ماذا يجري على جبهة “مدينة مورك” السورية بين الثوار والنظام؟

لم يعد النظام السوري وعلى الرغم من الدعم الروسي والإيراني لبشار الأسد يسيطر على أكثر من 40% من سوريا في ظل واقع ميداني يشير إلى أن ثوار سوريا يتقدمون على كافة الجبهات وما حققه النظام والميليشيات المساندة له من تقدم على بعض الجبهات والتي جرى تصويرها على أنها انتصارات كبيرة حاسمة مفصلية في الصراع الدامي في سوريا لم يكن سوى مجرد بروبغندا إعلامية وإعلانية تلاشت وتبخرت مفاعليها تحت وطأة تقدم الثوار الثابت وفي ظل تراجع قدرة حلفاء النظام في الإستمرار بحالة النزف المالية والعسكرية العبثية في هذه الحرب حيث أن حلفاء الأسد باتوا مدركين بأنه من المستحيل وبعد كل ما جرى أن ينتصر النظام السوري على شعبه الذي ثبت مشروعيته القانونية امام المجتمع الدولي والذي بات يمتلك زمام المبادرة ميدانيا على كل الجبهات بالرغم من انشعال العالم بالحرب الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في سوريا والعراق.

إلى ذلك،تشهد مدينة مورك (30 كلم شمال مدينة حماة)، معارك عنيفة بين فصائل الجيش الحر وكتائب إسلامية من جهة، وقوات النظام المدعومة بميليشيات إيرانية ولبنانية من جهة ثانية، تمكّن الثوار خلالها من استعادة السيطرة على كتيبة الدبابات شمال شرق مورك، والتي كانوا قد خسروها مطلع الشهر الجاري.

وبحسب وكالة “سمارت” للأنباء، فإن قوات النظام تستميت من أجل السيطرة على أوتستراد دمشق – حلب الذي يمر من مدينة مورك. ويعتبر هذا الأوتستراد جزءا من طريق الإمداد المقطوع عن معسكريه المحاصرين في وادي الضيف والحامدية منذ ما يقارب العشرة أشهر.في المقابل، تحظى المعركة باهتمام الثوار الذين تمكنوا بعد تحرير المدينة من “الزحف باتجاه العديد من مدن وبلدات ريف إدلب وتحريرها، مثل خان شيخون وحواجزها الـ22، وذلك بعد قطع الإمداد عن قوات النظام هناك”، بحسب المقدم فارس بيوش، قائد أركان الفيلق الخامس في إدلب وحماه.

وخلال ما يقارب العشرة أشهر من تحريرها، أصبحت مدينة مورك جبهة استنزاف كبيرة لقوات النظام حتى عرفت بـ”مقبرة الأرتال”، في إشارة لخسائر النظام فيها التي بلغت بحسب بيوش “أكثر من 100 دبابة ومدرعة، وأكثر من 50 سيارة مزودة برشاشات، إضافة إلى مقتل المئات من عناصر النظام والميليشيات الموالية له”.وباءت محاولات النظام المتكررة في اقتحام مورك بالفشل والكثير من الخسائر، ففي 16 يوليو، وبعد محاولته اقتحام مورك فقد النظام أكثر من 70 مقاتلاً، بينهم العشرات من عناصر حزب الله اللبناني، إضافة إلى تدمير 5 دبابات وعدد من السيارات المزودة برشاشات دوشكا.

ويشارك على جبهات مورك أكثر من ثمانية فصائل “كبرى”، من ضمنها الجبهة الإسلامية، وجبهة ثوار سوريا، والفيلق الخامس، والفرقة الـ13. ويعزى “صمود” الثوار هناك، على حد تعبير بيوش، إلى “انضباط كافة التشكيلات العسكرية وتنسيق عملها من خلال غرفة عمليات موحدة ومشتركة”.

وكانت الأشهر الماشية من العام الجاري قد شهدت تقدماً كبيراً لكتائب الثوار في ريفي حماه الشمالي والغربي، أفضى إلى سيطرتهم على الكثير من المدن والبلدات، منها الخطاب وأرزة، وصولاً إلى تخوم مطار حماه العسكري، وذلك ضمن ما أطلق عليها الثوار “غزوة الشام الكبرى”، إلا أن عوامل عدة ساهمت في استعادة النظام فيما بعد، لغالبية هذه المناطق، منها “الطبيعة السهلية التي تتصف بها المناطق المحررة في ريف حماه، وكثافة القوة الجوية المستخدمة”، بحسب تبرير المقدم البيوش.

وأضاف: “لا يمكن التغافل عن انسحاب تشكيلات عسكرية كبيرة باتجاه حلب لمواجهة تنظيم داعش الذي اقترب من مدينة مارع من جهة، وقوات النظام بعد سيطرتها على الشيخ نجار، وبالتالي حصار مدينة حلب من جهة ثانية، ساهم إلى حد بعيد في إضعاف جبهة حماه”.

“جندي الأسد المدلل”، “الريح الأصفر” وأخيراً “النمر”.. كلها ألقاب أطلقها موالون للنظام على العقيد في المخابرات الجوية، سهيل الحسن، بعد “النجاحات” التي حققها في حلب بقيادته للعمليات العسكرية في المدينة، واتباعه سياسة “البراميل المقدسة” كما يصفها موالوه. فقد استقدم “النمر” إلى حماه مؤخراً ليشرف على غرفة عمليات مورك تحديداً، ليتمكن بعد هجمة براميل شرسة على مدن وبلدات ريف حماه، من إبعاد الثوار عن محيط مطار حماه العسكري.

إلا أن” أبو قصي” القائد العسكري للواء “مجاهدي الشام” في ريف حماة، لا يرى في ذلك التقدم نجاحاً لسهير الحسن، ووصفه بـ”أنه مجرد واجهة لغرفة عمليات روسية إيرانية هي من تقود فعلياً العمليات في ريف حماة”.

ويضيف عماد، الناشط الإعلامي المرافق لكتائب الثوار في حماه: “ما حققه نمر بشار المدلل في مورك هو خسارته عشرات الدبابات والآليات المدرعة والمئات من جنوده، ولم تستطع ريحه الصفراء إسقاط فستق مورك الشهير”

وضمن سياق استمرار مسلسل الإجرام العبثي الذي يمارسه النظام بوحشية على المدنيين،أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بمقتل أكثر من 20 مدنياً في مجزرة ارتكبتها طائرات النظام السوري في الريف الشمالي من حلب.وذكر ناشطون أن طائرة مروحية ألقت برميلين متفجرين على قرية (تل قراح) استهدفا فرن القرية، وصالة أفراح هي بمثابة ملجأ للأهالي.وأفاد ناشطون أن 20 مدنياً على الأقل قتلوا على الفور وأصيب مثلهم، أغلبهم إصاباتهم خطرة ومنهم من بترت أطرافهم، وأدى القصف لحرائق في المنازل.

وتأتي هذه المجزرة بعد أن عجزت قوات النظام عن فرض السيطرة على طريق الإمداد الرئيسي لحلب (طريق الكاستلو) وإجبارها على التراجع في جبهة حندرات.من جانبه قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مدينة اللطامنة ومدينة كفرزيتا والأراضي الزراعية المحيطة بها في ريف حماة الشمالي.فيما طال قصف براجمات الصواريخ من جبل زين العابدين على مدينة كفرزيتا بريف حماة الشمالي، وسقطت 6 براميل متفجرة على قرية عطشان بريف حماة الشرقي.
وقصفت قوات النظام بقذائف الدبابات والرشاشات بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي.

وفي سياق آخر، أقر وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، أمس الخميس، بأن نظام بشار الأسد الذي يقاتل مجموعات مختلفة مناهضة له، قد يستفيد من الغارات الجوية الأميركية التي تستهدف مواقع لتنظيم “داعش” المتطرف.وقال هيغل، في مؤتمر صحافي، إن الولايات المتحدة والتحالف الدولي يقصفان يومياً المتطرفين في العراق وسوريا، “دعماً للحكومة العراقية ولتأمين مجمل الشرق الأوسط”.

وأضاف: “في الواقع، نعم، الأسد قد يستفيد” من الحملة الجوية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد مقاتلي “داعش” في سوريا والعراق.لكنه تدارك أن الولايات المتحدة ستستمر، رغم ذلك، في الدعوة إلى تنحي الأسد.وفي سياق متصل، وجه هيغل مذكرة إلى البيت الأبيض انتقد فيها الاستراتيجية الأميركية في سوريا، وطالب واشنطن بالكشف عن نواياها إزاء نظام بشار الأسد.وقال مسؤول في وزارة الدفاع، أمس الخميس، تأكيداً لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” إن المذكرة أُرسلت الأسبوع الماضي إلى مستشارة الرئيس للأمن القومي سوزان رايس. وذكر تقرير الصحيفة، نقلاً عن مساعدي هيغل، أن المذكرة هي مثال على أن وزير الدفاع هو أكثر تصميماً خلف الأضواء مما يشير إليه تحفظه في العلن. وقالت الصحيفة إن هيغل حذر من أن السياسة الأميركية في سوريا “معرضة للفشل”، بسبب الارتباك الذي يحيط بموقف واشنطن من الأسد.

___________

(*) – إعداد: هشام يحيى