هل ينجح التمديد النيابي بحل عقدة الفراغ الرئاسي؟

دخل التمديد للمجلس النيابي حيز التنفيذ بعد صدور القرار في الجريدة الرسمية وباتت الأنظار تتجه نحو المجلس الدستوري حيث يتوقع ان تلجأ كتلة الإصلاح والتغيير النيابية الى تقديم الطعن للتمديد، ما لم تسفر النقاشات الدائرة داخل التكتل الى عكس ذلك حيث كشفت مصادر متابعة ان نقاشاً جدياً يجري داخل التكتل بين مؤيد وللطعن ومعارضاً له، سيما وان حلفاء التكتل في فريق 8 آذار لا يحبذون اللجوء للطعن الدستوري، بحيث ان الخيارات المتاحة محدودة.
المصادر التي رجحت عدم لجوء تكتل الإصلاح والتغيير الى الطعن امام المجلس الدستوري، استندت الى موقف رئيس التكتل الذي اعتبر ان علاقة التيار بحزب الله وحلفائه، باتت علاقة تكاملية، والذهاب الى خيار الطعن قد يعقد هذه العلاقة سيما وان التمديد للمجلس جاء بفعل الظروف الأمنية التي تعيق إمكانية اجراء الانتخابات من جهة، وعدم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية.
وعن الأجواء التفاؤلية التي تشاع في البلاد، واحتمال الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية قبل جلسة 19 تشرين الثاني الجاري، رأت المصادر ان هذه الأجواء لا تعدو كونها تمنيات، عكستها اللغة الخطابية الهادئة التي اطل بها أمين عام حزب الله في العاشر من محرم، ومدعوته للحوار مع تيار المستقبل الذي كان بادر زعيمه الى إطلاق مبادرة وطنية داعمة للجيش اللبناني ورافضة للتطرف بعد أحداث طرابلس.
ورأت المصادر ان الأجواء الإقليمية، لم تحمل تبدلا جديداً في المواقف او في موازين القوى، كي يرى فيها البعض مؤشراً يدفع نحو تحريك الملف الرئاسي، لا بل فإن لقاءات مسقط التي جمعت وزراء خارجية اميركا وإيران ومجموعة الدول الأوروبية، لم تحمل أي جديد على عكس الأجواء الإعلامية والمؤشرات، التي كانت الأطراف الثلاث قد أطلقتها، لناحية إمكانية التوقيع على الاتفاق النهائي قبل 24 من تشرين الثاني، موعد انتهاء المهلة الممددة للتفاوض على الملف النووي الإيراني.
واعتبرت المصادر ان الملفات الإقليمية قد تذهب نحو تصعيد جديد مع اقتراب انتهاء المهلة الدولية المعطاة لإيران، الالتزام تنفيذ بنود الاتفاق الاولي، سيما وان سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مناطق شاسعة من العراق وسوريا تزامن مع انتهاء المهلة التفاوضية الأولى في العشرين من حزيران الماضي، والذي تلقت فيها إيران انتكاسة استراتيجية، افقدتها حليفاً مهما في العراق (نوري المالكي)، وأضعف جبهة حليفه في سوريا (بشار الاسد)، والتي ردت عليها ايران باجتياح صنعاء وقلب المعادلة السياسية في اليمن، حيث باتت حركة التمرد الحوثي في اليمن تدق أجراس الانذار في السعودية التي تقلقها انعكاسات هذا التقدم على حدودها الجنوبية التي تعد معبرا لنشاط غير قانوني على الدوام.
وتشعر السعودية بالقلق للروابط التي تربط الحوثيين بإيران وتخشى أن يسعوا لتقليد الدور الذي لعبه حزب الله في لبنان. كما يشعر السعوديون بالقلق لخطر استراتيجي آخر ينبع من اليمن حيث يتمركز تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي أعلن الحرب على أسرة آل سعود الحاكمة في السعودية وشن غارة عبر الحدود إلى الشرق من هذه المنطقة في يوليو تموز الماضي. وفي الوقت الحالي تجعل العداوة بين الحوثيين والتنظيم وجود متشددي القاعدة في منطقة جازان الحدودية أمرا بعيد الاحتمال. وقد أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ان الحوثيين الشيعة كفرة ونظم هجمات انتحارية ضدهم في حين تعهد الحوثيون بالقضاء على التنظيم في اليمن.
وتعمل السعودية على شق طريق حدودي جديد يحوطه سور من الجانبين بالاضافة إلى نشر أعمدة عالية مثبت عليها كاميرات ومعدات رادار تسمح للحرس بمراقبة الحدود على امتدادها بالكامل والتحرك السريع بارسال دوريات.
هذا التحول الاستراتيجي لدور إيران في اليمن بادلته الرياض بحصار اقتصادي على إيران من خلال خفض أسعار النفط على عكس ما هو متوقعاً، ما دفع بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي الحديث عن حاجة إيران الى اقتصاد المقاومة، في السنوات القادمة لمواجهة التحديات.
هذه الاحداث التي من المتوقع ان تتجه نحو التصعيد، بالتزامن مع تمديد العملية التفاوضية بين إيران ومجموعة الدول الست (5+1)، ستفرض اجندة جديدة على القوى المتصارعة، لم تتضح معالمها بعد، فالأزمة السورية تقف أمام حائط مسدود، العملية السياسية في العراق لم تحقق الغاية المرجوة منها، كما أن الحرب الدولية على (داعش) تعيش مأزق الضربات الجوية غير المجدية، ما لم تترافق وعملية برية لم تتفق الدولة المتحالفة على خيار واحد تجاهها خاصة وان أحدا من تلك الدول لا يحتمل دفع تكاليف مثل هذا الخيار دون غطاء دولي غير متوفر حالياً.
المصادر ترى ان الخيارات المناطقية كتلك التي يطرحها المبعوث الاممي الى سوريا (ستيفان دي مستورا) القاضية بوقف تدريجي لإطلاق النار في حلب كجهد داخلي يسهل العملية الإنسانية وتجميع النازحين، بانتظار ان ينضج ملف الحل السلمي البعيد المنال، بعد اعلان روسيا موافقتها البحث مجددا في تطبيق مقررات جنيف على قاعدة استبعاد الأسد من المرحلة الانتقالية.
المصادر رأت انه أمام المشهد الإقليمي المعقد وعدم قدرة الأطراف الداخلية تلقف المبادرات الداخلية وتحويلها الى مبادرات تنفيذية وفق آليات حوار محددة فإن الملف الرئاسي سيبقى معلقاً، خاصة وأن مواقف العماد عون الأخيرة، التي حمَلَ فيها بشدة على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وحمّل معه المملكة العربية السعودية مسؤولية تعطيل الحوار الذي كان قائما بينهما، وكأن عون يرد في موقفه هذا على السيد نصر الله الذي مد يده للحوار مع المستقبل، فيما اعتبر حلفاء المستقبل ان نصر الله اسقط عن عون صفة المرشح التوافقي بتبنيه كمرشح رئاسي نيابة عن فريقه السياسي.
هجوم العماد عون على المستقبل والذي سبَقه هجوم على القوات اللبنانية لتأمينهم الغطاء المسيحي للتمديد، قد يفتح برأي المصادر الخطوط الحوارية التواصلية بين 14 آذار ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حول الانتخابات الرئاسية، وتأمين نصاب للجلسة انتخاب رئيس توافقي من خارج الاصطفاف، ودون حضور تكتل الإصلاح والتغيير، خصوصاً بعد إعلان السيّد نصر الله استعدادَه للحوار، وهذا ما قد يتبن فعلا من خلال جولة المناقشات التي ستبدأ في 17 الجاري حول قانون جديد للانتخابات النيابية يشكل لبنة أساسية للتفاهم على رئيس جديد للبلاد، بعد اقتناع الأطراف الأساسية حزب الله والمستقبل فصل الملف الرئاسي عن ملفات المنطقة.
فوزي ابوذياب