الرقص مع الذئاب

أحمد حسّان

هل تكفي النوايا الطيبة والأهداف الوطنية السامية والكبرى كي نأمن جانب الذئاب وننام بينها ؟!

وهل يكفي أن نهادنها، دون أن نهددها، كي ننام قريري العين ونأمن شرها ؟!

 ثم ماذا عن اليوم التالي عندما تعود هذه القطعان إلى ممارسة غريزتها في الغدر والقتل وغرز أنيابها بلحم وعظم ضحاياها؟!

إن الحكمة تقتضي، أنه إذا كان لا بد من الرقص مع الذئاب والنوم بينها بحكم الظروف والتطورات المتداخلة والمتلاحقة، أن ألا نتجاهل ضرورة حذر أنيابها لكي نأمن شرها ونزرع الخوف في أعماقها ونشعرها بأن الغدر الذي قد تمارسه سيرتد عليها بالويل والثبور وعظائم الأمور، وهذا يتطلب لتحقيقه حشد كل الطاقات الوطنية والتنسيق في ما بينها، وإعداد القوة الشرعية والضرورية اللازمة لها، فالأولوية الوطنية تقتضي ردع هذه الذئاب وتدجينها، ومن ثم تركها تتصيد رزقها إلى جانب القطعان الوادعة، التي تعيش تحت ضوء الشمس وتحيا على قوانين الطبيعة وتنعم بنصيبها من خيراتها ومائها وهوائها.

إن حماية البيت تحتاج لراع متمرس، يحمل عصاه في يده، يحفظ المسالك الوعرة عن ظهر قلب، ويعرف مكامن الخطر وكيفية تلافيه، ويعي تماماً بأن الإلتفاف حول التل لبلوغ قمته لا يعني مهابة وعورة الطريق ووحشتها، بل يعني أن الدروب إلى القمة متعددة، وأسهلها هو أءمنها.

إن من يطلب اليوم الأمن والأمان بغير منعة وحساب وحكمة، هو كمن يطلب صديقاً بلا عتب، فلا هو حاصل على هذا الصديق، ولا هو حاصل على الإطمئنان.

إن الزمن الذي نعيشه اليوم في لبنان لا يوحي بالأمان، ولا يبشر بالخير في ظل خريف عاصف، تلف برودته الجبال والوديان وستدفع الذئاب الكاسرة إلى بيوته الدافئة، وهي عندها لن تميز بين بيت وآخر، وستعض حتى اليد التي امتدت إليها بالإحسان، طالما أن هذه اليد عارية من أي قفاز يحميها.

قد نجد في كل مرّة من نلقي عليه اللوم في تعقّد مشاكلنا، ولكن هذا سيبقيها دون حل إذا لم نبادر بالتصدي لها ومواجهتها. وأن نكون على يقين بأن الإستنكاف عن معالجتها لن يغير في طبيعتها وواقعها، بل سيزيدها تعقيداً، وسيبقى الجدل حولها من باب السخرية وإضاعة الوقت، في وقت يتربص بنا خطر الوجود، وهو خطر أقرب إلى رقابنا من حبل الوريد.

إن معيار المواجهة الاول هو في القناعة بوجود أمرين يجب مراعاتهما والإلتزام بهما، الأول هو أن هناك حدود للمناورة في السياسة يجب إعادة النظر فيها وإيقافها عند حدود المصلحة الوطنية العليا، والثاني هو ضرورة تجميد الخلافات والحد من تغليب الإختلافات الإيديولوجية والسياسية بين فرقاء الداخل، أصحاب المصلحة في حماية وحدة الحياة الإجتماعية والإقتصادية والمصير الوطني المشترك،  والوقوف وقفة رجل واحد خلف مؤسسات الدولة وقواها العسكرية والأمنية والتي تشكل وحدها الضمانة لجميع فئات المجتمع اللبناني وبكافة توجهاتها وانتماءاتها.

هناك من يعي هذه المخاطر ويعمل على خلق البنية الإجتماعية والسياسية الوطنية القادرة على التصدي لها عندما يشتد الخطر، وهو يسابق عقارب الساعة لتحقيق ذلك، وفي جولات مراتونية لا توفر خصم أو صديق، ولا تتوقف أمام أي إعتبار أمني أو شخصي أو شعبوي.

هل من يلاقيه في صولاته وجولاته ويساعد نفسه بمساعدته على تجنب الوطن وتجنيبه سموم العقارب وغدر الذئاب…؟!

——————————————————

(*) أمين الإعلام في جبهة التحرر العمالي