اليوم العالمي للحرية وبصمة العار اللبنانية

احمد حسان

الحرية حق من حقوق الإنسان كرسته الأديان والشرائع السماوية والوضعية، ونصت عليه المعاهدات والمواثيق والدساتير والقوانين الدولية والوطنية.

والحرية هي إحدى مقومات الشخصية الإنسانية، ولا يمكن أن تتحقق إنسانية الإنسان بدون حريته، كما أنه لا يمكن بناء مجتمع حضاري دون توفر الشروط الطبيعية والقواعد القانونية التي تحمي ممارسة هذه الحرية على نطاق واسع وبما يكفل وضع هذا الحق في إطاره الواقعي والإداري بحيث يتاح للمواطن ممارسة حرياته الشخصية في العقيدة والكسب والإعلان والقضاء والتجمع وإبداء الرأي، وعلى أن يمارس هذه الحريات بعيداً عن الإكراه والضغوط المادية والمعنوية، وضمن إطار الإحترام المتبادل والحرية المسؤولة والحريصة على عدم الإضرار بحقوق الآخرين وحرياتهم.

بموجب قرار رئاسي بتوقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما أصبح يوم 9 تشرين الثاني من كل عام ذكرى لإحياء اليوم العالمي للحرية، وتبنت الأمم المتحدة هذا اليوم ووضعته على روزنامتها السنوية الخاصة بالايام العالمية التي تحددها للإحتفال بها. ومناسبة هذا الكلام هو مصادفته هذا العام مع رفض محكمة تنفيذ العقوبات الفرنسية طلب الإفراج المشروط عن المناضل اللبناني المحكوم جورج إبراهيم عبدالله، وللمرة التاسعة على التوالي، بحجة أنه متمسك بقناعته السياسية.

ليس المقصود بهذه المقالة الحديث عن قضية المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبدالله بما هي قضية سياسية، بل بما هي قضية حقوقية وإنسانية لها أبعادها القانونية والمبدئية، فبقاء المناضل جورج إبراهيم عبدالله في معتقله الفرنسي، بعد أكثر من ثلاثين عاماً من إعتقاله، هو إدانة للسلطات القضائية والسياسية الفرنسية، وهو يتنافا بشكل مطلق مع الإدعاءات الغربية المتكررة والممجوجة التي تجترها المؤسسات الرسمية والحكومية وجمعيات المجتمع المدني والوسائل الإعلامية المختلفة في أميركا وأوروبا، وإدانة لمؤسسات الأمم المتحدة التي تقف عاجزة عن إحترام وتطبيق الإتفاقيات والمواثيق ومعايير حقوق الإنسان الدولية التي وقعتها الدول في الأمم المتحدة وتعهدت الإلتزام بها وتطبيقها.

قد يكون شرف للمناضل جورج إبراهيم عبدالله أن يكون أقدم سجين سياسي في أوروبا، فهو مناضل من أجل الحرية، وما بقائه في السجون الفرنسية إلا نتيجة الرضوخ للضغوط الأميركية التي تمارس على الدولة الفرنسية، خاصة أن القضاء الفرنسي كان قد أصدر في العام 2003 قراراً بالإفراج المشروط عنه، وهو القرار المماثل الذي عاد وأصدره في 9 تشرين الثاني 2013 والذي كان بموجبه على جورج عبدالله أن يكون بين أهله في 14 كانون الثاني 2013، ولكن إشتداد الضغوط مجدداً أملى على السلطات الفرنسية أن تبقيه قيد الإعتقال وبموجب قرار صادر عن السلطة الإدارية الفرنسية قيّد تماماً إمكانية إطلاقه بناء على قرار قضائي مستقل.

أن يقرر القاضي الفرنسي ألين مارسو، الذي حكم على المناضل جورج إبراهيم عبدالله عام 1987، براءة ضحيته في مؤلفه “قبل أن ننسى كل شيء” حيث يقول “لقد تمت إدانة جورج عبدالله على ما لم يقم به” وهذا ما أكده مدير جهاز الإستخبارات الفرنسية “DST” والمسؤول عن إعتقاله حيث رأى أن “من المخزي إبقاء جورج عبدالله في سجنه” مما يؤكد على الشهادة المبرمة ببرائته، ولكن أن تبقى السلطات اللبنانية واقفة وقوف المتفرج على هذه القضية، يمثل خيانة للقيم والمبادىء والحقوق التي نص عليها الدستور والقوانين والأنظمة اللبنانية، وستبقى قضية هذا المناضل اللبناني الصلب بصمة عار على جبين اليوم العالمي للحرية، وهو اليوم الذي يحمل المعاني الإنسانية السامية لو جرى تطبيقه بروحيته وأهدافه ومقاصده الإنسانية.

————————————–
(*) أمين الإعلام في جبهة التحرر العمالي

اقرأ أيضاً بقلم احمد حسان

حزب جلسة الشاي… والتحدي الحقيقي

الإرادة المسبقة بتعطيل مفهوم الدولة

التحدي الخطير والمراقب الحذق

الجنة ليست للفقراء

واقع الحركة النقابية وضرورة التغيير

حذار الوقوع في فخ إتفاقية جنيف للاجئين

الحزب والجبهة وتحدي التغيير

المرأة وثقافة العيب

العدالة الإجتماعية كحافظة للسلم الأهلي

الرئاسات ليست ملكاً للطوائف!

كم نحن بحاجة إليك اليوم وليد جنبلاط

سلاح الجيش الأمضى الذي لا يمتلكه غيره

قدر لبنان ورسالته التاريخية

الطاحونة السورية والغلّة اللبنانية

المجموعات الطوائفية والمعارك الوجودية

البديل النقابي الديمقراطي وتحدي التغيير

مفهوم السيادة والدولة الفاشلة النموذج اللبناني

قواعد السياسة الإقتصادية وهاجس الإمساك السلطة