أي أثمان تدفعها الطائفة العلوية بسبب حرب بشار في سوريا؟

قد يكون من الصعوبة بمكان أن نتناول قضية بخلفية طائفية في سوريا قلب العروبة….فسوريا كانت وستبقى لكثيرين بالرغم من كل ما يجري رمزا للعروبة المتلفتة من صنمية القوالب الطائفية والمذهبية التي تقسم وتفتت المجتمعات العربية التي يجب دائما الحفاظ على تنوعها وتعددها الغني بالثقافة والحضارة  ضمن الوحدة العربية الإنسانية المنفتحة،سيما ان محاولات القضاء على هذا التنوع والتعدد الغني كانت عواقبه وخيمة على أمن واستقرار الدول العربية التي سمحت بإطلاق العنان للإنقسامات والصراعات المحلية والتدخلات الخارجية في شؤونها عندما لم تحسن أن تتعاطى بالشكل الصحيح مع مكونات التنوع والتعدد داخل المجتمعات العربية .

إلا أنه وبالعودة إلى الواقع، وبعيدا عن الأحلام العربية التي لا شيء يحول دون تحقيقها في المستقبل البعيد إذا ما توفرت الإرادة العربية النخبوية الواعية لمصلحة سوريا والأمة العربية التي تبحث عن قيام الدولة العربية الحديثة العصرية الديمقراطية التي توفر الامان والامن والحرية والكرامة للمواطن السوري والعربي… فان الحرب التدميرية على سوريا بكلفتها الباهظة على جميع مكونات سوريا مستمرة حتى  اشعار آخر.

وطالما ان أهوال هذه الحرب بمأساتها وأحزانها تطال الجميع فإنها بطبيعة الحال تصيب الطائفة العلوية الكريمة التي ينتمي إليها بالإسم بشار الاسد فيما هو بالفعل والممارسة لا يمكن أن ينتمي إلى هذه الطائفة أو أي طائفة أخرى سيما أن افعاله وممارساته غير الإنسانية تلحق أشد الاضرار بالطائفة العلوية وبتاريخها وعيشها الوطني وذلك بنفس القدر الذي يلحقه بكل أنحاء ومكونات سوريا.

وبحسب مصادر مطلعة لـ الأنباء فأنه وعلى الرغم من هول المأساة والخسائر الفادحة في صفوف أبناء الطائفة العلوية الكريمة، لا يزال نظام الأسد يمارس شتى أشكال الترهيب والترغيب من أجل استقطاب شبان من الطائفة العلوية في سورية لتلبية دعوة الاحتياط في جيش النظام السوري أو الالتحاق بما يسمى “قوات الدفاع الوطني” التي أنشئت مؤخرا على  الرغم من  أن الكثير منهم قد لا يعودون إلى منازلهم وذويهم أحياء و إذا عادوا فعودتهم تكون غالبا ضمن ” تابوت ” ملفوف بالعلم الذي بات يمثل الموالات و النظام بعد أن اختارت المعارضة و جمهورها علما سوريا آخر .

وتضيف المصادر بأن أفراد الطائفة العلوية الذين يبلغون نحو 10 بالمئة من الشعب السوري، يشكلون العامود الفقري لقوات نظام  بشار الأسد، الذي ينتمي للطائفة ذاتها.ومع تزايد الانشقاقات في صفوف الجيش ورفض المدعوين للاحتياط منهم الالتحاق بالخدمة العسكرية،  ازدادت  اجتياجات النظام للجنود العلويين بشكل أكبر ، حيث أن النظام بات بعتمد بشكل أساسي في جميع معاركه التدميرية على المقاتلين من صفوف الجنود العلويين الذين يستخدمون وقودا في حرب بشار العبثية التي تدمر منهجيا البشر والحجر والشجر سوريا من دون أي تمييز، وقد بات واضحا بحسب المصادر بأن استمرار الخيار العسكري والأمني الذي ينتهجه نظام الأسد في سوريا لن تكون نتيجته سوى تكبد الطائفة العلوية الكريمة في سوريا  المزيد من الدماء والأشلاء والمعاقين والجرحى من صفوف أبنائها وذلك ضمن سياق الأثمان الباهظة التي تدفعها الطائفة العلوية كل سوريا في حرب بشار من أجل الحفاظ على الكرسي ولو على حساب دماء كل الشعب السوري ومعاناته.

وبحسب المصادر تتصاعد الدعوات داخل صفوف الطائفة العلوية للخروج عن الصمت أمام موت أبنائهم وشبابهم بفعل خيارات ومغامرات بشار الأسد الذي لا يتوانى عن قتل وإذلال وإهانت كل من لا يقبل بان يكون ضحية في مشروعه حتى ولو كان هذا المعترض هو من الطائفة العلوية، وهناك أمثلة لعشرات الشبان العلويين الذين قتلوا تحت التعذيب الشديد في أقبية النظام لأنهم خرجوا عن صمتهم  وعبروا عن رفضهم لسياسات بشار الاسد الجهنمية التي لا هدف لها سوى الحفاظ على مسألة توريث الكرسي ولو كان ذلك على حساب عزة وكرامة وحياة الشعب السوري.مشيرة  بأن هناك أصوات بدات ترتفع في بعض القرى العلوية من أجل تنظيم الاحتجاجات بكل الوسائل السلمية ضد نهج وسياسة بشار الأسد ونظامه البائد ، ولتهرب المطلوبون للعسكرية أو الإحتياط، ولتوزيع المنشورات والبيانات التي تحض الجميع على مناهضة آل الأسد ونظامهم القاتل، وللدعوة  الى المصالحة الوطنية بين جميع أبناء الشعب السوري، والعمل بشتى الوسائل على وقف  هذه المجزرة الرهيبة التي تحصل من أجل بقاء بشار الأسد في كرسي الرئاسة . والخلاصة هي أنه وبعد أن تجاوز عدد القتلى من الطائفة العلوية الـ 60 ألفا هناك شعورا يتنامى في وسط الطائفة العلوية في أن هناك استغلالا للطائفة العلوية واستغلالا لكل الموالين للنظام وليس فقط للطائفة العلوية.وبان هذا النظام هدفه الوحيد هو الكرسي الذي يجلس عليه، حيث أنه لم بعد هناك من رغبة  لدى الكثير من الشباب العلويين بالانضمام للقوات المدافعة عن النظام والاستثناءات التي ترفض الالتحاق لا تجد أي مفر خصوصا أن النظام  أراد من خلال “ميليشات الشبيحة” التي  الجزء الأكبر منها للأسف هم من أبناء الطائفة العلوية الفقراء أن يظهر بأن تلك الميليشيات هي طائفية ليؤكد نظرية النظام منذ بدء الحراك الثوري القائلة بأن الطائفة مهددة مثل النظام تماما وهي مرتبطة بوجوده وقد نجح إلى حد كبير النظام في تحقيق صورة ما أراد أمام الرأي العام السوري والعلوي…

لذلك أمام هذا الواقع تشير المصادر أن بعض الشباب العلويين مغلوب على أمرهم ويعرفون حقيقة أن هذه الحرب هي ضد الشعب المطالب بالحرية والكرامة وأن هناك جرائم ترتكب بحق سوريين أبرياء وتحمل وزرها الطائفة لكنهم يكررون بأن ما بيدهم حيلة لتغيير ذلك، إلا أن البعض الآخر رأى أنه لا مفر من الالتحاق لذلك فضل الانضمام إلى الميلشيات المسلحة التي تعرف بتلك المناطق (بجنود رامي) نسبة لرامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد، وذلك طبعا لوجود تعويض مادي إضافة إلى البقاء في منطقته”. وفيما يتعلق بميلشيات الشبيحة تشير المصادر إلى أن

إلى ذلك،يشهد الشارع العلوي حالة غليان مرشحة للانفجار في وجه النظام السوري نتيجة لممارسات الأخير وارتفاع أعداد القتلى في صفوف أبناء هذه الطائفة التي دفعت ثمناً باهظاً من أجل الحفاظ على كرسي الأسد.وفي هذا الإطار دعا التجمع السوري العلوي في بيان له العلويين في سوريا إلى عدم الانخراط في الخدمة العسكرية في صفوف قوات الأسد، والشروع في المصالحة الوطنية بين جميع أبناء الشعب السوري. واعتبر التجمع أن صمت العلويين إزاء مقتل أبنائهم يعني القبول بكل المذلات والإهانات التي ألحقت بهم، والقبول بالتضحية من أجل استمرار آل الأسد في توريث الكرسي.

حيث أنه، لا يزال النظام السوري، المختزل بعائلة الاسد، يجند الشباب السوري في حربه المجنونة من أجل الحفاظ اليائس على كرسي الحكم، وذلك عبر دعوة الاحتياط أو الترهيب والترغيب للإنضمام الى ميليشياته المتعددة، ويركز بصورة خاصة على الشباب العلوي، حيث يعتقـد أنه الاكثر إخلاصا له. لقد وصل عدد قتلى أبناء الطائفة خلال حرب الكرسي الى اكثر من 60 ألف شاب وأكثر من 100 الف جريح ومعاق، ولم تبق قرية واحدة في الساحل والجبل العلوي لم تثكل بابن من أبنائها أو أكثر، بل هناك عائلات بكاملها قد ابيد جميع شبابها.

ومن جهة اخرى يمعن النظام الاسدي في استهتاره وعـدم مبالاته تجاه المخطوفين والـ 54 من أبناء وبنات الجبل، والذين تم اختطافهم بصورة مخالفة لأبسط قواعـد الانسانية من قرى صلنفة، في آب الماضي. لقد رفض النظام أي مبادرة للمبادلة على هؤلاء المخطوفين غير آبه لمحنتهم ولحياتهم المعرضة للخطر في كل لحظة، في حين بادل فوراً على راهبات معلولا ومقاتلي حزب الله وأحد أبناء عائلة الاسد.ومن طرف آخر، يحاصر النظام العلويين، وأبناء الشعب السوري عامة، بالغلاء الفاحش والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الضرورية، إمعانا في إذلال الشعب السوري والعلوية خاصة. لقـد وصلت أسعار بعض السلع الى حد لايمكن ان يتحمله دخل غالبية أبناء الشعب السوري، بل فوق طاقة الميسورين منهم، وهكذا من لم يمت بالحرب عليه أن يموت جوعاً. هذه هي الخيارات التي وضع الأسد أماماها الشعب السوري.

__________

(*) – إعداد: هشام يحيى