزمة مفتوحة

سوتشي عكس جنيف أم الطريق اليه؟

لا مشروع بل ممانعة للمشروع الاقليمي الايراني

فرصة المخرج الفرنسي وتحديات المدخل اللبناني

تباين في توظيف المعركة ضد داعش

أي ادارة ومعيار لتنظيم الخلاف؟

سوريا أرض اللقاء بين الكبار المختلفين

ماذا بعد الاقتراب من المدار الروسي؟

أبعد من خلاف المتفقين على عودة النازحين

ليس بالقانون وحده يحيا التمثيل الصحيح

عناصر القوة والضعف في محاربة داعش

العودة الى جنيف من طريق استانا

محاربة الارهاب الداعشي ومواجهة الفقه الداعشي

قمة البحر الميت: تحدّي إحياء العروبة

منبر لتوجيه رسائل لا مركز للقرار

موسكو حامية النظام وراعية المنشقين عنه

أبعد من القانون وانتخابات خائف ومخيف

مسؤوليات ما بعد نجاح الزيارة الرئاسية

أي ابتعاد للبنان عن الصراعات الخارجية؟