ما هي اسباب تبدل الموازين العسكرية في مدينة “كوباني”؟

لا أفاق للحرب التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في العراق وسوريا، هذا ما تجمع عليه التقارير العسكرية الميدانية التي تؤكد أيضا بأن هذه الحرب سوف تكون طويلة ودون جدوى وما سوف تحققه من أهداف لا تزال غامضة ومشبوهة سوف تأتي على حساب أشلاء ودماء  الشعب العربي الذي وحده يدفع ثمن لعبة الأمم الجهنمية وحساباتها الإستعمارية  والتوسعية في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

وفي هذا الإطار، قُتل أكثر من ألف عنصر من تنظيم “داعش” بسبب خيانة بين قيادات التنظيم في مدينة عين العرب “كوباني” السورية، بحسب تغريدات على حساب “ويكلكس دولة البغدادي” على “توتير”. وبث الحساب، الذي يتتبعه أكثر من 60 ألف شخص، عدة تغريدات كشف فيها عن اسم القيادي الهارب وحجم الخسائر التي تعرض لها “داعش” من جراء هذه الخيانة، والإجراءات التي تم اتخاذها على الأرض لحماية القيادات وقواعد التنظيم من عمليات القصف المكثف للتحالف الدولي.

وأكدت تغريدة أولى للحساب المذكور عن “اختفاء شخص مرافق لزعيم “داعش” أبو بكر البغدادي يدعى أبو أحمد علي عبد، وهذه الشخصية ملمة بجميع أسرار قيادة داعش ومواقعها”.وذكرت تغريدة ثانية قيام البغدادي، بإجراءات سريعة شملت “تغيير المواقع والمستودعات، وتكثيف البحث والتحريات عن القيادي الغائب”.وفي تغريدة ثالثة أشار الحساب إلى “تكهنات حول قيام القيادي المذكور من داعش ببيع أسرار التنظيم إلى التحالف الدولي، وهروبه في وقت أصبح فيه قصف قوات التحالف أكثر دقة”.وجاء في تغريدة رابعة: “خبر مؤكد: قيادة تنظيم البغدادي تتحدث عن ألف قتيل من داعش في عين العرب، غالبيتهم من الأجانب، وأوامر بانسحاب تكتيكي تدريجي”

إلى ذلك، كشف مصدر مقرب جداً من القيادة العليا لتنظيم “الدولة الاسلامية” أن هناك أكثر من 120 ألف مقاتل ينضوون تحت راية التنظيم في العراق وسوريا.وتشير هذه الأرقام بحسب صحيفة “القدس العربي” الى أن التنظيم قام بعمليات تجنيد كبيرة عقب انتصارات حققها ميدانيا في الفترة الأخيرة، ورغم الهجوم الذي تشنه قوى التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضده.

وكانت الـ(سي آي ايه) قد قدرت بشكل رسمي في وقت سابق من الشهر الماضي عدد المسلحين في صفوف ما يسمى بتنظيم (داعش) برقم يتراوح بين 20 الفا و31.500 ألف مقاتل منتشرين في العراق وسورية.وأكد المصدر لـ”القدس العربي” في العاصمة الأردنية عمان، أن الهجمات الجوية لقوى التحالف ضد الدولة الاسلامية غير مجدية ولن تستمر، وأن الأرقام التي يتم الاعلان عنها حول أعداد القتلى غير صحيحة مطلقاً، مبيناً أن الحملة الدولية استطاعت حتى الاسبوع الماضي قتل 80 مسلحا فقط في سوريا والعراق.

ونفى المصدر أن يكون للتنظيم ممثل له في الأردن، مشيرا إلى أن المملكة لا تشكل أي هدف للدولة الاسلامية، وأن التنظيم يحظى بنسبة كبيرة من المناصرين المؤيدين في الأردن تتجاوز الـ(60٪)، وأن قادة التنظيم معنيون فقط بملف المعتقلين في قضايا الجهاد، ولذلك، يضيف المصدر، بعكس الأردن، فإن السعودية تمثل هدفا أساسيا لتوسيع نطاق الدولة الاسلامية، بسبب وجود آبار النفط فيها والقاعدة الأمريكية بالإضافة إلى السجون التي يوجد فيها أكثر من 2000 سجين، هي أهداف استراتيجية للتنظيم، الذي ينتمي إليه أكثر من خمسة آلاف شخص يحملون الجنسية السعودية.وكان المنظر السلفي الشهير الشيخ أبومحمد المقدسي ذكر أن السعودية من بين الأهداف الأهم لتنظيم “داعش”، ملمحا الى حاضنة التنظيم الاجتماعية التي قد يزيد عددها عن 100 ألف شاب سعودي.

وفي السياق عينه،رحبت الولايات المتحدة بقرار تركيا السماح لمقاتلين أكراد عراقيين عبور حدودها إلى سوريا للمشاركة في الدفاع عن مدينة كوباني التي يحاصرها مسلحو “داعش”.وكان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قال إن واشنطن أبلغت أنقرة أن إسقاط أسلحة للأكراد السوريين جواً لا يمثل تغييراً في السياسة الأميركية.

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، ثمنت في تصريح صحافي الخطوة التركية التي تظهر فيما يبدو التغير اللافت في موقف أنقرة حيال الحرب على المتطرفين، وموقفها من المقاتلين الأكراد.

التغير في الموقف التركي وفي استراتيجية أنقرة في سوريا جاء بالإعلان عن سماحها بمساندة المقاتلين الأكراد، حيث أكد وزير الخارجية التركي، مولود شاوش أوغلو، أن بلاده ستساعد هؤلاء المقاتلين على عبور الحدود للتوجه إلى كوباني. علماً بأن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كان قد رفض أخيراً الدعوات الموجهة إلى بلاده بتسليح وحدات حماية الشعب الكردية، الجناح العسكري لحزب “الاتحاد الوطني”، واصفاً الأخيرة بالمنظمة الإرهابية.

ورغم أن قرار الحكومة التركية جاء بعد عملية إسقاط للمساعدة العسكرية والطبية على كوباني فإن كيري سارع للإعلان أن واشنطن أبلغت أنقرة أن عملية إسقاط المساعدات لا تمثل تغييراً في السياسة الأميركية، مشيراً إلى أن عدم تزويد الأكراد في كوباني بالسلاح أمر غير أخلاقي، فيما اعتبر الأكراد هذه الخطوة متأخرة.

الاتحاد الأوروبي من جهته، حث تركيا على فتح حدودها والسماح بمرور الإمدادات إلى سكان كوباني.ورغم ضغوط حلفائها وفي طليعتهم الولايات المتحدة، لاتزال الحكومة التركية ترفض التدخل عسكرياً لمساعدة المقاتلين الأكراد السوريين الذين يصدون منذ أكثر من شهر هجوم تنظيم “داعش” على كوباني.تجدر الإشارة إلى أنه في فجريوم  الاثنين، ألقت طائرات شحن عسكرية من طراز “سي -130 ” إمدادات عسكرية من الجو على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في كوباني. وأوضح الجيش الأميركي أن مصدر هذه المساعدات سلطات إقليم كردستان العراقي.

من جهته، رأى العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني ان هناك “حرباً اهلية” تدور داخل الاسلام بين قوى “الاعتدال والتطرف”.وقال العاهل الاردني  خلال لقائه عدداً من النواب الاردنيين مساء امس ان “كل دول العالم بوضع حرب بين الاعتدال والتطرف، واليوم هناك حرب أهلية داخل الاسلام، لكن للأسف نحن كعرب ومسلمين لم نشعر لغاية الآن بخطورة هذا الوضع”.

ولفت عبد الله الثاني بحسب ما بيان صادر عن الديوان الملكي الاردني، الى ان هذا التطرف لا يقتصر على الاسلام بل يقابله تطرف في سياسة الكيان الاسرائيلي، وقال: “هناك تطرف إسلامي وأيضاً في المقابل يوجد تطرف صهيوني، وأنه إذا ما أرادت كل الأطراف الإقليمية والدولية محاربة هذا الأمر، فلا يمكن القول أن هناك فقط تطرف إسلامي، بل يجب الاعتراف بوجود تطرف في جميع الجهات”.

وتابع الملك الاردني ان على الجميع تحديد الموقف بين نهج الاعتدال والتطرف، موضحاً ان هذا الأمر لا يحتمل موقفا رمادياً.وفي السياق حذر العاهل الاردني من أن “الحرب على الارهاب” ستستمر لفترة طويلة، وقال ان “الحرب على الارهاب لن تكون على مدار عام أو عامين، بل هي حرب طويلة وتحتاج لسنوات، فإذا احتاجت الحرب العسكرية فترة قصيرة، فإن الحرب الامنية والايديولوجية ستأخذ وقتاً أكثر، ربما تمتد الى 10 او 15 عاما”.

واضاف ان “المملكة الأردنية الهاشمية كانت وستستمر على الدوام في محاربة الإرهاب والتطرف، بغض النظر عن مصدره، وجميع من يروجون له سواء باسم الدين، وهو منه براء، أو غيره”، موضحاً ان مشاركة الأردن إلى جانب دول شقيقة وصديقة في الحرب على الارهاب يصب في حماية مصالح المملكة وتعزيز أمنها، وسط ما تعانيه دول الجوار والمنطقة ككل من فوضى.

__________________

(*) – إعداد: هشام يحيى