الأسد لا يزال يعوّل على حزب البعث!

رامي الريس

وزعّت وكالة الأنباء السورية (سانا) كلاماً منسوباً إلى الرئيس السوري بشار الأسد أثناء إجتماعه مع قيادة فرع طرطوس في حزب البعث وقيادات الشِعب والفرق التابعة له.
ومن أبرز ما قاله الأسد خلال هذا الاجتماع أن “الأزمة التي تشهدها سوريا كشفت أهميّة حزب البعث كحزب عقائدي منفتح على الجميع وهذا يحمّله مسؤوليّة إضافيّة (…)”. وأضاف: “أن الأزمة زادت من مستوى التسييس لدى المواطنين، وهذا ما يجعل تطوير عمل البعث ولغته وأساليبه ضرورة لأن المواطن السوري لم يعد يقبل بالأساليب القديمة (…)”.
تُرى عن أي مواطن يتحدث الرئيس السوري؟ وهل يجوز أن يكون تفوّه بهذا الكلام سنة ٢٠١٤ بعد نحو أربع سنوات على إندلاع الثورة التي واجهها نظامه بالحديد والنار ما أدى إلى سقوط ما يزيد عن ١٥٠ ألف قتيل وتهجير الملايين داخل وخارج سوريا وإعتقال مئات الآلاف الذين يلف مصيرهم المجهول وتدمير سوريا بمدنها وتاريخها وتراثها؟
نعم، هذا الكلام أعلنه الرئيس السوري الذي لم تعد قواته تسيطر على نصف سوريا وقد حولها في غضون سنواتٍ قليلة من دولةٍ إقليمية وازنة لها ثقلها على المستوى الاستراتيجي وفي مواجهة الاحتلال الاسرائيلي (ولو أن النظام حرص على إطالة أمد إحتلال  الجولان والاحترام الكامل لاتفاقيّة فك الاشتباك التي تم التوصل إليها سنة ١٩٧٧)، حوّلها إلى دولة قيد التقسيم، مبعثرة ومدمرة بالكامل، إقتصادها منهك، وأهلها غادروا بيوتهم إلى حيث لا يدرون.
وكأن الرئيس السوري قد قرأ سنة ٢٠١٤ ذاك الإعلان الشهير الذي سمي سنة ٢٠٠٥ إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي والذي تضمن دعوة السلطة لإطلاق التعددية الحزبية وإصلاح حزب البعث وتطبيق النظام الديمقراطي والتخفيف من القبضة السياسية والأمنية التي طبقّها الحزب الحاكم منذ إستلامه سنة ١٩٦٣ وبعد تولي الأسد الأب زمام الحكم بالمطلق سنة ١٩٧٠.
هل لا يزال الأسد يعوّل فعلاً على حزبه المتآكل لقيادة المرحلة المقبلة في سوريا في الوقت الذي يستميت فيه للدفاع عن وجوده حتى ولو كان ذلك على حساب أشلاء الشعب السوري وجثثه؟
هل لا يزال الأسد يعوّل فعلاً على حزبه المتآكل في الوقت الذي تحوّلت فيه سوريا إلى ساحة إحتراب وإقتتال إقليمي ودولي وفي ظل غياب أي آفاق جدية للتوصل إلى حلٍ سياسي يضع حداً لهذه الأزمة التي أخذت سوريا والشرق الأوسط الى الاشتعال غير المسبوق وإستولدت دخول مجموعة من اللاعبين الجدد ممن لا يكترثون لقواعد الصراع التقليدية ويأخذون الاشتباك الى مواقع أكثر سخونة وحماوة لن يكون من السهل إخمادها؟
أمرٌ وحيدٌ ربما كان يكفل بقاء نظام الأسد بعد إندلاع الثورة وهو إعلان حرب تحرير الجولان من الاحتلال الاسرائيلي، ولكن الأكيد أن هذا الأمر الذي يكفل بقاء النظام هو ليس حزب البعث!
——————————

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!