عندما “يغرّد” وليد جنبلاط!

رامي الريس

ليس وليد جنبلاط أول زعيم سياسي لبناني يدخل الى عالم التغريد عبر “تويتر”، فقد سبقه الى ذلك الرؤساء ميشال سليمان وسعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام والعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وعدد من النواب والوزراء، ولكن الأكيد أن دخول جنبلاط الى “توتير” أحدث ضجيجاً غير مسبوق أسوةً بما يحصل في الكثير من المحطات السياسية التي يخوضها جنبلاط ويعبر عنها “على طريقته”.

إنما لمن وصف دخول جنبلاط الى “تويتر” بأنه بمثابة مصالحة مع عالم التكنولوجيا، فهو مخطىء لأن من يعرفه يعلم جيداً كم هو مواكب للتطور العلمي، فلائحة “الأصدقاء” ممن يتلقون رسائل إلكترونية من جنبلاط تتضمن تعليقاته الساخرة حول ملفات متنوعة هي لائحة كبيرة. ولا شك أن الكثيرين من هؤلاء تصيبهم المفاجأة عندما يتلقون رسالة بريدية إلكترونية من جنبلاط نفسه، وهو الذي لطالما اشتهر بـ “تشفير” رسائله السياسية وغير السياسية وببعث إشارات مباشرة وغير مباشرة وهي تستبطن موقفاً أو “لطشة” ما حول مسألة معينة.

jonblat99

مساء الاثنين 27 تشرين الاول 2014 قرّر جنبلاط توسيع دائرة معرفته الالكترونية، وهو الذي اشتهر بالمواظبة على قراءة أحدث الاصدارات باللغات الانكليزية والفرنسية والعربية والتي غالباً ما تتركز على القراءات التاريخية لا سيما مرحلة الحرب العالمية الثانية، وقد تعمق بالكثير من تفاصيلها.

لا يخفي النائب جنبلاط أن إنضمامه إلى “تويتر” جاء “بناءً لنصيحة صديقه السفير البريطاني في لبنان توم فليتشر”، وهو إختار أن تكون صورة “البروفايل” الأولى له مع كلبه “أوسكار”، قبل أن يضيف في تعريف الهوية أنه الحساب الرسمي، وذلك توضيحاً لما سبق أن تمّ تداوله بكثافة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي من مواقع أخرى لم تكن سوى منتحلة صفة، وهو ما حدا بمفوضية الاعلام للتأكيد مراراً أنها لا تعبر عن رأيه السياسي، وفعلاً، تجاوبت جميع وسائل الاعلام ولم يحصل أن نقلت عن تلك المواقع أية مواقف لجنبلاط. والعمل جار على إقفالها.

المهم أن وليد جنبلاط يدير حسابه الخاص على “تويتر” بنفسه، وهو ربما ما لم يفعله أقرانه من القيادات السياسية اللبنانية الأخرى، ولقد حقق خلال الايام الاولى لإنشاء الحساب متابعين فاق عددهم ثمانية آلاف وهم يتزايدون على مدار الساعة لا سيما أن جنبلاط أمضى أمسية الأربعاء يجيب شخصياً على تساؤلات “المغرّدين” الذين عبّروا عن فرحهم بالتواصل المباشر معه. ولقد إستمتع النائب جنبلاط بالتجربة الجديدة في التفاعل الحي مع “المغردين” وهو المعروف عنه انه لا يحبذ دخول الوسطاء بينه وبين الناس ويعبر عن ذلك من خلال إستقبالاته الأسبوعية في المختارة وكليمنصو، وهو التقليد الجنبلاطي المتبع منذ سنواتٍ طويلة ولا ينقطع إلا في حالات السفر أو المرض أو الارتباطات الطارئة.

وغنيٌ عن القول أن النائب جنبلاط هو الشخصية السياسية الوحيدة التي تفتح دارها لمراجعات المواطنين دون وسطاء أو حواجز أمنية، في حين أن الوصول إلى أي زعيم آخر يتطلب تخطي الكثير من الاجراءات الروتينية والاحترازية التي تتخذ لأسباب أمنية.

وليد جنبلاط على “تويتر” هو وليد جنبلاط في كل المواقع الأخرى. إجاباته تتراوح بين النقد اللاذع والسخرية والمزاح الهادف لإيصال رسالة معينة. تغريداته في الايام القليلة الاولى تركزت بمعظمها على القدس وإجتياح المستوطنين الاسرائيليين لها معتبراً أن ما يجري من خلال قيام ” التحالف الدولي” لمحاربة الدولة الاسلامية ليس سوى للفت الانظار عمّا يجري في فلسطين لا بل في القدس.

مهما يكن من أمر، فإن دخول وليد جنبلاط إلى “تويتر” سيُخرج منه المزيد من المواقف والتعليقات حول الكثير من الأمور سواء تلك التي يتابعها في الصحافة الأجنبية وما يكتبه الصحافيون الأجانب الذين تربطه بهم علاقات وثيقة ومراسلات متبادلة على مدار السنة، أو في أي من القضايا المطروحة.

بإنضمام وليد جنبلاط إلى “تويتر”، سيصبح “توتير” أكثر تشويقاً!

ليست المرة الأولى التي يغرد فيها وليد جنبلاط خارج سرب التقليد، وأغلب الظن أنها لن تكون اﻷخيرة!

———————————-

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!