قانون الانتخاب: تعويض وضرورة

جليل الهاشم

الإشارة الجيدة الوحيدة في الحياة السياسية اللبنانية خلال الأيام الأخيرة قد تكون إنطلاقة العمل في اللجنة النيابية المكلّفة وضع قانون جديد للانتخابات وإعطاء هذه اللجنة نفسها مهلة شهر لإنجاز إقتراح قانون يعرض على المجلس النيابي لمناقشته وإقراره.

نقول إن إشارة وحيدة جيدة لأن الوقائع الأخرى ليس فيها ما يستجيب لطموحات اللبنانيين السياسية في بلد طبيعي فالانتخابات الرئاسية لم تحصل والفراغ في الموقع الأول في الجمهورية مستمر منذ ما يقارب سبعة أشهر، ولا يبدو في الافق ما يشير إلى تغيير في الوقائع التي تفرض هذا الفراغ وتمعن في تثبيته ومن جهة ثانية فإن تمديد المجلس النيابي لنفسه في ولاية جديدة كاملة لا يعطي شهادة في الممارسة الديمقراطية بل هو يوجه رسالة سيئة إلى الشعب اللبناني وإلى العالم في أن واحد بأن تجربة الديمقراطية البرلمانية في لبنان ليست على ما يرام.

صحيح أن التبريرات كثيرة لهذا التمديد لكن عوامل الاقناع فيها وفي شل المجلس ومنعه من انتخاب الرئيس ليست شديدة الامتناع.

LIJNET_KANOUN_L2INTIKHAB

من هنا جاء ترؤس الرئيس نبيه للجنة قانون الانتخاب ليفتح نافذة في الجدار السياسي خصوصاً أن البحث ينطلق هذه المرة من أفكار أكثر انسجاماً مع طروحات التغيير والتقدم في مجال وضع قانون جديد يعتمد النسبية ولو بنسبة معينة ، فمنذ زمن بعيد وتحديداً منذ نهاية الستينات ومطلع السبعينات اقترح كمال جنبلاط النسبية في قانون الانتخابات، وجاء إتفاق الطائف وتوجهاته في إعتماد دوائر جديدة يفترض أن تكون أوسع في القضاء ليدعم فكرة النسبية إلا أن شيئاً من ذلك لم يتحقق فطارت النسبية وأخضعت فكرة الدوائر الانتخابية الجديدة إلى منطق تحقيق مصالح سياسية محددة في ظل الوصاية السورية حيث تم توسيع الدوائر أو تغيرها على قاعدة الفرز والضم من دون منطق سياسي هادف يحكمه.

هناك فرصة اليوم وهناك المزيد من الوقت لانتاج نظام انتخابي جديد يمكن أن يشكل فقزة لو صغيرة على طريق تطوير التمثيل الشعبي في إتجاه تعميم النسبية والدائرة الموسعة. وإذا كان نظامنا السياسي يقوم اليوم على فكرة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وبتحكم بالتالي في طبعة قانون الانتخاب فإن الخطوة التالية الطموحة على طريق تطوير هذا النظام لا يمكن خوضها إلا بدفع قانون جديد أيضاً للأحزاب السياسية إذ لا يمكن تصور انتخابات عامة على قاعدة التمثيل النسبي من دون أحزاب وكتل سياسية خارج التخندق المذهبي والطائفي وبالتالي فإن تعميم النسبية سيحتاج إلى أحزاب غير دينية وهنا سيكون التحدي الأكبر.