العائق في رفع العقوبات المفروضة على إيران

  في الوقت الذي تقترب فيه المفاوضات النووية مع إيران من الموعد المحدد لها في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، يشكل موضوع تخفيف العقوبات إحدى نقاط الخلاف الرئيسية (وإن ليست الوحيدة على وجه التأكيد). فخلال الجولة الأخيرة من المحادثات التي جرت في عُمان، أفادت التقارير أن المفاوضين الإيرانيين مارسوا ضغوطاً من أجل الرفع المبكر للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي لكي تكون جزءاً من أي اتفاق نووي. ووفقاً لتقارير أخرى، تستعد إدارة أوباما لتعليق العقوبات “ذات الصلة” بالمجال النووي التي فرضتها الولايات المتحدة، بحيث يتم ذلك في وقت مبكر من تنفيذ الاتفاق.

إن كلاً من الطلب الايراني والإقتراح الأمريكي يمثل جهوداً للتغلب على العقبة نفسها ألا وهي: الكونغرس. ويدرك البيت الأبيض بأنه حتى لو كان يرغب في تقديم عرض يرفع العقوبات مقدماً كجزء من أي اتفاق، إلا أن معارضة الكونغرس يُرجح أن تجعل من الصعب الوفاء بمثل هذا العرض، مما سيؤدي إلى اللجوء إلى سلطة الصلاحيات الممنوحة للرئيس الأمريكي من قبل جميع التشريعات المتعلقة بالعقوبات تقريباً. ومن جانبها، ربما تدرك إيران أن الدعم السياسي غير المؤكد القائم في الولايات المتحدة للتوصل الى اتفاق يعني وجود نافذة ضيقة من الفرص لكي تحصل طهران من خلالها على رفع العقوبات المفروضة  من قبل الأمم المتحدة، وهي خطوة يمكن إعاقتها بواسطة فيتو أمريكي.

وقد تثبت كلا الخطوتين أنهما تنطويان على إشكالية بالنسبة للولايات المتحدة. فبمجرد رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، لا يمكن إعادة فرضها بنفس السرعة أو السهولة في حال وجود أي خداع من الجانب الإيراني. وعلى الرغم من أن روسيا والصين قد صوتتا لصالح فرض عقوبات في ست مناسبات سابقة خلال الفترة 2006-2010، إلا أنهما ستمنعان على الأرجح أي محاولة لعرضها من جديد. وتشكل التدابير المتخذة من قبل الأمم المتحدة حجر الزاوية لكثير من الصياغة الأساسية للعقوبات العالمية؛ فهي توفر الأساس القانوني لفرض عقوبات لا تحصى على الصعيد الوطني ضد إيران، والتي قد تنهار بدورها إذا ما تم التراجع عن قرارات الأمم المتحدة. وبالتالي فإن رفع العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة يجب أن يأتي في المرحلة النهائية وليس الأولى لأي اتفاق،.

وتكمن المضاعفات في تعليق العقوبات الأمريكية “ذات الصلة النووية” في المصطلح نفسه، الذي نص عليه الاتفاق المؤقت لـ “خطة العمل المشتركة” – الذي تم  التوصل إليه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي – وليس في القانون الأمريكي. ولا ترتبط معظم العقوبات ضد ايران في مساعيها النووية فحسب بل في ممارسات أخرى غير مشروعة أيضاً. فعلى سبيل المثال، تَصْدر العقوبات التي تُفرض على “البنك المركزي الإيراني”، من قبل وزارة الخزانة الأمريكية عبر تصنيف المصرف كـ “كيان يثير قلقاً أساسياً فيما يخص غسل الأموال”، لمشاركته في “تمويل الارهاب”، من بين أمور أخرى. وعلى العكس من ذلك، فإن بعض الإجراءات التي ترتبط بوضوح بالنشاط النووي، مثل قرار مجلس الأمن رقم 1737، تشمل عقوبات أخرى ينبغي الحفاظ عليها بغض النظر عن أي اتفاق، مثل فرض حظر على تصدير الأسلحة من قبل إيران.

وفيما  يتعلق بالإعفاء عن العقوبات ذات الصلة بالبرنامج النووي الإيراني، سوف يُضعف الرئيس الأمريكي أيضاً أكثر الأدوات فعالية لمواجهة الأنشطة الأخرى غير المشروعة التي تقوم بها إيران، الأمر الذي يُكافئ طهران فعلياً عن الخطوات التي لم تتخذها. وجزئياً قد تكون هذه ظاهرة مرافقة للطريقة التي تمت بها صياغة التشريع الأساسي، إلا أنه سيمكن تقبّلها بسهولة أكبر إذا كان الاتفاق المرافق حازماً وجاداً، وإذا قام البيت الأبيض والكونغرس، في أعقاب التوقيع على الاتفاق، بوضع طريقة عمل مشتركة لمواجهة الدعم الإيراني للإرهاب وأنشطة أخرى غير مشروعة – أو الأفضل من ذلك، إذا وافقت إيران على التخلي عن تلك الأنشطة كجزء من الاتفاق.

وبدلاً من قيام إدارة أوباما بتجاوز الكونغرس، يجب عليها أن تحاول صياغة اتفاق يحصل على دعم مختلف ألوان الطيف السياسي في الولايات المتحدة – فضلاً عن تبنّي سياسة أوسع نظاقاً تجاه إيران والشرق الأوسط.

 —————————————————–

(*) مايكل سينغ / معهد واشنطن