ملاط حاضر بدعوة من رابطة اصدقاء كمال جنبلاط عن “فلسفة اللاعنف في الاسلام”

نظمت رابطة أصدقاء كمال جنبلاط في مركزها في بيروت، ندوة بعنوان ” فلسفة اللاعنف في الاسلام… إحياء لتراث إنساني رديف في عصر مظلم”، حاضر في الندوة البروفسور شبلي ملاط، وأدارها رئيس الرابطة عباس خلف.

شهدت الندوة حشدا من السياسيين ورجال الفكر والإعلام والدين تقدمهم: نقيب الصحافة محمد البعلبكي، والشيخ سامي أبو المنى، والوزراء السابقون: عصام نعمان، إبراهيم شمس الدين، طارق متري، صلاح سلمان، ورئيسة رابطة حقوق المرأة اللبنانية السيدة ليندا مطر.

 خلف

قدّم عباس خلف البروفسور شبلي ملاط على أنه شارك في تأسيس رابطة أصدقاء كمال جنبلاط، وأصبح عضوا في مجلسها الاستشاري، وأحد كبار داعمي نشاطاتها.

وعرّف عنه أنه سليل عائلة لبنانية عريقة، كانت لأبنائها أدوار مميزة في الشعر والأدب والقانون والقضاء والسياسة. وأبرز أهميته كأستاذ للقانون الدولي في كليات مهمة للحقوق في جامعات أميركية وبريطانية ولبنانية. وأشار الى أنه في رصيده الفكري اكثر من اربعين مؤلفا في القانون يتعلق معظمها بمنطقة الشرق الاوسط.

وأضاف خلف: لقد مارس البروفسور شبلي ملاط المحاماة، وحقق إنجازات هامة في قضايا تولاها مثل: قضية الناجين من مجزرة صبرا وشاتيلا ضد رئيس حكومة إسرائيل آرييل شارون، وقضية الامام موسى الصدر ضد معمر القذافي، ومحاكمة صدام حسين في جرائم ضد الانسانية.

ونوّه أخيرا في نشاطاته السياسية والاجتماعية، وبروزه كداعية لفلسفة اللاعنف في وجه عنف الأنظمة الديكتاتورية، والحركات الأصولية الإرهابية، مشيرا الى تأثره بفكر المهاتما غاندي والشهيد كمال جنبلاط.

د. ملاط
استهلّ الدكتور شبلي ملاط كلامه بالقول أن الأمة العربية تعرّضت لاهانات كبيرة لكرامتها منذ مطلع القرن العشرين، وخاصة من إسرائيل وأنظمة الاستبداد. وتساءل: متى يحق للانسان اللجوء الى استخدام العنف، ومتى عليه أن يتمسك بسلوك اللاعنف، واستطرد: شهد العام 2011 أعدادا غفيرة من الناس تتظاهر سلميا ضد الحكام المتسلطين أكثر من أية فترة سابقة من تاريخ الشرق الأوسط، ونجحت الثورات اللاعنفية في إطاحة رؤوس الاستبداد في تونس ومصر واليمن خلال أسابيع معدودة. ومن هذه البلدان، امتدت الثورات اللاعنفية الى سائر بلدان المنطقة، ولكنها اختلفت نتائجها من بلد الى آخر.

وأشار الى كتابه المتوقع صدوره قريبا عن دار اوكسفورد الأميركية أنه سيعالج فلسفة اللاعنف، كفلسفة جديدة للتاريخ، ويقدمها منظومة فكرية مترابطة، تتناول اللاعنف في الثورة، وإنشاء دولة القانون التي تصبو اليه، والبحث عن المسؤولية التي حركتها الثورة أصلا ضد الحاكم المستبد.

وانطلاقا من أحداث التاريخ، استعرض الدكتور ملاط مرحلة الاستبداد العثماني، وصعود المقاومة العربية لهذا الاستبداد، مستذكرا الدور الكبير الذي لعبه المفكر عبد الرحمن الكواكبي في تصديه فكريا لهذا الاستبداد في كتابين أصدرهما: أم القرى، وطبائع الاستبداد. ونقل عنه هذه الأقوال:

1. الأمة التي لا يشعر كلّها أو أكثرها بعالم الإستبداد لا تستحقّ الحرية.
2. الإستبداد لا يقاوم بالشدّة إنما يقاوم باللين والتدرج.
3. يجب قبل مقاومة الإستبداد تهيئة ماذا يستبدل به الإستبداد.

واستخلص المحاضر من ذلك المحصلة التالية التي جاءت في ختام طبائع الإستبداد : “الإستبداد لا ينبغي أن يقاوم بالعنف”، مستشهدا برواج الثورة المصرية اللاعنفية بقيادة سعد زغلول سنة 1919. وأدرج الثورة التي اندلعت في لبنان سنة 2005 على انها أم الثورات العربية اللاعنفية التي اجتاحت الشرق الأوسط فيما بعد. ونبّه الى ان انتقال بعض الثورات العربية من اللاعنف الى العنف، أفقدها قيمها وقدرتها على تحقيق ما كانت تصبو اليه من تغيير (أمثلة ليبيا، اليمن، سوريا…)

وكانت للدكتور ملاط عودة الى تاريخ الفكر والأدب العربي، ليستشهد بأقوال ضد العنف على لسان المعرّي والمتنبي. كما استشهد بما يؤكد دعوة الإسلام لاعتماد اللاعنف في التعامل، معتبرا ان الإستبداد لا يتماشى مع تعاليم الدين.

وختم الدكتور ملاط حديثه بالاستشهاد بما دعا اليه المفكر العراقي حسن بحر العلوم الذي توفي الأسبوع الماضي، من اعتماد لأسلوب اللاعنف لحلّ المشكلات بين السنة والشيعة. وأردف: نحن دعاة ولسنا قضاة، نحن دعاة سلام ولا عنف، وهذا يستدعي تحقيق فترة تنوير جديدة، وبدونها لا يمكن للثورات أن تستمر.

تلا الندوة مناقشة عامة مفتوحة، شارك فيها عدد من الحضور، ساهمت في توضيح العديد من القضايا والمواقف المتعلقة بالدين والعنف واللاعنف.