التنوع البيولوجي ومأساة الصيد في لبنان

محمود الاحمدية

من المؤسف ان تتفاجأ هذه الايام وعلى مختلف الاراضي والجبال لا يكترثون للقوانين والوهاد اللبنانية بصيادين آخر همهم القوانين  وجل همهم الطيور على اختلاف انواعها… صيادون لا يتمتع معظمهم بالتدريب الكافي حول سلامة استعمال البندقية، ولا يأبهون لنظرية التوازن البيئي واهمية الطير في هذه المعادلة.

والصيد رياضة في الخارج، والرياضة اخلاق عالية… والصيد منظم في الخارج وعبر فترة زمنية محدودة في السنة وفي مناطق محدودة وبأنواع من الطيور محدودة ايضاً…

والصيد مسؤولية بيئية في الخارج… ومن المناظر التي تشوه الواقع تعدي بعض الصيادين على المناطق المحمية والاملاك الخاصة وكأن المسافة بين البندقية والطير تمر عبر الانقضاض على كل مشاعر احترام املاك وارادة وامكانيات الآخرين عبر هذه الممارسة الشاذة بكل ما في الكلمة من معنى.

لا شك في ان جزءاً من الصيادين يمتلك الحس البيئي والشعور بالمسؤولية تجاه الآخر، ولكن ممارسة الاكثرية الساحقة من الصيادين طغت على هذه الروح الرياضية وطغت على سمعة هذه النسبة من الصيادين…

نظرة بسيطة الى واقع الصيد في لبنان، ماذا نرى وبطريقة موضوعية:

1-    اطلاق نار على اصغر العصافير

2-    البدء بالصيد عند الفجر والمتابعة حتى بعد الغروب

3-    معظم الصيادين يعتبر الطيور الجوارح طرائد فيطلقون النار عليها مع العلم ان القانون الدولي يحميها ويمنع صيدها، ومن هذه الطيور العقاب والصقر والنسر والباز…

4- واخطر ما في الصيد الاساليب الملتوية التي يستعملها بعض الصيادين منها:

– قضبان الدبق التي يعلق فيها مختلف العصافير الصغيرة.

– شرائط مسجلة تستعمل اصواتاً لجذب الطيور المغردة وصيدها كالسمن والقبرة والحسون والفري.

– آليات تسلط انواراً قوية اثناء الليل فتجذب الطيور المهاجرة.

birds88

لا بد من العودة الى احصائية لعدد الصيادين في لبنان وعددهم في دول اخرى قام بها (رمضان،جرادي) عام 2001 مما يشكل صدمة كبيرة تعطي فكرة مرعبة بكل المقاييس على الصعيد البيئي:

البلد                عدد الصيادين        نسبة الصيادين الى عدد السكان

 فرنسا             550000                                 %1

ايطاليا             945000                                 %1,7

البرتغال           305000                                  %3

السويد             323000                               %3,6

لبنان               600000                                %17

جاء في دراسة ايكوديت الفصل العاشر: “يحصى على الاقل 372  طيراً في لبنان…. بين انواع الطيور الجوالة الـ 80 هناك 36 منها لم يحص منذ العام 1972…  وهناك نوعان من الطيور النزوية انقرضا: خطاف البحر الصغير ذو عرف والوروار ذو العينين الزرقاوين وهناك 15 نوعاً معرضة للانقراض والخطر منها النسر الاوروبي الاسود والعقار المرقط والبجع الدلماسي…”

لا شك في ان بين التوازن البيئي والتنوع البيولوجي جدلية علاقة مباشرة… فانقراض جزء من الطيور يشكل خللاً بيئياً حقيقياً…. والعلم اثبت ان قسماً كبيراً من الطيور يقضي على الاوبئة الزراعية… واثبت ان النقص في بعض الطيور المفترسة مثل البومة والوقواق يؤدي الى زيادة القوارض وآفات الصنوبر وامراضها…

وانحسار عدد الطيور في لبنان يعود الى:

– استعمال المبيدات الكيميائية بشكل كثيف

– اختفاء المواطن الطبيعية

– التجدد العمراني

– وخاصة الصيد

ووجود ستماية الف صياد كثير منهم ليس لديهم رخصة صيد والاخطر والانكى ان جزءاً منهم من المسؤولين كباراً وصغاراً!! هذا العدد الضخم يشكل حقيقة ساطعة لمعالم الفوضى في ادارة هذا الملف البيئي بإمتياز وتوقيع لبنان لاتفاقية “بون” حول التنوع البيولوجي يلقي مسؤولية دولية على قطاعنا الرسمي.

واختصاراً للكلام، وبالرغم من القانون الذي اصدره مجلس الوزراء بتاريخ 1995/9/30 القلضي بتعليق الصيد…

فان التطبيق على الارض فرغ هذا القانون من محتواه واصبح مدعاة للسخرية…. وبالرغم من المشاحنات وعلى مسافة زمنية ليست بالهينة ما بين البيئتين والصيادين ونقاباتهم فلا بد من رفع الصوت عالياً لاقرار حلول جذرية تحترم في نفس الوقت الطبيعة والبيئة من جهة وهواية الصيد من جهة ثانية، واقرار وتطبيق نظام صارم يضع النقاط على الحروف وذلك عبر تنظيم الصيد في لبنان في الزمان والمكان ونوعية الطير المسموح صيده وبث روح الوعي والتوجيه للصيادين عبر نقاباتهم فتنقلب توجهاتهم من مهمة ارساء عملية الصيد الى مهمة مساعدة الدولة على تطبيق القوانين ومساعدة مختلف الصيادين عبر اقامة ورش عمل وندوات حول اهمية الطير وخلق جيل من الصيادين يعي مسؤولياته تجاه بيئة وطنه.

ونقول بكل صراحة: قرار المنع بالمطلق كانت نتائجه سلبية لانه لم يرفق بآلية تنفيذية لتطبيق القانون مما أثر كلياً على جديته…

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة