المنطقة على كفِّ… التغيير!

الياس الديري (النهار)

لا يبالغ الذين يرجّحون ان تخضع المنطقة العربيّة لسلسلة من عمليات جراحيّة معقّدة، ولولادات قيصريّة قد تشكّل نتائجها مفاجعات صاعقة، لا مجرد مفاجآت وخيبات عابرة.
وستكون هناك تحولات ومتغيّرات من شأنها اعادة صياغة التقسيمات الجغرافية بالنسبة الى الدول الحالية، وعلى أسس مختلفة كليّاً عن تلك التي صاغها اتفاق سايكس – بيكو، واعتمدها في توزيع الاحجام والحصص والمواقع.
هل يعني ذلك ان العالم العربي سيشهد اعادة نظر شاملة على هذا الأساس، فتغيب أو تتغيّر دول قديمة وتظهر في الجغرافيا والتوزيعات الجديدة دول مختلفة شكلاً ومضموناً وتوزيعاً وحدوداً؟
لا يستطيع العقل العربي أن يستسلم لهذه التوقعات أو التحليلات، كما لن يكون من السهل تحقيق انقلاب بهذا الحجم، ولا يختلف بتفاصيله وحيثياته عن حكايات ألف ليلة وليلة.
هذا صحيح، وأقرب الى المنطق والعقل والواقع. إلا أن الطحشة المفاجئة لتنظيم “داعش”، وظهور “الدولة الاسلاميّة”، واعلان الخلافة ما بين طرفة عين والتفاتتها، ثم انطلاق جيوش “الدولة الجديدة” في حروب فتوحات وغزوات توسعيّة – الا ان ذلك كله من شأنه الايحاء بصحّة ما يقال ويشاع عن اعادة النظر في التقسيمات الجغرافية القديمة و”بناء” عالم عربي جديد، بكل ما في الكلمة من معنى.
وخصوصاً اذا راجعنا عنا ردود الفعل الدولية، والمواقف الهزيلة بل الهزليّة لأميركا التي كان يُنظر اليها على انها روما العصر…
فماذا فعلت أميركا؟ وماذا قدمت الدول الكبرى؟ وأين هي من الحرب العالمية الجديدة التي يعيشها المشرق العربي؟ وأين حصاد الأساطيل الجويّة والبحريّة للائتلاف الدولي؟
حتى بالنسبة الى حرب في مدينة صغيرة تُسمى كوباني، ارتكبت طائرات الائتلاف أكثر من خطأ، آخرها اسقاطها شحنتي أسلحة في منطقة جيوش “داعش”.
الوقائع الحربيّة مريبة للغاية، والموقف الدولي مما حصل ويحصل في العراق وسوريا واليمن مريب أكثر فأكثر، وتالياً يُعطي أدلة “حيّة” على صدقيّة ما يقال عن “الانقلاب الجغرافي” على اتفاق سايكس – بيكو وتقسيماته.
والخير لقدّام. فالرئيس باراك أوباما يقدّر المسافة الزمنيّة التي تحتاج اليها عواصف المنطقة وزلازل التغييرات بثلاث سنوات، قابلة للتجديد… اذا لم تتراجع الحروب أو تتوسّع.
ليس في الامكان الآن الدخول في أي رهانات حول التطوّرات والمتغيّرات الجنونية في هذه المنطقة. كما من رابع المستحيلات بناء رأي، أو رؤية، أو خلاصة واقعية لاتجاهات الاحداث، ونتائجها، ومراسيها، ومتغيّراتها.