طرابلس: التنمية المنتظرة

الأنباء- ليال البيطار

ثاني اكبر مدن لبنان بعد بيروت على بعد 85 كلم الى الشمال منها، فلم تعد طرابلس من اقدم المدن في العالم ورمز تاريخي واثري وحسب بل اصبحت من اكثرها فقرا وحرماناَ.

بلغ عدد سكانها في العام 2014 850000 نسمة، حيث تجمع بين مختلف الاديان، الا أنها ومع مرور الوقت هُمِشت وبات قاطنيها يرزحون تحت خط الفقر ومعظم المباني القديمة فيها مهددة بالتصدع والانهيار على رؤوس اصحابها، كما ان نسبة البطالة اخذت تشكل عائقا كبيرا امام تقدمها وازدهارها وهذا واقع ومؤشر فيما لو استمر فإن طرابلس ذاهبة الى ما هو اسوأ.

بعد عدد كبير من الدراسات والتقارير حول هذه المدينة التي اكدت حاجتها الماسة لمساعدة الدولة والوقوف الى جابنها انسانيا وانمائياَ واجتماعيا واقتصاديا لتعود وتنهض مما تعانيه من وضع مأساوي مفروض عليها طيلة العقود الماضية على الرغم من المؤتمر الذي عقد في السراي الحكومية ونوقشت خلاله انماء طرابلس في العام 2002 برعاية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولم ينفذ منها الا النذر اليسير.

كما ان الحكومات المتلاحقة اجمعت على وقوفها الى جانب المدينة ولكنهم لم يحركوا ساكناَ فعليا على ارض الواقع، مما أدى إلى وقوع كارثة حيث اظهرت الارقام التي باتت بيد الدولة اللبنانية وكل المؤسسات الدولية والامم المتحدة الى نسبة الفقر التي تطال اكثر من 59% من عائلات المدينة.

للوقوف على وضع طرابلس الحالي إلتقت “الانباء” رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر الغزال.

tabbaneh3

طرابلس من افقر مدن الشرق الأوسط لماذا همشت لتصبح على ما هو عليه ؟

ليست دقيقة هذه المعلومة كون المدينة تملك من المقومات الكثير الا انها الأكثر حرماناً على مدار السنوات، بل وحتى منذ انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، فهي بالرغم من كونها بقيت المثال الذي يحتذى به خلال سنوات الحرب، بحيث لم تشهد الاقتتال الدامي بين أبناء الطوائف والذي شهدته بقية المناطق، الا انها لم تحظ بالالتفات المطلوب، كون كل الحكومات سعت للاهتمام بمناطق الجنوب والجبل والعاصمة بيروت نظراً للأضرار التي لحقت بها، والرئيس الشهيد رفيق الحريري أولى العناية القصوى للعاصمة بيروت وأنشئت صناديق التبرعات بهذا الخصوص باستثناء مدينة طرابلس والتي بقيت لتعاني الاهمال والتهميش منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.

الحكومات لم تستجب رغم معرفتها بأوضاع المدينة. ماذا تقول للحكومة وما هو دوركم كرئيس بلدية طرابلس؟

المشكلة أن كل سياسي من مدينة طرابلس وبمجرد وصوله لسدة الحكم يبدأ بالحديث عن بيروت وينسى مدينته خوفاً من ان يتهم بالمناطقية. الواقع بأننا ومع النجاح في تطبيق الخطة الأمنية عقدنا عدة اجتماعات مع رئيس الحكومة تمام سلام واطلعناه على ضرورة اقتران الخطة الأمنية بخطط تنموية من شأنها رفع المعاناة والحرمان عن كاهل المدينة سيما منها منطقة التبانة، لكن ربما وبسبب الأوضاع السياسية الضاغطة والأمنية التي تتهدد البلاد والعباد فإن الحديث عن أي مشروع انمائي غير ممكن في الوقت الراهن.

ghazal

الواقع انني كرئيس لبلدية طرابلس ولاتحاد البلديات وبسبب الروتين الاداري القاتل والقوانين التي تحد من القيام بأي نشاط، كنت من السباقين في اتباع سياسة اللامركزية الادارية، وبالفعل نجحنا في جلب الكثير من المشاريع للمدينة ولمدن الاتحاد، مشاريع فاقت قيمتها ال 5 ملايين دولار.

الفقر والتطرف

نعلم بأن حالة الفقر تؤدي الى الانخراط في الحركات الاصولية والمتطرفة كيف تتداركون هذا الموضوع؟

ليس صحيحاً أن مدينة طرابلس تشكل بيئة حاضنة للتطرف والارهاب، إلا أن هناك هجمة شرسة عليها من بعض الوسائل الاعلامية خدمة لمصالح سياسية معينة. طرابلس كانت ولا تزال رمزاً للعيش الوطني الواحد، العيش المشترك والذي رفعت رايته منذ الحرب الأهلية وحتى اليوم.

قد يكون هناك استثناءات بسبب الوضع الاقتصادي السيء فيقوم بعض الشباب بالانخراط في بعض المجموعات بهدف تحقيق الربح المادي إلا أنهم لا يشكلون شيئاً وبالامكان معالجة الموضوع فور الانتهاء من هذه الأزمة التي تضغط على لبنان ككل وليس طرابلس وحدها.

ما هي المشاريع الانمائية التي تقومون بها لحل مشكلة البطالة التي تزداد يوم بعد يوم؟

كبلدية أقول بأننا نلجأ دائماً وعبر مركز التدريب المهني الى تدريب الشباب على الكثير من الأعمال المهنية والتي تساهم في إيجاد فرص العمل لهم، وبالفعل يحقق المركز الكثير من النجاحات وهناك العديد من طلبات الانتساب فضلاً عن المشاريع التي ينظمها المكتب التنموي في بلدية طرابلس والذي بدوره أيضاً يساهم في تفعيل دور الشباب .طبعاً هذا لا يعني أن مشكلة البطالة ليست قائمة بيد أن القضية تحتاج الى وجود الدولة وايمانها بانقاذ المدينة وخلق فرص العمل للشباب.

وختم الرئيس الغزال مؤكداً أن مدينة طرابلس تحتاج الى الكثير من الدعم الاعلامي وليس كما هو سائد من تشويه لصورتها والحاق الأذى بها وبأهلها، اليوم هناك الكثير من الضغوطات نتيجة الازدياد المتلاحق في عدد النازحين السوريين، وبالفعل نعاني كثيراً بغية تلبية الخدمات الا اننا سنستمر ونتابع مع كل المنظمات الدولية ومع السياسيين المعنيين بغية اجتياز هذه المرحلة الصعبة.

Mideast Lebanon Fighting

طرابلس اليوم لم تعد بحاجة الى المذيد من الدراسات والتقارير فالمدينة بات لديها مخزون كبير واصبح لدى الدولة اللبنانية وكل المؤسسات الدولية والأمم المتحدة الانمائية ومفوضية الاتحاد الأوروبي فائض من هذه الدراسات.

وكل ما تحتاجه هو عملية التنفيذ للخروج من هذا الواقع المرير الذي تعيشه الفيحاء وانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان. طرابلس كانت وستبقى مدينة الحياة والعيش المشترك، مدينة السلم رغم محاولات الحاقدين زجها في صراعات الغير، ستبقى طرابلس رمز الحضارة ورمز من رموز الوطن لبنان.