هل لا تزال “الفجوة كبيرة” في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني؟

لا تزال الأنظار متجهة نحو المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي حول ملف طهران النووي الجارية في مسقط وذلك نطرا لإنعكاسات نتائج هذه المفاوضات بنجاحاتها أو بإخفاقاتها على ملفات عديدة عالقة في منطقة الشرق الأوسط والتي لال يمكن بحسب المراقبين الولوج في حلول جدية بشأنها من دون حصول خرق في الملف النووي بين إيران والمجتمع الدولي، ويرى المراقبون بأن هناك الكثير من الغموض  لا يزال يحيط بملف المفاوضات بين طهران وواضنطن سيما أن هناك مواقف متناقضة تصدر عن الجانبين بخصوص هذا الملف الذي تنفي الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها أن يكون مرتبطا بسائر الملفات العالقة في المنطقة في حين أن هناك تسريبات ومواقف إيرانية بهذا الخصوص تؤكد على أن حل الملف النووي سيكون مؤثرا على بقية قضايا المنطقة.

إلى ذلك، تتواصل المباحثات بين مندوبي إيران والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في جلسة ثانية غير مقررة لبحث نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل إلى حل لإنهاء نزاع حول برنامج طهران النووي.ويأتي هذا، فيما حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن الفجوة ما زالت كبيرة في مفاوضات مسقط التي انتهت أمس الأحد دون نتائج، وشكك أوباما في إمكانية سد هذه الثغرة قبل انتهاء المهلة المقررة في الرابع والعشرين من نوفمبر الحالي.

وسعت طهران وواشنطن الأحد إلى إحراز تقدم في الملف النووي الإيراني إلا أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حذر من أن “الفجوة ما زالت كبيرة” في المفاوضات الجارية، مشككاً في إمكانية سدها قبل انتهاء المهلة في 24 نوفمبر الحالي.

وتساءل أوباما في مقابلة مع شبكة “سي بي إس CBS” الأحد: “هل سنتمكن من سد هذه الفجوة الأخيرة، بحيث تعود إيران إلى المجتمع الدولي وترفع عنها العقوبات تدريجياً، ونحصل على تطمينات قوية وأكيدة يمكن التحقق منها بأنهم غير قادرين على تطوير سلاح نووي؟”وأضاف: “الفجوة لا تزال كبيرة. وقد لا نتمكن من التوصل إلى ذلك”.

وتأتي تصريحات الرئيس الأميركي في الوقت الذي بدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف محادثات الأحد في سلطنة عمان.وتسعى إيران والدول الخمس الكبرى (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة) إضافة إلى ألمانيا، إلى التوصل إلى اتفاق بشأن خفض نشاطات إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها مع اقتراب موعد انتهاء الاتفاق المؤقت السابق في 24 نوفمبر.

من جانبه اعتبر ظريف في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أنه “ما زال هناك تباعد” في مواقف الجانبين بشأن “حجم برنامج التخصيب وآلية رفع العقوبات”. وأضاف: “إذا برهن الجانب الآخر على إرادة سياسية حسنة يمكننا التوصل إلى اتفاق”.وأضاف في تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي الإيراني: “منذ نيويورك قررنا التركيز على الحلول بدلاً من التركيز على الخلافات”.

ويعقد الاجتماع الذي يستمر يومين في سلطنة عمان التي استضافت من قبل محادثات سرية حول الملف النووي الإيراني بين البلدين قبل انتخاب الرئيس حسن روحاني في يونيو 2013.

وتأتي هذه المحادثات بعد معلومات عن رسالة وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الذي يملك السلطة العليا في هذا الملف. وتدعو الرسالة إلى التوصل إلى اتفاق نووي، مشددة على أن لإيران والغربيين مصالح مشتركة في المنطقة.

ولم يؤكد أوباما اليوم توجيه هذه الرسالة مشدداً مع ذلك على أن الأميركيين “لا يقيمون أي رابط بين المفاوضات النووية ومشكلة تنظيم داعش” الذي تقود الولايات المتحدة تحالفاً دولياً ضده في سوريا والعراق لا تشارك فيه إيران.

وأوضح الرئيس الأميركي أن تنظيم “داعش عدونا المشترك لكننا لا نجري أي تنسيق مع إيران بشأنه”.
وبعد هذا اللقاء الثلاثي في سلطنة عمان، سيعقد اجتماع لمسؤولين سياسيين كبار في إيران ودول مجموعة 5+1 الثلاثاء.وستدخل المفاوضات بعد ذلك مرحلتها الأخيرة في 18 نوفمبر للتوصل خلال ستة أيام إلى اتفاق نهائي يمكن أن يشكل انتصاراً دبلوماسياً لحسن روحاني وباراك أوباما.

وفيما بدأت المفاوضات بين إيران والغرب في العاصمة العمانية مسقط، صباح اليوم الأحد الماضي، أکد رئیس مجلس الشوری الإیراني، علي لاریجاني، أن “تسویة القضیة النوویة الإیرانیة ستكون مؤثرة في القضایا الإقلیمیة الأخری”.

ووفقا لوكالة “إرنا” الرسمية، فقد قال لاریجاني في کلمة ألقاها، أمس السبت، إن “النهج الذي تعتمده الحكومة الإیرانیة ومجموعة الـ5+1 في القضیة النوویة، هو نهج منطقي وعقلاني، بحیث یرید الطرفان التوصل إلی اتفاق عبر محادثات جادة”.وأضاف لاريجاني: “إيران لن تتجه نحو إنتاج السلاح النووي، وقد بینت هذا الأمر بشكل جلي. المفاوضات شهدت تقدما، أهداف الطرفین متقاربة، وهناك فرصة جیدة لتسویة هذه القضیة. أعتقد أن تسویة القضیة النوویة بإمكانها أن تؤثر في القضایا الإقلیمیة الأخری”.

وبدأت المفاوضات الثلاثیة بین وزیري الخارجیة الإیراني محمد جواد ظریف، والأميركي جون کیري ومنسقة المفاوضات النوویة في الاتحاد الأوروبي کاثرین آشتون، صباح الیوم الأحد، في العاصمة العمانیة مسقط.ويشارك وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عمان، يوسف بن علوي، في مستهل الاجتماع الذي سيبحث المواضیع الخلافیة بین الطرفین، والتي تشمل مواضيع “التخصیب، وإلغاء العقوبات، والمدة الزمنیة للاتفاق الشامل”، في وقت لم یتبق سوی 15 یوما لانتهاء الفترة المحددة للمفاوضات النوویة الشاملة بین إیران ومجموعة الـ5+1 والتي ستنتهي بحلول 24 نوفمبر الحالي.

من جانبه، أكد ظريف أن “وجهات النظر بین الطرفین مازالت بعیدة بخصوص حجم التخصیب وکیفیة رفع العقوبات رغم مناقشة الحلول المختلفة”.وأضاف: “لو توفرت الإرادة السیاسیة من قبلهم لتوصلنا إلی نتیجة”، مشدداً علی أن “إیران مازالت تصر علی حقوق الشعب الإیرانی وعازمة علی التوصل إلی نتیجة”، حسب ما نقلت وكالة “إرنا”.

بدوره، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، أنه لا توجد صلة بين المحادثات الخاصة ببرنامج إيران النووي وقضايا أخرى في الشرق الأوسط.ورفضت الولايات المتحدة بالفعل اقتراحاً طرحه مسؤولون إيرانيون تعرض من خلاله طهران المساعدة في الحرب ضد مقاتلي تنظيم داعش مقابل إبداء الغرب مرونة إزاء برنامجها النووي.

وذكرت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس، أمس الجمعة، أن الولايات المتحدة لم تقم بأي تنسيق عسكري مع إيران لاحتواء خطر تنظيم داعش في الشرق الأوسط.وردا على تقرير بأن الرئيس باراك أوباما كتب رسالة إلى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بشأن داعش، قالت رايس في إفادة صحفية بالبيت الأبيض: “لم نقم بأي تنسيق عسكري مع إيران”.هذا وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن رسالة أوباما إلى خامنئي “أثارت غضب الكثير من أعضاء الكونغرس”.

وفي هذا السياق، قال عضوا الكونغرس جون ماكين وليندسي غراهام، إنه “من المخجل أن يتواصل الأميركيون مع النظام الإيراني الذي ساهم بشكل مباشر في صعود نجم تنظيم داعش عبر الدفع بأجندة الفتنة الطائفية في الشرق الأوسط”، حسب شبكة “فوكس نيوز”.

__________

(*)  – إعداد: هشام يحيى