أي قراءة لـ “عملية القدس” النوعية؟

لأن قادة العدو الإسرائيلي وداعيمهم من قوى دولية لا يقرأون ولا يستخلصون العبر فأن ما يجري في فلسطين لن يقود سوى إلى الإنفجار الكبير نتيجة الإنتهاكات والممارسات الإرهابية الصهيونية التي تمارسها ما يسمى بالدولة الإسرائلية  وعصابات الشبيحة من المستوطنين الإرهابيين الذي يتحركون بأحقادهم العنصرية ويرتكبون بدم بارد جرائمهم بتوجيه ورعاية وحماية من قيادات وحكام الكيان الغاصب لأرضي فلسطين المحتلة.

 ويرى مراقبون بأن ما يجري في الأراضي المحتلة سوف يقود نحو انتفاضات وثورات جديدة لم يعرفها من قبل العدو الصهيوني وعملية القدس على الكنيس اليهودي ليست سوى البداية وهي  جزء من مسار طويل لن ينتهي ولن يتوقف. ويخطئ كثيرا في حساباته وقراءاته لتطور الأحداث في فلسطين المحتلة وجوارها ومحيطها بأن القضية الفلسطينية قد انتهت وبان اسرائيل قادرة ببطشها واجرامها وقوتها العسكرية الغشمة على هضم الحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية في القدس أو أرض فلسطين. بحيث أنه بعد عقود طويلة من الصراع قد اثبت المواطن الفلسطيني بأنه اقوى من كافة الممارسات القمعية ومن كل الجرائم البربرية التي يمارسها الإحتلال، وبالتالي فأن إرادة الشعب الفسلطيني في النضال والصمود والمواجهة هي أقوى من كل شيء وستنتصر في النهاية، لأن صيروة التاريخ وتجاربه وعبره على مر العصور والأزمنة لا تبشر إلا بإنبلاج فجر جديد على أرض فلسطين مهما طال زمن الظلام ليعود معه الحق إلى أصحابه ليس فقط في الضفة الغربية وغزة والقدس بل على كامل الأراضي الفلسطينة.

إلى ذلك وبعد اسابيع من الأعمال العنصرية والقمعية والإجرامية التي يمارسها العدو الإسرائيلي وشبيحته من المستوطنيين في المسجد الأقصى وفي مدينة القدس وكافة أرجاء الأراضي الفلسطينية شهدت الأراضي المحتلة هجوم بطولي نوعي شنه فلسطينيين اثنين على كنيس يهودي في حي “هار نوف” الذي يقطنه مستوطنون غربي القدس وذلك  في رد على على جريمة المستوطنين بحق الفلسطيني يوسف الرموني 37) عاما) الذي وجد مشنوقاً في حافلة تابعة لشركة النقل والمواصلات الاسرائىلية «ايجد» على يد المستوطنين حيث يعمل يوسف سائقاً فيها، وكذلك رداً على الاعتداءات على المسجدالاقصى ومقتل اكثر من 2265 فلسطينياً في حرب غزة.

وقد أدت هذه العملية البطولية والنوعية إلى إحداث حالة من الهلع داخل الكيان الصهيوني الغاصب وفي صفوف قيادته بعد أن  اسفرت عن مقتل 5 اسرائيليين وجرح 8 اصاباتهم خطرة ، فيما عمت الاحتفالات كل المدن الفلسطينية في الضفة والقطاع وشملت الاحتفالات عرب 1948، حيث توحدت فلسطين كلها خلف العملية وارتفعت آيات التكبير في مساجد غزة، وقرعت اجراس الكنائس في بيت لحم، ووزعت الحلوى في رام الله. واطلقت النساء الزغاريد في مناطق الـ 48. خصوصا ان العملية تعتبر (نوعية» وجاءت بمستوى حجم الاعتداءات الاسرائيلية.

وقالت المعلومات إن منفذا الهجوم على الكنيس هما الشهيدان غسان وعدي أبوجمل من جبل المكبر في شرق القدس، وهما من عائلة الجمل وعمهما جمال الجمل، وهو أسير محرر في صفقة الجندي «شاليط»، وأعادت إسرائيل اعتقاله قبل عدة أسابيع فقط، وتبنت العملية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وفي التفاصيل أن الهجوم حصل صباح امس بعد ان دخل غسان وعدي ابو جمل الكنيس اليهودي في حي هارنوف في القدس المحتلة وبدأ بضرب وطعن كل من وقع تحت ايديهم وقال احد الناجين «لقد ذبحونا» وعلى الفور ضربت قوات الاحتلال طوقا امنيا واشتبكت قوة اسرائىلية مع «الفدائيين» غسان وعدي وادى الاشتباك الى استشهادهما علما ان الكنيس الذي نفذت فيه العملية يعود لمتدينين من حزب شاس وهو الحي الذي يسكنه رئيس حزب شاس غومايا يوسف.وقد دفعت قوات الاحتلال تعزيزات الى مكان الحادث وجندت اربع سرايا من حرس الحدود وامرت القيادة الاسرائيلية بدفن منفذي العملية خارج القدس واوصى وزير الامن الاسرائيلي باعطاء تسهيلات في موضوع حمل السلاح لسكان القدس.

و قد وقع الهجوم في حي هار نوف، وهو يقع غرب القدس وهو يقع على أنقاض دير ياسين الفلسطينية، ويسكنه 30 ألفاً من اليهود المتدينيين، والذين يسمون «الحارديم» وهي منطقة سهلة للمهاجمين. ومن جهتها، قالت الشرطة الإسرائيلية إن رجلين مسلحين بمعاول وسكاكين يعتقد أنهما فلسطينيان أصابا ثلاثة أشخاص على الأقل في معبد بالقدس قبل أن تطلق الشرطة عليهما النار وتقتلهما.من جهتها كشفت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية أن منفذي عملية القدس اختاروا كنيس «هار نوف» لاستهداف الدائرة المقربة، من حاييم بن دافيد، منفذ جريمة الطفل محمد أبو خضير قبل عدة شهور في مخيم شفعفاط في القدس. وأوضحت الصحيفة أن «يوسيف بن دافيد والد حاييم يصلي في ذلك الكنيس»، ولم توضح الصحيفة مصيره بعد الهجوم.

وبعد الهجوم قامت قوات الاحتلال بدهم مراكز اعمال الفلسطينيين وطلبت من المقدسيين العودة الى منازلهم .وساد التوتر الحاد المدينة المقدسة وسط انتشار واسع لقوات الاحتلال ودورياتها.الى ذلك عقدت الحكومة الاسرائيلية اجتماعاً طارئاً لبحث الوضع ، فيما حمل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس وحركة “حماس” مسؤولية هجوم القدس، واشار متحدث باسمه  الى ان الرد سيكون حازماً وقوياًمن جهته عقد وزير الحرب الاسرائيلي موشيه يعالون جلسة مشاورات طارئة في مقر الوزارة لتقييم الوضع بعد حادثة الهجوم.

في المقابل اشادت حركتا “حماس” و”الجهاد الاسلامي” بالهجوم ، فرأت “حماس” ان “العمليات الاخيرة في القدس والضفة هي رد طبيعي على استمرار جرائم الاحتلال بما فيها الحصار على غزة “، فيما علق الناطق باسم الحركة سامي أبوزهري، عبر حسابه على “فايسبوك” بالقول ان “عملية القدس هي رد فعل على جريمة إعدام الشهيد الرموني وعلى جرائم الاحتلال المستمرة في الأقصى، وحركة حماس تدعو إلى استمرار عمليات الثأر.”اما “الجهاد الاسلامي” فاعتبرت الهجوم على الكنيس “رداً طبيعيا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي.بدورها اعتبرت حركة فتح ان الهجوم على الكنيس جاء نتيجة طبيعية للانتهاكات الإسرائيلية في القدس.

بدورها باركت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين العملية، وقالت إن منفذيها ينتميان إليها. ومنفذا العملية هما: غسان محمد أبو جمل (27 عاما) وعدي عبد أبو جمل (22 عاما)، وهما أبناء عمومة من بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة.وفي اتصال سابق مع الجزيرة، أشادت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار، بالعملية واعتبرتها ردة فعل طبيعية على جرائم الاحتلال الأخيرة ضد الفلسطينيين.واعتبرت أن الشعب الفلسطيني قد دخل بالفعل في انتفاضة جديدة وهبّة شعبية بدأت منذ يونيو/حزيران الماضي، شملت الضفة والقدس ومناطق 1948.كما باركت حركة الجهاد الإسلامي العملية، ووصفها المتحدث باسم الحركة داود شهاب بأنها عملية بطولية ونوعية مثلت رد فعل طبيعيا على إرهاب المحتل الإسرائيلي تجاه أبناء الشعب الفلسطيني. وأضاف شهاب متحدثا للجزيرة من غزة خلال نشرة سابقة، أن على إسرائيل أن تتوقع مزيدا من العمليات المماثلة.

من جهته، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي للجزيرة إن انتفاضة فلسطينية ثالثة قد بدأت في الأراضي المحتلة ردا على سياسات الاحتلال الإسرائيلي وتطرفه وإجرامه.أما لجان المقاومة الشعبية فرحّبت بعملية القدس، وطالبت في بيان لها بالمزيد من العمليات التي تستهدف الجنود الإسرائيليين والمستوطنين في القدس ومدن الضفة الغربية، وتصعيد الفعل الثوري.كما باركت حركة المجاهدين الفلسطينية العملية، مؤكدة في بيان لها أنّ العمليات الأخيرة في القدس عمل مقاوم بطولي جاء ردا على جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتكررة في القدس والمسجد الأقصى.

أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقد أدان الهجوم الذي شنه فلسطينيان على “معبد” في القدس.وأوضح بيان بعد العملية “أن الرئاسة الفلسطينية تدين عملية قتل المصلين اليهود في أحد دور العبادة في القدس الغربية، وتدين عمليات قتل المدنيين من أي جهة”.

وعلى صعيد الردود الدولية،وصف وزير الخارجية الأميركي جون كيري -الذي يزور بريطانيا- الهجوم الذي شنه فلسطينيان على الكنيس بأنه «هجوم وحشي غير مبرر»، وأضاف أن مهاجمة مصلين في معبد «عمل إرهابي محض». ودعا كيري القيادة الفلسطينية إلى التنديد بالهجوم، مطالبا إياها بأن “تبدأ في اتخاذ تحركات لتقييد أي نوع من التحريض الذي ينبع من لغة خطابها، وإظهار شكل القيادة الضروري لوضع هذه المنطقة على مسار آخر”.كما دعا كيري الفلسطينيين والإسرائيليين إلى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحد من التوترات التي شهدتها المنطقة على مدى الأسابيع الماضية في القدس، و”التي تعدُّ في غاية الخطورة على الطرفين”.

من جانبه، ندد الاتحاد الأوروبي بالهجوم الذي وصفه «بالعمل الإرهابي»، ودعا قادة المنطقة إلى «بذل أقصى جهودهم فورا لتهدئة الوضع ومنع التصعيد مجددا». وقال بيان صادر عن وزيرة خارجية الاتحاد، فيدريكا موغريني، إن «مهاجمة مصلين في الكنيس عمل مدان بجميع المقاييس».كما أدان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الهجوم، ووصفه بـ»الاعتداء البغيض»، وأعرب -بحسب بيان للإليزيه- عن قلقه البالغ إزاء «سلسلة أعمال العنف في القدس وإسرائيل والضفة الغربية».كما ندد المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري بالعملية معتبرا أنها «غير مبررة»، مؤكدا أن الأمم المتحدة تدعو جميع الأطراف لبذل أقصى الجهود من أجل منع تصعيد الوضع نحو المزيد من التوتر.كذلك دانت السلطات التركية والفنلندية الهجوم على الكنيس اليهودي في القدس

_______________

(*) – هشام يحيى