حقبة “داعش” و”الإخوان”؟

الياس الديري (النهار)

في “ديوانيّة” من صنع المصادفة، ضمّت وزراء ونواباً سابقين وخبراء مخضرمين، طاف النقاش والحوار حول ظاهرة “داعش” و”الخلافة”، والحرب الشرسة على أرض “الدولة الإسلاميّة”، كما السيطرة على أجزاء واسعة من العراق وسوريا، وما قد يكون لاحقاً، والتطورات والمتغيّرات المحتملة.

مع أخذ الدور المباشر، وحتما غير المقصود، الذي لعبه “الربيع العربي” على هذا الصعيد في الاعتبار. وخصوصاً بعد انتشار الفوضى، وإتاحة المجالات والفرص أمام “المتربّصين” من التكفيريين والمتطرّفين…

في السياق ذاته، والمصادفة ذاتها، وجد المتحاورون أن صدور تقرير بريطاني يتحدّث بصراحة، ويعرض الوقائع والتفاصيل الدقيقة عن شبكة إخوانية بالغة التعقيد”تضم ما يصل إلى ستين منظمة داخل بريطانيا”، مسألة فيها نظر. بل تقول بالفم الملآن والبرهان الساطع إن التكفيريين ليسوا نائمين على آذانهم، أو أنهم تفرّقوا أيدي سبأ.
بل، ها هي لندن تكشف الغطاء عن مفاجأة ليست أقل حجماً وأخفّ وقعاً من قصّة ظهور “داعش” بكل عدّته وعديده.

ستون منظمة تعمل وتنشط في مختلف الحقول، ضمن بريطانيا طبعاً، هي على صلة مباشرة وحميمة بـ”الإخوان”، وتقدّم لهم الدعم المادّي والإعلامي والمعنوي على نطاق واسع.

والتقرير الذي اعتبر أنه بمثابة قرع ناقوس الخطر في أوروبا والعالم، يتحدّث أيضاً عن “شبكة لـ”الإخوان” في الخارج قد أسّست لها قواعد كبرى وفعّالة في لندن واسطنبول والدوحة، فضلاً عن انتشار واسع ونشيط للجمعيّات الخيريّة، والمراكز الاجتماعيّة، والقنوات التلفزيونيّة، وكلها عائدة إلى “الجماعة”.

على طريقة انتظرناهم من الشرق، فجاؤوا من الغرب. كان الغرب يظنّ أن التطرّف مُقتصر على الشرق. وعلى “تنظيم داعش”. فإذا بهذا التقرير يقول لدول الغرب بصورة خاصة حفظتم شيئاً وغابت عنكم أشياء…

وبما أن للبنان قرصاً في كل عرس حتى وهو يرفُل وينعم بكل هذا الفراغ، فقد التقى المتحاورون على أن الاستحقاق الرئاسي هو المادة الأساسية في امتحان “المسؤوليّة الوطنيّة” لمختلف المرجعيّات، والقيادات، ورؤساء الكتل النيابيّة، وسواهم.

خصوصاً أنّ التكفيريين والمتطرّفين لم يعودوا بعيدين من وطن الثماني عشرة طائفة. هذا إذا لم يكونوا قد دخلوا من الأبواب والنوافذ. وعلى مثال “الجماعة” في بريطانيا. وربما في مجالات وحقول لا تخطُر في بال.

إذاً، المزايدات في حقل الممانعة والمماطلة والتعطيل قد استُهلكت واستُنفدت. ولم يبقَ في الميدان ما يكفي من حجج تتيح للمعطّلين إمكان تحميل المسؤولية للآخرين.
إذا كنتم حقاً حريصين على لبنان ونجاته من “تسونامي التكفيريّين”، فها هي ساحة النجمة تفتح لكم ذراعيها.