وليد جنبلاط: مقابلة تاريخية ستبقى في البال

محمود الاحمدية

في مقابلة مفصليّة شاملة على تلفزيون “أو .تي.في” تخطّى وليد جنبلاط كلّ المفاهيم والواقع المرير على كلّ الأصعدة، برؤيا شاملة وبعقلٍ منفتح وبهدوء وتشريح لكلّ التفاصيل الإقليميّة والدوليّة والمحلّيّة وهاجسه الأساسي كان: بقاء الوطن… وبدأت المقابلة من وَحيْ مقالته الأخيرة في جريدة “الأنباء” الالكترونية حيث طرح النقاط الرئيسيّة السّاخنة في العالم العربي وبمناسبة 13 تشرين الثاني وما يعنيه هذا التاريخ الخالد، حيث وللمرة الأولى وبمعركة مشتركة بادر فيها الجيشان المصري والسوري حيث دكّ الجيش المصري خطّ بارليف في عملية عسكرية تاريخية تُدَرَّسُ في الأكاديميّات العسكريّة ومن ناحية ثانية استطاع الجيش السوري الوصول إلى ضفاف بحيرة طبريّة، وكانت الهزيمة الإسرائيلية واضحة في الحرب الاوليّة… وبمناورة تاريخيّة كان الردّ الإسرائيلي وبالتعاون العسكري اللحظوي مع الولايات المتحدة الأميركية وحققوا الدفرسوار الإسرائيلي على الجبهتين…

ويتحسّر وليد جنبلاط على أيام مضيئة ببعدها العربي حيث رأينا فرقة عراقية تدخل قلب المعركة خلال 24 ساعة من بدئها وشارك الجيش المغربي من خلال كتيبة مقاتلة كاملة ويهزّ وليد بيك رأسه متحسّراً قائلاً: خلال زيارتي الأخيرة إلى منطقة شبعا قالوا لي: هنا كانت الكتيبة المغربية وقاتلت ببسالة نادرة آتية من ضفاف المحيط الأطلسي العروبي إلى شبعا اللبنانية العروبية إيمانا” بقوميتنا العربية وبوحدتنا العربية، وحيث قاتلت العدو مع الوحدات الخاصة السورية الباسلة… وشدّد على أهمية سوريا في معركة العرب ضد العدو الإسرائيلي وهز برأسه أسفاً قائلاً: أين نحن من الأمس؟؟

ان المؤامرة الحالية هي تفتيت سوريا المحرك الأكبر في مواجهة العدو… ويتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية الرئيس بشار الأسد الذي دمّر جيشه ويكفي للدلالة أنك لا تدخل بيتا” علويا” إلا وترى الاعلام السوداء تظلّله… ونفس الشيء ينطبق على العراق حيث يتدمر بشكل يومي بعد أن تركته أميركا أشلاء وأكمل المالكي سياسة التهجير والقتل والعنف والتحدّي ضد السنّة مما خلق احقادا” تاريخيّة تجلّت في طريقة احتلال “داعش” السهل لكلّ الأراضي التي يسكنها السنة في العراق… 

وعاد إلى التأسف على عدم قيام حل سياسي في سوريا منذ البداية حيث كانت حركة المعارضة مسالمة وقمعها النظام بقوة وقال: أثبتت الأيام أنه في عام 2011 كان من الممكن قيام حل سياسي وكان الشيخ معاذ الخطيب على حق وقتها في المطالبة بالتسوية مع النظام، ولكن المعارضة لم تتقبل طروحاته، أما الآن فأصبحت التسوية ممكنة ولكن بدون الرئيس بشار الأسد … لأنه أوصلهم إلى نقطة اللارجوع…

ونظرة بسيطة إلى سوريا ماذا نرى يسيطر النظام على 40 % فقط أما الباقي فبيد المعارضة بكل تلاوينها … وخاصة المنطقة في الجولان والرقة ودير الزور والشمال بأكمله… ولا حل إلا الحل السياسي الذي ينقذ سوريا كبلد كمؤسسات كوحدة كيان … سوريا هي القلب النابض للعروبة وتبقى بثقلها العروبي في حال تمّت التسوية السياسيّة من خلال القوى الإقليمية الكبرى: تركيا، إيران، مصر، السعودية، أميركا وحلفاؤها، كلهم معنيّون مباشرة بهذه التسوية التي تجمع إلى طاولة واحدة كلّ أطياف المعارضة بِمَنْ فيهم داعش والنصرة وبقايا الحكم باستثناء بشار والذين انغمسوا في معركة الدم ضد شعبهم ووصلوا إلى نقطة اللارجوع…

ويقول بشيء من التأسف: مصر الكبيرة بثقلها بتاريخها ظهرت من خلال مفهوم الرئيس السّيسي وشموليّة نظرته إلى الواقع السياسي العربي وأردف قائلاً في مقابلتي معه منذ عدّة أسابيع قال الرئيس السيسي حرفيّاً: أنا لست مع ممارسة النظام في سوريا ولكن أخشى اذا انهار الجيش السوري أخشى على وحدة سوريا وانهيار الأمن العربي كلّه… والسؤال: إيران هل تتخلّى عن دورها في سوريا… إيران راهنت على المالكي ماذا فعل؟؟ صدام آخر ضد السنة… وأيضاً تركيا: لم يستطع التركي وضع الحقوق اللامركزية للأكراد الأتراك كما طالب عبدالله أوجلان وهناك تصفية حسابات في شمال سوريا على حساب سوريا الدولة والجيش والمؤسسات أما الاتحاد الدولي الذي يقصف داعش بطائراته في العراق وسوريا فهو كذبة كبرى ولعبة أمم غير نظيفة… ونحن أخطأنا مرّتين كلبنانيّين: حزب الله راهن على الاسد وقال خلال أسابيع تنهار المعارضة وبقيت الأمور على حالها وسوريا تندثر وتتقهقر ولم ترحل المعارضة و 14 آذار قالوا النظام سينهار قريباً وبشار سيرحل والنتيجة أربعة سنوات مضت والمعركةالطّاحنة اليوميّة تدمّر سوريا أمام أنظار العالم أجمع والمنتصر الوحيد العدو الإسرائيلي وناتانياهو يفرك يدَيْه فَرَحاً جَذْلانا” لا يُصّدقُ بأَنَّ حلمه تحقّفَ على يد العرب أنفسهم… سؤال أخير أجاب فيه وليد جنبلاط بجرأة نادرة: الا تُدين داعش التي تقطع الرؤوس وتسبي النساء قال يا صاحبي في غزة ثلاثة آلاف قتيل وعشرة آلاف جريح ودمار كامل هل سمعنا تعليقاً واحداً عن كل هذه المجازر؟؟؟ زد على ذلك أنا لا أعتبر جبهة النصرة إرهابية… كفانا فَلْنَطْلَعْ من هذه اللّعبة الوسخة التي كالت وتَكيل بمِكْيالَيْن .

وشدد وليد جنبلاط على مرجعيّة بني معروف الإسلامية والتاريخ من خلال تفاصيله الدقيقة يثبت اصالة وإيمان بني معروف بعروبتهم وإسلامهم.

وختم وليد جنبلاط حديثه التاريخي قائلاً للإعلامي السائل: الحركة الوطنية انتهت مع كمال جنبلاط والقومية العربية انتهت مع جمال عبد الناصر وردتنا ليست دينيّة ولا بعيدة عن إيماننا بالوطن بل منطق التاريخ والأحداث يجعلنا مصدر إيمان بهذا الوطن وبوحدة هذا الوطن وبوجوب الحوار بين كل شرائحه ولا شيء إلا الحوار ينقذه ولا حل نهائي إلا عير الدولة ثم الدولة ثم الدولة .

وليد جنبلاط حماك الله .

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة