الأمن الغذائي والثروات الطائلة!

وسام القاضي

 الثروات المالية الهائلة لا تهبط على الإنسان من السماء، ولا يمكن للغنى الفاحش أن يحدث بين ليلة وضحاها من عرق الجبين. وإذا نظرنا إلى الأبنية الشاهقة والفخمة التي تكتسح معالم بيروت وتترواح أسعارها بحدود الأربعة والخمسة ملايين دولار في بلد لم يخرج بعد من أزمة نتائج الحروب المدمرة والتي عصفت به وبإقتصاده، يتبين أن لهذه الثروات مصادر مشكوك بأمرها، ويبدو أن الأمن الغذائي هو إحدى مصادرها.

إن ما كشف عنه وزير الصحة وائل أبو فاعور لم يكن خافياً على المواطنين بمضمونه، فالجميع يعلم تماماً أن الفساد وصل في لبنان إلى لقمة العيش، ولا أحد يدرك تماماً ماذا يأكل وماذا يشرب، لكن الجديد في هذه الفضيحة أنها تناولت مؤسسات كبرى في لبنان، لها إسمها الواسع السيط والحائز على ثقة اللبنانيين، والسؤال الذي يطرح لما لم تكشف هذه الأمور قبلا وبالأسماء من قبل وزراء الصحة والإقتصاد والذين توالوا على عرش وزاراتهم، ولماذا بقيت تلك الدوائر في الوزارات المولجة صون وحماية الأمن الغذائي مكبلة بقيود ولم تتحرك من أجل وضع اليد على الملفات الساخنة؟ لأنه بطبيعة الحال يقدم الغطاء السياسي للتجار الكبار الذين يعتبرون مصدر تمويل لبعض الطبقة السياسية الحاكمة.

إن بعض تلك الأسماء الكبيرة في عالم التجارة لا يمكن النيل منها كونها تمد خيوطها وأذرعها إلى بعض كبار القوم في الدولة اللبنانية، وكم هو معيب أن ينتقد وزير الإقتصاد الكشف عن أسماء المطاعم والمحلات التجارية، وكم هو معيب أن يتحدث وزير السياحة عن أن هذه الفضيحة ستؤثر على قطاع السياحة، وكأن حياة المواطن اللبناني لم يعد لها قيمة في الأساس بجدول أعمال الطبقة السياسية الحاكمة.

لقد كشف الوزير أبو فاعور، وبكل جرأة، الوضع الغذائي على حقيقته، والمطلوب أن تستكمل التحقيقات وتتابع الملاحقات، مع العلم المسبق أن رنين الهواتف لن يتوقف للوساطة من هنا أو هناك، وسيحاولون ربما رشوة القوى الأمنية لعدم تطبيق الإجراءات القانونية بحقهم، فكونهم واصلين إلى كبار القوم فمن غطى مخالفاتهم سيعمد إلى تسوية أوضاعهم من دون شك.

meat

هذا هو واقع طبقة les nouveaux riches كما يقال باللغة الفرنسية، أي طبقة أغنياء الحرب، الذين إغتنوا على حساب دماء ونضالات الشهداء، وهم يعتبرون الساحة اللبنانية سوق تصريف أساسية لبضاعاتهم الفاسدة، فمن تجارة الأسلحة مرورا بالمخدرات والنساء وصولا بالمنتوجات الغذائية، كلها أساليب درت على البعض أموالا تفوق المخيلات. لقد حاولوا التلاعب بكل الأمور وهم لا يأبهوا بشعب يعاني الأمرين من غياب الدولة ومؤسساتها، وغياب الأمن والإستقرار، ليضعوه في خطر الأمن الغذائي والإجتماعي.

إن وزير الصحة أعاد لنا بصيص أمل بالروح التقدمية الإشتراكية التي وضعها بنفوسنا المعلم الشهيد كمال جنبلاط، ذلك المارد الكبير الذي حارب الفساد في لبنان بكل أشكاله، من فساد سياسي إلى فساد مالي مرورا بالفساد الإداري، وكان لهم بالمرصاد لكن الفساد العربي كان الأشرس فأغتالته الأيادي السود لتنشر الفساد بالنظام اللبناني برمته، وما نحصده اليوم من فضائح هو نتاج فساد هذا النظام.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار