“التقدمي” في مواجهة التطورات الداخلية

قاسم قصير (مجلة الامان)

استمرار الحوار ودعم الجيش اللبناني ورفض الأمن الذاتي

 يتابع المسؤولون في الحزب التقدمي الاشتراكي، وفي مقدمهم رئيس الحزب وليد جنبلاط، التطورات اللبنانية الداخلية بكثير من الحذر والقلق والخوف، وهم ينشطون في كل الاتجاهات للتخفيف من تداعيات الأوضاع السياسية والأمنية ولمنع انهيار الوضع أو الانجرار وراء الاقتتال أو السجالات الداخلية.

وفي هذا الاطار نظمت قيادة الحزب سلسلة لقاءات علنية وداخلية لشرح رؤية الحزب للأوضاع وكيفية مواجهة مختلف التداعيات السياسية والأمنية.

وقد ركز المسؤولون في الحزب خلال هذه اللقاءات على أهمية استمرار الحوار الداخلي ورفض الأمن الذاتي ودعم مؤسسة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية من أجل حماية السلم الأهلي ومنع ازدياد التوتر.

فكيف يقيِّم مسؤولو الحزب الأوضاع اللبنانية الداخلية؟ وهل لديهم أفكار عملية من أجل الخروج من المأزق الحالي؟

هذه حصيلة للقاء حواري أجراه منتدى الفكر التقدمي الاشتراكي ومفوضية الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي مع النائب علاء الدين ترو حول مختلف التطورات الداخلية والخارجية.

قراءة تقدمية للأوضاع

بداية كيف يقرأ الحزب التقدمي الاشتراكي للأوضاع الخارجية والداخلية؟

يعتبر النائب علاء الدين ترو (عضو جبهة النضال الوطني ومن قياديي الحزب التقدمي الاشتراكي)، «ان العالم يشهد اليوم صراعاً دولياً يشبه إلى حد كبير الحرب الباردة بين روسيا وأميركا، وأن أوكرانيا تشكل احدى جهات المواجهة التي تمتد أيضاً إلى سوريا ومناطق أخرى. وأما على الصعيد الإقليمي، فهناك صراع سعودي – إيراني وإيراني – تركي، إضافة إلى الصراعات الأخرى بين بعض الدول العربية وداخل هذه الدول، وخصوصاً سوريا وليبيا والعراق واليمن، حيث إن الربيع العربي (باستثناء تونس) تحول الى مأزق سياسي». ويضيف ترو: «إن الصراعات الدولية والإقليمية المتزايدة تنعكس سلباً على الوضع اللبناني، ما أدى الى ازدياد المأزق السياسي الداخلي وتعطل الانتخابات الرئاسية وتعثر العمل الحكومي. على رغم هذه الأجواء السلبية، هناك حرص من معظم الأطراف على استمرار العمل الحكومي والتعاون لمواجهة مختلف التحديات الأمنية ومنع انتقال التوتر الأمني الى مناطق أخرى وتفاقمه».

ويتابع ترو: «انطلاقاً من شعور جميع القوى بضرورة الحفاظ على الاستقرار الداخلي، جرى الاتفاق على تمرير التمديد للمجلس النيابي بانتظار حصول الانتخابات الرئاسية والنيابية، كما سيتم لاحقاً العمل لتمرير بعض المشاريع والقوانين في المجلس النيابي من أجل تسهيل عملية التشريع ولمنع تجميد الوضع السياسي بشكل كامل».

كيفية المعالجة

لكن كيف يمكن معالجة المأزق السياسي الداخلي؟ هل لدى الحزب مشروع لإطلاق جبهة موسعة تضم القو ى الوسطية؟ وكيف ينظر الحزب التقدمي إلى المشاكل الأمنية وللدعوة إلى الأمن الذاتي؟

يجيب النائب علاء ترو (خلال اللقاء الحواري في منتدى الفكر التقدمي): «إن المطلوب اليوم تخفيف تداعيات الوضع السوري على لبنان لأنه لم يعد ممكناً إبعاد لبنان عن الأزمة السورية، وإذا كان من غير الممكن وقف المشكلات الأمنية بشكل نهائي، فعلى الأقل يجب السعي لحماية السلم الأهلي ومنع انتقال التوتر الى كل المناطق، ويجب العودة الى الحوار الداخلي ومشاركة كل الأطراف بهذا الحوار لأنه لا يمكن معالجة الأزمات الداخلية إلا بالحوار».

ويرفض ترو الدعوة للأمن الذاتي أو التحذير من حصول حرب أهلية في لبنان والدعوة لانتشار الأسلحة، ويؤكد ان المطلوب دعم الموسسات العسكرية والأمنية، وفي مقدمها الجيش اللبناني، لأن الجيش هو الرهان الأخير من أجل حماية لبنان ووحدته، ويجب إبعاد الجيش عن الحساسيات والسجالات السياسية، وإذا كان هناك فريق لديه ملاحظات على أداء الجيش والأجهزة الأمنية، فيجب ان تناقش هذه الملاحظات داخل الحكومة ومن خلال العلاقة المباشرة مع مسؤولي الأجهزة، لا عبر وسائل الإعلام ومن خلال الخطابات.

وعن إمكانية تشكيل جبهة تضم القوى الوسطية من خارج قوى 8 و14 آذار، من أجل تفعيل الحياة السياسية في لبنان والوصول إلى حلول الأزمة الداخلية، يوضح ترو أن «تشكيل جبهة موسعة تضم القوى الوسطية في لبنان غير ممكنة الآن، لأن القوى الفاعلة منقسمة بين 8 و14 آذار، وهي التي تمسك حالياً بالبرلمان والواقع السياسي والشعبي، وأما شعبية القوى الوسطية فهي غير قادرة على العمل بشكل مشترك أو تغيير مسار الأوضاع، والحل الوحيد الآن الحوار مع كل القوى السياسية والحزبية من أجل الاتفاق على انتخاب رئيس جديد تمهيداً لحصول انتخاب نيابية».

وحول عدم توصيف وليد جنبلاط لجبهة النصرة بأنها تنظيم إرهابي يقول ترو: «ان جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي لا يمكن ان يسيرا بالتوصيفات الدولية، لأنه سبق لبعض القوى الدولية ان وصفت المقاومة بالإرهاب، وليس لنا مصلحة الآن بالدخول في صراعات مع قوى فاعلة على الأرض في سوريا، بل يجب العمل من أجل تشجيع الحلول السياسية في لبنان وسوريا وكل دول المنطقة».

يعترف ترو بصعوبة الأوضاع في هذه المرحلة، لكنه يؤكد أهمية استمرار الحوار الداخلي والعمل للتخفيف من أجواء الاحتقان ومنع الأمن الذاتي ودعم الجيش والمؤسسات الأمنية والعسكرية واستمرار العمل الحكومي، وذلك بانتظار تبلور حل سياسي متكامل للأزمة اللبنانية، ومن خلال هذه القراءة فإن الحزب التقدمي الاشتراكي يسير بين النقاط، وهو يسعى إلى إبقاء الصلة مع الجميع لتمرير هذه المرحلة الصعبة، بانتظار وضوح الرؤية داخلياً وخارجياً.