ما هي الكلفة اليومية للغارات الاميركية ضد “تنظيم داعش”؟

دون أي استراتيجية واضحة وفي ظل أهداف غامضة يستمر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في حربه على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” وذلك دون أفاق تدل على أن موعد انتهاء هذه الحرب قريب ولكن  ما هو مؤكد بحسب المراقبين والمتابعين عن كثب لهذه الحرب فهي أنها تلحق أشد الأضرار الفادحة بحق البشر والحجر وحتى الشجر في سوريا والعراق.

وبحسب المراقبين فإنه على الرغم من  الكلفة الباهظة اليومية التي تتكبدها دول التحالف في غاراتها على أهداف في سوريا والعراق إلا أن هذه الغارات  لا تزال عاجزة عن  تحقيق أي نتيجة حاسمة على الارض بعد حوالي الشهر على شن دول التحالف هجماتها ضد تنظيم الدولة الاسلامية الأمر الذي يصب في مصلحة التنظيم الذي يعتبر قد حقق انجازا عسكريا كبيرا في الميدان لناحية استمرار قدراته الهجومية والدفاعية والدليل الأبرز في ذلك ما يجري فى منطقة عين العرب كوباني التي لا يزال التنظيم يملك زمام المبادرة القتالية فيها،الأمر الذي يطرح سؤال بديهاي وهو أذا كانت الغارات لم تستطع سوى وقف تقدم التنظيم في منطقة واحدة هي مدينة  كوباني فما بال بقية المناطق الواسعة في سوريا والعراق وكم سيستغرق دول التحالف من الوقت والتكاليف في سبيل تحريرها من قبضة التنظيم.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا تكلف الخزينة الأميركية 8.3 مليون دولار يومياً، في زيادة عن الكلفة التي أعلنت سابقاً.

وقال الكوماندر بيل أوربان، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، إنه منذ بدأت الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد مسلحي التنظيم في العراق في 8 أغسطس، ثم في سوريا، بلغت كلفت هذه العمليات العسكرية الأميركية 580 مليون دولار.ويمثل هذا الرقم زيادة عن ذلك الذي أعلنه البنتاغون سابقا، والذي بلغ حوالي سبعة ملايين دولار يوميا. وبحسب مسؤول في الوزارة طلب عدم ذكر اسمه، فإن السبب في ارتفاع التكلفة هو تكثيف عمليات الولايات المتحدة ضد التنظيم المتطرف في الأسابيع الأخيرة.

غير أن محللين مستقلين يرون أن هذه التكلفة هي أدنى بكثير مما هي عليه في الحقيقة، ومن هؤلاء تود هاريسون الخبير في “مركز التقييمات الاستراتيجية والموازنية” في واشنطن والذي يقدر كلفة هذه العمليات العسكرية الأميركية بما بين 2.4 و3.8 مليار دولار سنويا.وأوضح هاريسون، في تقرير نشره في نهاية سبتمبر، أنه في حال زادت الولايات المتحدة من وتيرة غاراتها ضد التنظيم المتطرف، فإن هذه الكلفة سترتفع لتتراوح ما بين 4.2 و6.8 مليارات دولار سنويا.
وأضاف أن الكلفة الأكبر في العملية في العراق وسوريا تذهب إلى طلعات طائرات الاستطلاع.

وعلى سبيل المثال، فإن طلعة تنفذها طائرة استطلاع من طراز “بريدايتور” أو “ريبر” تكلف 1000 دولار في الساعة، ولكن هذه الكلفة ترتفع لتصل إلى 7000 دولار في الساعة عندما يتعلق الأمر بطائرة “غلوبال هوك”، التي يمكنها الطيران على ارتفاعات أعلى بكثير من سابقتيها.

وتموّل هذه العمليات العسكرية من ميزانية البنتاغون المخصصة للحروب، وهي مستقلة عن الموازنة الأساسية للبنتاغون وتشبه إلى حد ما “بطاقة ائتمان” في جيب البنتاغون يستخدمها لدفع تكلفة الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة.وكان الكونغرس رفع سقف هذه الموازنة إلى 85 مليار دولار للسنة المالية التي انتهت في سبتمبر الماضي، إلا أن البنتاغون يتوقع انخفاضا كبيرا في ميزانيته للسنة المالية الجارية.

بدوره،قال الجيش الأميركي إن الولايات المتحدة قادت 11 غارة جوية ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا أمس الأحد واليوم الاثنين.وتأتي الغارات بالتزامن مع استمرار الاشتباكات بين المقاتلين الأكراد والتنظيمات المتطرفة، في الوقت الذي نفت فيه وحدات حماية الشعب الكردية وصول عناصر البيشمركة العراقية إلى مدينة عين العرب (كوباني) السورية الحدودية.

وقالت القيادة المركزية الأميركية في بيان، اليوم الاثنين، إن القوات الأميركية نفذت أربع ضربات في سوريا قرب بلدة كوباني القريبة من الحدود التركية وأصابت خمس عربات ومبنى يستخدمه مقاتلو التنظيم.وقال البيان إنه في العراق شنت الولايات المتحدة ودول متحالفة سبع غارات جوية منها ثلاث ضربات قرب منطقة سد الموصل استهدفت وحدة صغيرة من مقاتلي التنظيم.

يأتي ذلك غداة إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وافقت بلاده على عبور المقاتلين الأكراد العراقيين أراضيها إلى شمال سوريا، أن الأكراد السوريين لا يريدون المساعدة من أقرانهم العراقيين.وقال وزير البيشمركة مصطفى سيد قادر للصحافيين في برلمان كردستان “حتى الآن لم تتوجه قوات البيشمركة إلى كوباني، ونحن على استعداد لإرسالها”.وأضاف: “ننتظر موقف الدولة التركية، ولذا لم نرسل أي قوات إلى غرب كردستان”، في إشارة إلى المناطق الكردية في شمال وشمال شرق سوريا.

وكان المتحدث باسم قوات البيشمركة هلكورد حكمت قال لوكالة “فرانس برس” الجمعة إن 200 عنصر من هذه القوات سيتوجهون إلى كوباني خلال هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن هؤلاء سيشكلون “قوات دعم” مزودة برشاشات ومدافع هاون وراجمات صواريخ.وأعلنت تركيا في 20 أكتوبر أنها ستمسح للمقاتلين الأكراد العراقيين، بعبور أراضيها للدفاع عن المدينة الحدودية مع تركيا.إلا أن أردوغان صرح الأحد أن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تتبع له وحدات الحماية، وهو بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، غير متمسك بـ”وصول البيشمركة إلى كوباني والسيطرة عليها”.

وتشير العلومات بأن  تركيا قد شددت إجراءاتها الأمنية وعززت قواتها المرابطة على الحدود السورية، ويأتي ذلك بعد أن صد مقاتلون أكراد هجوما لمقاتلي “داعش” أثناء محاولتهم السيطرة على معبر مرشد بينار الحدودي مع تركيا، مستخدمين الأسلحة الثقيلة والدبابات.ويعتبر معبر مرشد بينار الحدودي المنفذ الوحيد لكوباني مع تركيا، حيث يحاصر تنظيم “داعش” المدينة من جهاتها الثلاث. وسيمثل خسارة البوابة الحدودية ضربة كبيرة للمقاتلين الأكراد الذين يدافعون عنها، مع تأخر وصول طلائع مقاتلي البيشمركة من العراق للمدينة السورية.

ولا يزال مصير 155 من عناصر البيشمركة العراقية في انتظار الضوء الأخضر التركي للدخول إلى كوباني، حيث وجه صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الاتهام لتركيا بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الذي يسمح لمقاتلي البيشمركة من الوصول إلى كوباني عبر أراضيها.ويثير هذا الأمر التساؤلات مجددا عن النوايا الفعلية لأنقرة التي لا يبعد جنودها سوى مرمى حجر من مقاتلي تنظيم “داعش” المتطرف.

وفي هذا الإطار، نشر تنظيم “داعش” فيديو يظهر لقطات “جويّة” لمدينة عين العرب (“كوباني” بالكردية) السورية.وأكد التنظيم أن هذه الصورة تم التقاطها عبر كاميرا مركبة داخل طائرة بدون طيّار جالت فوق المدينة التي يدور فيها قتال شرس بين التنظيم المتطرف والأكراد.وخلال التصوير، يسمع من حين لآخر دوي إطلاق نار كما يظهر بعض مقاتلي “داعش” من الخلف. والفيديو الذي رفع على موقع “يوتيوب” ومدته 5 دقائق و30 ثانية، أطلق عليه التنظيم اسم “من داخل عين الإسلام (كوباني).

وتمت إضافة تأثيرات بصرية على اللقطات الحية، تشير لأبرز معالم المدينة، بحيث يتعرف عليها المشاهد ويتأكد من أن الصور حقيقة وهي لمدينة كوباني.ويظهر في الفيديو الرهينة لدى “داعش” جون كانتلي، وهو يتحدث للمشاهدين ويشرح لهم ما يدور من قتال في المدينة، مؤكداً سيطرة “داعش” على عدة أجزاء من كوباني.

_______________

(*) – إعداد هشام يحيى